انصبّت أغلبية آراء المجتمع المدني الذين تحدثت إليهم “المساء” فيما يخص أداء المنتخبين المحليين بالبلديات والمجلس الشعبي الولائي حول نقطة واحدة، والتي كانت عدم وفاء المسؤولين بوعودهم التي تقدموا بها خلال الحملات الانتخابية، مما ترتب عنه فقدان المواطن لثقته بهذا المنتخب الذي بدوره أظهر إخفاقه في المهمة التي ألقيت على عاتقه، ثم إن المنتخبين الحاليين نفسهم مع السابقين، لم يأتوا بجديد للولاية، فالتنمية لا تزال عالقة وأمثلة عديدة تؤكد ذلك، حيث مست مختلف القطاعات دون استثناء. وحسب من حاورناهم، فقد أصبح الاحتجاج بغلق الطرق، مقرات الدوائر والبلديات وعدة إدارات بولاية تيزي وزو، الملاذ الأخير أو الباب الوحيد الذي يستطيع فيه المواطن التعبير عن انشغالاته وإسماع صوته للمسؤولين المحليين، أمام غياب لغة الحوار والاتصال الذي كان بالإمكان بواسطته حل مشاكلهم وتفادي إحداث شلل في مصالحها، ولم يكلف المنتخبون المحليون أنفسهم لمقابلة المواطنين والاطلاع على ما يشغل بالهم ويرهقهم للتكفل بها وحلها.
ميزانيات شحيحة، وعود بالجملة ومشاريع في خبر كان
تواجه عدة مشاريع بالولاية تأخرا كبيرا، حيث أصبحت مدن الولاية عبارة عن ورشة لا تنتهي الأشغال بها، إذا بدأت فلا تستلم في وقتها أو تبقى رهينة سنوات يطالها الغبار لأسباب مختلفة، لتجد بذلك البلديات نفسها عاجزة على الاستجابة لانشغالات سكانها. بسبب ميزانياتها القليلة، حيث لا يمكنها الأخذ بعين الاعتبار مطالب السكان، خاصة بالنظر للتضاريس التي تتميز بها الولاية وقراها، كما أنهم لا يبذلون جهودا للمطالبة بميزانيات إضافية، وحتى هناك من البلديات التي لا تستهلك ميزانياتها لإنجاز المشاريع خاصة فيما يتعلق بالبيئة، رغم حاجة المواطنين الماسة إليها. فتحقيق التنمية مرهون بتضافر جهود الجميع بما فيهم المسؤولون والمجتمع المدني، لكن ما هو ملموس يقول أهل المنطقة بعيد كل البعد عما يجب أن يكون، ذلك أن كل مسؤول يعمل لوحده دون وجود أي تنسيق أو اتصال لإنجاز مشروع معين، ليجد بذلك المواطن نفسه محصورا بين هذا وذاك، يدفع فاتورة قرارات متضاربة بتضارب الأهداف والانتماءات الحزبية، حيث ينسى المنتخبون أن المواطن وضعهم بهذا المنصب لا لخدمة نفسه أو حزبه وإنما لخدمة المصلحة العامة والتخفيف من العبء الثقيل الملقى على عاتقه، بتسهيل أموره والاستجابة لانشغالاته. ويضيف محدثونا أن المسؤولين يلجؤون، وفي كل فرصة، لتهدئة الأوضاع بتقديم وعود بالجملة، لكنها سرعان ما تتبخر، فمنهجيتهم غير صالحة لإقناع المواطن بتيزي وزو بعدما أدرك أن المنتخبين المحليين الحاليين، مثلهم مثل السابقين يعدون ولا يوفون، كما أنهم لا يبذلون جهودا لرفع انشغالات السكان إلى الجهات المعنية للنظر فيها والتكفل بها، مما عكر صفو حياتهم، حيث أن هناك أمثلة كثيرة تؤكد إخفاق المسؤولين في المهمة الملقاة عليهم، أمام النقائص التي يواجهها السكان من؛ أزمة الماء، طرق مهترئة، انقطاعات متكررة للتيار، تسرّب المياه المستعملة في البيئة والمحيط، انتشار واسع للنفايات، حيث تندد جمعيات حماية البيئة بهذا الشأن فيما يخص الإهمال الذي طال البيئة أمام الانتشار الكبير للأوساخ، خاصة عاصمة الولاية التي تنام على ما قيمته 32 مليار سنتيم الموجودة بخزينتها، فيما تشكو شوارعها وإحياؤها من مشكل تكدس النفايات، حيث أبدت الجمعيات الناشطة في هذا المجال استغرابها من الفائدة من إبقاء هذه الميزانية في الخزينة، وعدم استغلالها لوضع حد لزحف القمامة من جهة، وتوفير أجواء مريحة وصحية للمواطن الذين يعاني من التلوث، نتيجة تحول المحيط إلى مفرغات عشوائية، وغيرها من المشاريع العالقة التي تؤكد عدم وجود تنسيق وتعاون بين المسؤولين ومدراء القطاعات وكذا تهاونهم في تحقيق آمال المواطنين الذين يطمحون للعيش في ظل حياة كريمة وظروف مواتية.
الإضرابات والاحتجاجات تأكيد على فشل المنتخبين في أداء مهامهم
أكد أغلبية المواطنين الذين تحدثنا إليهم، بأن سلسلة الاحتجاجات والإضرابات التي شهدتها الولاية كانت نتيجة عدم أداء المنتخبين المحليين لمهامهم، حيث بمجرد وصولهم للكرسي، لا يبصرون ولا يسمعون، فالشعارات التي يعتمدون عليها خلال الحملات الانتخابية سرعان ما تتبخر بمجرد بلوغهم الهدف، ليصبح المواطن لا هدف منه ولا حاجة له، لتعاد الكرة مرة أخرى مع الاستعداد لموعد انتخابي آخر، حيث يقول أحد المواطنين من مدينة تيزي وزو: “أمام انسداد جميع الطرق للوصول إلى المسؤولين، يضطر المواطن إلى الاحتجاج لإسماع صوته، مشيرا إلى أنه على المسؤولين إدراك أنه لا خيار آخر أمام المواطن، وأنه لو قام كل مسؤول بعمله كما ينبغي لما كان هناك احتجاج ولا إضراب”، ويضيف آخر؛ “إن المنتخبين لم ينجحوا في مهمتهم حتى وإن سعى البعض لسد بعض الثغرات، لكنها تبقى قليلة وبعيدة عن وعودهم، وأنهم ومع اقتراب الانتخابات، يجددون شعاراتهم البراقة لاستمالة المواطنين وكسب أكبر قدر ممكن من الأصوات”.
المنتخبون غائبون في وقت الحاجة كما شدد السكان على التأكيد بأن أغلبية المنتخبين لا وجود لهم في الوقت الذي يحتاجون إليهم، فقد واجه سكان القرى خلال تساقط الثلوج ظروفا قاسية، وكان الفضل في بقائهم أحياء لعمليات التضامن الشعبي، حيث تجند المواطنون من مختلف القرى والمدن لمساعدة غيرهم، من خلال توفير الملبس والأكل وكذا تزوديهم بقارورات غاز البوتان والبنزين، ولم يظهر المسؤولون إلا بعد استقرار الأوضاع، باستثناء البعض منهم الذي ساهم بما استطاع، كون القضية متعلقة بضمان بقائه حيا كغيره من سكان القرية، وهناك من المنتخبين المحليين الذين يظهرون فقط عند حضور الوزير، أو عبر أمواج الإذاعة وشاشة التلفزيون، للتأكيد على أنهم يعملون ويبذلون جهودا، لكن الواقع المعاش بعيد عما يقولون، الأمر نفسه بالمجلس الشعبي الولائي الذي تغمره وفي كل دورة شجارات ومناوشات ونزاعات سياسية، فالمجلس لم يقم بمهامه في مواجهة أزمة الثلوج والحرائق التي شهدتها الولاية، واكتفى، بعد مرور العاصفة، بتنظيم يوم دراسي لتقديم الحصيلة، فيما كان على أعضائه أن يكونوا في الميدان إلى جانب المواطن الذي لا حول ولا قوة له يواجه الموت بإمكانيات بسيطة. كما أن الأرقام التي تقدم في المجلس الشعبي الولائي وفي كل الدوارات هي أرقام المخطط الخماسي، وفي كل مرة يقدمون نفس الأرقام ويتحدثون عن نفس المشاريع ونفس المدن التي استفادت منها، وكأن الولاية لا تحوي سوى تلك المدن، فيما تبقى المدن الأخرى تواجه النقائص، بينما أخرى يجرفها فيضان المشاريع والإنجازات. ملف آخر أخفق المنتخبون المحليون والمجلس الشعبي الولائي في معالجته، والمتعلق بالوضع الأمني واستفحال الاختطافات، ففي كل الهَبّات الشعبية لا يظهر المنتخبون بالمجلس الشعبي الولائي والبلديات، ما عدا بعض “الأميار” في حالة تسجيل العملية في بلدياتهم، كما نجد أحزابا سياسية بتيزي وزو، حاليا، ستقصي أغلب المنتخبين المحليين من القوائم، والسبب هو فشلهم في العهدة الانتخابية الماضية.
المنتخبون يتذكرون سكان الأرياف في المواعيد الانتخابية فقط من جهتهم سكان الأرياف، وككل مرة، ينتقدون الإهمال الذي يطالهم بعد مرور الحملات الانتخابية والإعلان عن النتائج، حيث أكدت الأغلبية الساحقة من سكان بعض القرى الذين تحدثنا معهم عبر مدن عين الحمام، مقلع، أعزازقة، تيقزيرت، ماكودة، بوزقان وتيزي وزو، أن المنتخبين المحليين قد أخفوا في مهمتهم، مؤكدين أن القضية لا تتعلق بالحاليين فحسب، بل حتى الذين من قبلهم، وأن سياسة التسيير نفسها، رغم تناوب الأحزاب على الكرسي، لم تغير من شيئا، مشيرين إلى أن المسألة ليست متعلقة بالانتماء الحزبي أو الأفكار المروّج لها، لكن لا يوجد من يكون في مستوى الثقة التي وضعت فيه، ويعمل على تلبية احتياجات السكان. ولقد أدى الوضع بالسكان إلى القول بأن كل المنتخبين في نفس الوعاء، همهم الوحيد الوصول إلى سدة الحكم وتحقيق أحلامهم وكسب الثروة على حساب المواطن، ليكون وبعد انتهاء العهدة قد بلغ مراده، فيما يفقد المواطن المسكين ثقته فيه، محاولا وضعها في آخر، أملا منه أن يكون عند حسن ظنه لكن يتبين فيما بعد أن المنتخب السابق والحالي كأنه شخص واحد بوجهين مغايرين. وعبر أزيد من 20 قرويا استجوبتهم “المساء” بشأن أداء المنتخبين المحليين بتيزي وزو، عن عدم رضاهم للوضعية التي تلي المواعيد الانتخابية، أمام نسيان المسؤولين لما وعدوا به، والهدف من اختياره هو من دون غيره لتولي تسيير شؤون منطقته، حيث دفعهم الوضع إلى حد القول؛ إن المنتخبين المحليين يتذكرون سكان الأرياف في المواعد الانتخابية فقط، حيث أن ما ذاقه السكان خلال الاضطرابات الجوية في فيفري الفارط، إثر تساقط الثلوج، يعد درسا لهم في المستقبل، فقد تبينت لهم الصورة الحقيقية للمسؤولين الذين حمّلوهم مسؤولية المعاناة التي عاشوها، والتي كانت نتيجة عدم إنجازهم لمهمتهم كما ينبغي وعدم التكفل بمطالبهم على أتم وجه، لاسيما فيما تعلق بالمطالبة بالربط بالغاز الطبيعي، إعادة تهيئة شبكة الطرق، وشبكة الماء الشروب، والتي تعد من بين أهم الضروريات التي يحتاج إليها سكان القرى.