كشف البروفيسور عمار خوجة، مختص في الأمراض الجلدية، أن مرضى الصدفية يعانون على الصعيد النفسي والاجتماعي أكثر من معاناتهم من المرض نفسه، مشيرا إلى أن نظرة الازدراء التي تسود المجتمع تجاه هذا المريض تجعله يعتزل الحياة الاجتماعية، كما أن الجهل بالمرض نفسه قد يساهم في حالات الإصابة به، مؤكدا أن حدة المرض تعتمد على عمر المريض وعوامل أخرى. وقال خوجة في تصريح له بمناسبة اليوم العالمي للصدفية أن المرض لا يوجد سبب واحد للإصابة به، مستبعدا أن تكون الضغوط النفسية وراء الإصابة به. قال المختص في الأمراض الجلدية، عمار خوجة، بمناسبة اليوم العالمي للصدفية المصادف للتاسع والعشرين من أكتوبر، أن الرهان الأساسي حاليا يبقى تحسيس السلطات الصحية بمجتمعنا بضرورة الاعتراف بالصدفية وتسهيل التكفل به وتضييق نطاقه خاصة أنه لا يوجد شفاء تام منه. والصدفية مرض جلدي مزمن يتميز بظهور بقع حمراء تغطيها قشور ذات لون فضي ولها أحجام مختلفة وتظهر غالبا على فروه الرأس والركبتين والمرفقين وأسفل الظهر والكاحل وعلى أظافر اليدين والقدمين والصدر والبطن وظهر الذراعين والساقين وراحتي اليدين وأخمص القدمين، وهي تؤدي إلى حفر الجلد وتغير لونه وأحيانا إلى تشقق الأظافر. وبحسب دراسة الحالة الوبائية لداء الصدفية قامت بها مجموعة من 119 طبيبا منهم 24 طبيب جلد خلال العام الجاري، فقد أظهرت أن نسبة تطور الصدفية في الجزائر في تزايد إذ بلغت 10.26 لكل ألف ساكن يعني أن 1 بالمائة من سكان الجزائر مصابون بالصدفية أي حوالي 500 ألف مصاب، بمتوسط سن يصل إلى 44 سنة ومن الجنسين. كما تظهر الدراسة ان 32.6% من الإصابات تحدث في نطاق عائلي، ما يعني أن مرض الصدفية قد يكون وراثيا. «يكفي ان يكون فردا واحدا من العائلة الواحدة مصابا بالصدفية حتى يصيب المرض أفرادا آخرين وغالبا ما يكونون من الأطفال الذين يشكلون 30 % من مجموع الإصابات»، يقول البروفسور خوجة. وقد أسهب البروفسور في زيادة وعي الصحفيين في لقاء علمي جمعه بهم مؤخرا بهيلتون الجزائر بموضوع الصدفية، واعتبرهم حلقة وصل هامة لتحسيس السلطات الصحية بضرورة التكفل الجدي بهذا المرض المزمن من جهة وزيادة الوعي المجتمعي بالمرض من جهة أخرى، وشدد البروفسور على الجانب النفسي الاجتماعي للمصابين بالصدفية وقال إن من بين الأعراض التي تبرز لدى هؤلاء، الخشية من نظرة الغير وفقدان الثقة بالنفس «فالآثار النفسية للإصابة تبقى هامة، مما يؤدي بالمريض إلى الانعزال عن الناس وأيضا عن أسرته، مع هواجس الخوف والخجل التي تنتابه دائما وهو ما يظهر في تسجيل 11 % من الانهيارات العصبية لدى المرضى»، يقول المختص مع الإشارة إلى «أهمية زيادة الوعي لدى الفئة العمرية 16-24 سنة وإبعادهم عن شبح الانعزال المجتمعي وبالتالي حمايتهم من أفكار سوداوية مسبقة كالانتحار مثلا، لان ثقافة المظهر سائدة بمجتمعنا جراء تأثيرات الفضائيات والإشهار الترويجي لمنتجات التجميل»، يضيف. ويؤثر مرض الصدفية سلبا على نوعية الحياة الاجتماعية والمهنية للمصابين، وقال المختص عجز الأبحاث العلمية عن علاج داء الصدفية، أسهم في مضاعفة معاناة المرضى، رغم التطورات المسجلة على هذا المستوى، إلا أنّ الملاحظ أن الكثير من المرضى لا يُبالون بالصدفية وانعكاساتها، بالرغم من أنهم يريدون التخلص منها في وقت وجيز كونها تؤثر على مظهرهم الخارجي، إذ تشير الأرقام إلى ان 70% من المستجوبين يجهلون ان الصدفية مرض مزمن وهم مطالبون بمتابعة العلاج مدى الحياة. في الوقت الذي يعتقد 20 % من المستجوبين خلال الدراسة بأن الصدفية مرض معد. ويركّز الأستاذ عمار خوجة على أنّ العلاج يستغرق عادة أشهرًا عديدة ويتطلب عنصر الانتظام والمواظبة لدى المريض لذا ينصح المختص المصابين بالتحلي بالصبر فقد تصل مدة العلاج إلى حوالي تسعة أشهر على الأقل دون أي انقطاع، حيث يمتد علاج الصدفية ويتوزع على أربع مراحل: موضعي، علاج ضوئي، علاج كيميائي عن طريق الحقن، وصولا إلى العلاج البيولوجي. ويشرح المختص ان خلايا الجلد الموجودة في الجزء الخارجي منه تنقسم وتزداد في العدد لتكون الطبقات الخارجية ثم تسقط في النهاية وذلك بمعدل مرة واحدة كل 28 يوما تقريبا، إلا أنه في حالة إصابة الجلد بمرض الصدفية فإن هذه العملية تحدث في فترة قصيرة تصل إلى حوالي 5 8 أيام مما يؤدي إلى ظهور تلك الطبقات السميكة والمغطاة بخلايا الجلد المنقسمة وغير المكتملة النمو.ويؤكد أنه يمكن التعايش مع هذا المرض بتفهم طبيعته وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول علاجه وأسبابه مع زرع الإرادة القوية في نفس المريض للتغلب عليه. وقد تحدث الصدفية بصورة حادة، بيد أنّ أغلب حالاتها مزمنة، ويوجد في العالم حوالي 90 مليون إنسان مصاب.