أحصت ولاية عنابة أكثر من 3 آلاف اعتداء على الأصول منذ بداية السنة الجارية، حيث تم إحالة ألف قضية على العدالة، تورط فيها أشخاص ينحدرون من الأحياء الشعبية، على غرار بوخضرة، سيدي سالم وحجر الديس والبوني، وكذلك عنابة وسط، تتراوح أعمارهم، حسب تقرير مصالح الدرك الوطني، بين 18 و35 سنة، وهي الفئة الأكثر تورطا في هذا النوع من القضايا، في الوقت الذي تم فيه إيداع 600 شخص آخر الحبس المؤقت، الأغلبية منهم من فئة الذكور، أما النساء فيمثلن نحو 100 امرأة، تم طردهن من طرف أهاليهم إلي الشارع ومن ثم التورط في مختلف قضايا الفساد والسرقة. وفي سياق متصل، سجلت مصالح الشرطة ألف شكوى تم إيداعها من طرف الآباء والأمهات كانوا قد تعرضوا لعملية العنف الجسدي ومن ثم الطرد التعسفي إلى العراء والبقاء دون مأوى. ولاحتواء هذه الظاهرة برمجت المصالح الولائية دارا للإنسانية بمنطقة وادي الذهب يقبع بها الآن 6 آلاف مسن، فيما تستقبل كنيسة القديسة لالا بونة في الشهر الواحد أكثر من 100 شخص مسن، ينحدرون من 7 ولايات شرقية. وهي الطارف وسكيكدة وقالمة، بالإضافة إلى سوق أهراس، عنابة، تبسة وقسنطينة، الأمر الذي أدى إلى عجز هذه المرافق عن استيعاب العدد الكبير للآباء الذين يقدر عددهم 12 ألف مسن. فيما يعيش نحو 35 % من الآباء الآخرين في أقبية العمارات وأزقة مدينة عنابة الضيقة، أين يتعرضون للاعتداءات الجنسية من طرف المنحرفين، الذين فرضوا منطقهم، حيث يستحوذون على الشوارع الرئيسية باستعمال الخناجر والأسلحة البيضاء من أجل تهديد النساء المسنات بالقتل، ومن ثم سلب كل ما يملكن من صدقات المارة. وقد أكد مختص علم الاجتماع بعنابة، أن ظاهرة الاعتداء على الأصول تصنف المراتب الأولى مقارنة بالجرائم الأخرى التي سجلتها المحاكم مثل السرقات والقتل العمدي هذا العام بالولاية، وحسب ذات الجهة، فإن اتساع دائرة الفقر والبطالة ساهما في تأجيج عمليات العنف، خاصة أن 60 % من الشباب عاطل عن العمل، الأمر الذي ساعد علي الانحراف الأخلاقي، ومن ثم استعمال العنف للاعتداء على الآباء بالضرب المبرح أو القتل من أجل الاستيلاء علي ما يملكونه إذا كانوا ميسوري الحال أو التخلي عنهم في ديار العجزة للاستحواذ على الممتلكات مثل المنزل والعقارات وغيرها. وفي سياق آخر أشار أساتذة علم النفس من جامعة باجي مختار، إلى أن العشرية السوداء كان لها تأثير قوي على المجتمع العنابي الذي تعرض لمختلف أنواع الترويع والترهيب، الذي خلق أشخاصا مزدوجي الشخصية أغلبهم غير أسوياء، خاصة أن الجماعات المسلحة كانت قد شردت أهالي القرى والمداشر إلى “الفيلاج” الذي تحول إلى مقصد لهم، بالإضافة إلى عمليات التهميش والإقصاء من البرامج السكنية، حيث يضطر الآباء وأبناؤهم إلى السكن في غرفة واحدة، كل هذا انجرت عنه فوضى في الحياة العامة، حيث تحجرت القلوب واختلط الحابل بالنابل ووجد الآباء أنفسهم عبأ، على أبنائهم ومن ثم طردهم إلى الشارع. وعلى صعيد آخر تطرقت دراسة كان قد قدمها أساتذة في علم الاجتماع خلال ملتقى حول الأصول، أن الأقراص المهلوسة والمخدرات بشتى أنواعها والتي تروج في أسواق المدينة، ساهمت هي الأخرى في تزايد عمليات الاعتداء العشوائي على الأولياء والتهديد بالأسلحة والخناجر لسرقة بعض الدريهمات من أجل اقتناء السموم وقد تتحول المشاجرة مع الأب أو الأم إلى جريمة قتل تدخل الجاني الحبس، ومن ثم الحكم عليه بالإعدام لتورطه في جريمتين الأولى الاعتداء على الأصول، والثانية القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد. ولاحتواء الظاهرة أجمع المختصون على ضرورة تدخل الحركات الجمعوية وكذلك الأئمة بالمساجد لتحسيس الشباب بخطورة الوضع. كما أن الدولة مطالبة ببناء مراكز للعجزة، وإعادة ترميم بعض دور الإنسانية لتوفير المرافق الضرورية لآبائنا وأمهاتنا الذين تم طردهم إلى الشوارع. تجدر الإشارة إلى أن مديرية النشاط الاجتماعي قد خصصت 500 مليار سنتيم لتعزيز مراكز العجزة وتدعيمهم بإعانات مالية.