حققت الجزائر تقدما هاما في المجال الأمني بجميع أشكاله وعلى كافة المستويات، مما بوأها مكانة متقدمة ضمن محيطها العربي والقاري رغم حداثة خروجها من عشرية سوداء كادت أن تجرها إلى ذيل الترتيب العالمي لولا نجاعة الاستراتيجيات المنتهجة في السنوات الأخيرة خاصة تلك المتعلقة بالتوعية والتحسيس الذي ارتكز أساسا على الوسط التربوي. وسيتم التركيز على هذا المحور خلال أشغال المؤتمر 36 لقادة الشرطة العرب المزمع تنظيمه يومي 9 و10 ديسمبر القادم والذي سيسلط الضوء على جهود الجزائر وتجربتها الرائدة في هذا المجال وكذا في مجال أمن المواطن العربي والحدود. وخلال محاضرة نشطها، أمس، مدير الوحدات الجمهورية للأمن عميد أول للشرطة لخضر دهيمي بالمدرسة الوطنية للإدارة بحيدرة حول أهمية الأمن والتوعية به في المنظومة التربوية، أكد أن بلادنا اليوم في موقع قوة يؤهلها للحديث عن تجربتها في المجال الأمني وسبل التوعية به بجميع الهيئات والمؤسسات خاصة في المنظومة التربوية التي تعد المنطلق الرئيسي للتوعية والتحسيس في جميع المجالات خاصة الأمنية منها. وأوضح المتحدث أن المديرية العامة للأمن الوطني تيقنت أن أساس نجاح أية مبادرة أو استراتيجية يتوقف على بدايتها والشرائح المستهدفة منها ومنه جاء التركيز على المنظومة التربوية باعتبار الطفل المتمدرس هو مستقبل الأمة كما انه -أي الطفل- أحسن ناقل ومتلق للمعلومة أيا كان نوعها وهو أيضا مدرسة إن احسنتَ تنشئتها أحسنتك العطاء والعكس صحيح يضيف السيد دهيمي الذي تعمق كثيرا في مفهوم الأمن وعلاقته بالتعليم وكذا ضرورة التحسيس به في كل مكان وزمان. وانتقد مدير الوحدات الجمهورية للأمن افتقار المناهج الدراسية لمختلف الأطوار التعليمية لمواضيع جادة تتناول الدور الفعال والإنساني الذي يقوم به رجال الأمن في الميدان، مشيرا إلى أن كل ما يتم التركيز عليه الآن هو مجرد رسومات تمثل الشرطي في زيه وتحصره في صفارته وتسيير حركة المرور.. داعيا وزارة التربية والقائمين على إعدادا المناهج إلى بذل المزيد من الجهود بغية الخروج بمناهج جادة تجسد دور الشرطي في زرع ثقافة السلم والأمن. وأعطى المحاضر أهم دعائم البناء الحضاري الذي يجب أن يرتكز أولا على الأمن والتعليم لما لهما من أبعاد وإسقاطات مستقبلية على كافة المستويات والأصعدة داخليا أو خارجيا مستشهدا بنماذج واقعية لدول صنعت مجدها وتطورها انطلاقا من سياساتها اليومية القومية التي ترتكز على عامل الأمن باعتباره أساسيا ومن ثم التعليم والبناء.. وليس بعيدا عما حققته بعض الدول استشهد السيد دهيمي بنصوص قرآنية وأحاديث تطرقت لمفهوم الأمن. وخلال السنوات الأخيرة انتقلت الإستراتيجية المطبقة من قبل المديرية العامة للأمن الوطني من التركيز المفرط على الردع إلى التوعية، الوقاية والتحسيس لما لا أعطته هذه السياسة الحضارية والحكيمة من نتائج ايجابية في الميدان وذلك بفضل برامج توعوية مترجمة بنشاطات جوارية ساهمت في تقريب المؤسسة الشرطية من المواطن ونسج علاقات وطيدة وتفاعلية معه وبالتالي سهلت من مهام مصالح الأمن في تمرير برامجها ورسائلها الهادفة إلى توعية المجتمع وتأمينه. ولم يفوت طلبة المدرسة الوطنية للإدارة الذين حضروا اللقاء فرصة تواجد إطارات من المديرية العامة للأمن الوطني وكذا السيد دهيمي الذي تحصل على لقب "رجل الأمن العربي المميز" لسنة 2011 دون السؤال عن إمكانيات الجزائر في مجال الاستجابة للمتغيرات الأمنية الحاصلة الآن على غرار الجريمة الالكترونية وكذا حماية القصر والأطفال من مخاطر الانترنت وغيرها من المواضيع التي لها علاقة بتربية النشء واستقرار المجتمع.