نجت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بنظير بوتو، من الموت المحقق إثر وقوع تفجيرين انتحاريين استهدفا موكبها أول أمس بمدينة كراتشي، ساعات فقط بعد عودتها من منفاها الاختياري وأسفر التفجيران الأكثر دموية في تاريخ باكستان عن سقوط أزيد من 139 قتيل و 540 جريح من أنصار بوتو الذين فاق عددهم 200 ألف شخص جاؤوا من مختلف أنحاء البلاد للترحيب بها· وكانت بنظير بوتو قد تلقت تهديدات من قبل متشددين موالين لتنظيم القاعدة وحركة طالبان باغتيالها وهو مادفع بسلطات أمن كراتشي إلى تكثيف الاجراءات الأمنية، حيث قامت بنشر أزيد من 20 ألف شرطي لحماية موكب العائدة من المنفى· ولكن ذلك لم يمنع من وقوع الأسوإ، ووجهت انتقادات لاذعة للسلطات الباكستانية نظرا لعجزها عن تأمين الحماية لموكب الزعيمة السياسية بنظير بوتو· وقد ردت السلطات الباكستانية على هذه الاتهامات بإلقاء اللوم على بوتو ومساعديها لتجاهلهم للتحذيرات الأمنية لاسيما وأن حكومة مشرف كانت قد طالبت بوتو بإرجاء عودتها الى البلاد الى وقت لاحق· غير أن بوتو وأمام اعتبار السلطات الباكستانية أنه من المبكر تحديد الجهة التي نفذت التفجير المزدوج، وجهت أصابع الاتهام الى أنصار النظام العسكري السابق للجنرال محمد ضياء الحق· وقالت في حديث لصحيفة "باري ماتش" الفرنسية نشر أمس أن أنصار الجنرال ضياء الحق هم الذين يريدون قتلي، وأضافت بأنهم يقفون وراء ماوصفته بالتطرف والتعصب بباكستان· يذكر أن الجنرال ضياء الحق كان قد أطاح بنظام رئيس الوزراء الأسبق ذو الفقار علي بوتو والد بنظير بوتو سنة 1977 والذي أعدم سنتين بعد ذلك· الحادثة وإن كانت ربما متوقعة لدى الشارع الباكستاني لكن ليس بهذه الحدة تدفع الى طرح تساؤلات حول مصير المشهد السياسي في باكستان بعد عودة بوتو· وأكثر من ذلك فإن عديد المتتبعين يرون في عودة بوتو بأنها ستكون سببا في اطلاق موجة من العنف والأعمال المسلحة في البلاد، خصوصا وأنها جاءت قبل الانتخابات التشريعية المقررة شهر جانفي القادم· هذه الانتخابات التي تصر بوتو على خوضها رغم محاولة اغتيالها والتهديدات التي أطلقتها ضدها جماعات مسلحة تابعة لتنظيم القاعدة وطالبان والتي توعدت بشن هجمات عليها· وقالت بوتو أنها ستبقى في باكستان لقيادة حزبها في الانتخابات التشريعية القادمة وستواصل نضالها من أجل ارساء مبادئ الديمقراطية في باكستان· مقابل ذلك تواصلت أمس الادانات الدولية لتفجيري كراتشي والتي أجمعت في غالبيتها على توجيه أصابع الاتهام لها وصفوه بالارهاب بالوقوف وراء العملية الانتحارية· فقد أدان البيت الأبيض بشدة التفجيرين وقال في بيان أن المتطرفين لن ينجحوا في اجهاض الانتخابات المقبلة· من جانبه أصدر الأمين العام الأممي بان كي مون من نيويورك بيانا أدان فيه ماوصفه بالاعتداء الارهابي الذي استهدف موكب بوتو· كما أدان الاتحاد الأوروبي الاعتداء بشدة وذكرت الرئاسة البرتغالية للإتحاد أن هذا الأخير "يستنكر بشدة الاعتداء الارهابي على موكب بوتو، لاسيما وأن الضحايا كانوا يشاركون في استعراض سلمي في شوارع كراتشي"· الموقف نفسه عبر عنه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي دعا السلطات الباكستانية الى خلق الأجواء المناسبة للديمقراطية قصد اجراءالانتخابات التشريعية وتشديد الحماية على المسؤولين والسياسيين· من جانبه وجه رئيس الوزراء الأسترالي جون هوارد أصابع الاتهام الى تنظيم القاعدة، في حين اعتبر وزير الخارجية الكندي مكسيم برنييه أن الاعتداء يجهض الجهود التي تبذلها الحكومة والشعب الباكستاني لبناء مجتمع عادل وديمقراطي·