واصلت إسرائيل عدوانها الدموي على قطاع غزة لليوم الثامن على التوالي بشن أزيد من مائة غارة خلفت المزيد من الشهداء والجرحى في وقت تعمل فيه الوساطة المصرية جاهدة وبدعم دولي من أجل التوصل إلى هدنة ووقف لإطلاق النار في أقرب وقت ممكن. وسقط، أمس، ستة شهداء جدد من بينهم طفل في غارات إسرائيلية إحداها استهدفت مدينة غزة وأخرى استهدفت المبنى الذي يضم وسائل الإعلام الأجنبية ومنها وكالة الأنباء الفرنسية والذي استهدف أول أمس بقصف جوي إسرائيلي دون أن يؤدي الى سقوط قتلى. ومنذ انطلاق ما اصطلحت إسرائيل على تسميتها عملية "عمود السحاب" الأسبوع الماضي استشهد أزيد من 140 فلسطينيا غالبيتهم العظمى من الأطفال والنساء، فيما أصيب أزيد من ألف آخرين جراء الغارات الإسرائيلية العشوائية التي تستهدف سكان القطاع. بالمقابل، قتل خمسة إسرائيليين من بينهم جندي واحد فقط.وأقر الجيش الإسرائيلي، أمس، بشنه مزيدا من الغارات الجوية ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء زعم أنها استهدفت أكثر من "مائة موقع إرهابي" في إشارة إلى عناصر المقاومة الفلسطينية، لكن وكما جرت العادة فإن الضحايا كانوا من المدنيين العزل من أطفال ونساء والتي تريد إسرائيل إيهام العالم بأنهم إرهابيين. وردت المقاومة الفلسطينية على هذه الغارات بإطلاق مزيد من القذائف الصاروخية على جنوب إسرائيل ليصل عدد الصواريخ التي أطلقتها إلى 830 قذيفة زعمت قوات الاحتلال أنها دمرت 390 قذيفة بالنظام المضاد للصواريخ القبة الحديدية "ايرون دوم" والذي من المفروض أن يكون من أقوى الأنظمة الدفاعية، لكنه يبدو أنه عجز عن التصدي للصواريخ الفلسطينية. وأمام استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حلت، أمس، وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون بالعاصمة القاهرة، قادمة من فلسطينالمحتلة لإجراء مباحثات مع الرئيس المصري محمد مرسي، الذي يقود مساعي الوساطة بين الطرف الفلسطيني وحكومة الاحتلال.وإلى غاية أمس، لم تتمكن الوساطة المصرية من إقناع الجانبين بالتوقيع على اتفاق هدنة جديدة رغم أن الرئيس مرسي كان قد أكد قرب التوصل إلى هذه الهدنة التي تريد إسرائيل أن تكون وفق شروطها وخدمة لمصلحتها. وهو ما يفسر قدوم كلينتون إلى القاهرة لممارسة مزيد من الضغط على المسؤوليين المصرين لحملهم على ممارسة ضغوط على حركتي المقاومة الإسلامية "حماس" والجهاد الإسلامي لوقف إطلاق القذائف الصاروخية التي أرعبت الشارع الإسرائيلي رغم أن مفعولها لا يرقى لنفس درجة مفعول طائرات "إف-16" والمدفعيات الإسرائيلية. ولا يبدو أن التوصل إلى هذه الهدنة بالأمر الهين، خاصة وأن المقاومة الفلسطينية تمسكت بحقها في الدفاع عن النفس وهو حق تكفله كل الشرائع الدولية، لكن بالنسبة لوزيرة الخارجية الأمريكية وحتى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فهذا الحق هو ملك لإسرائيل وليس لشعب فلسطيني أعزل. فقد اكتفى بان كي مون، أمس، خلال وجوده بمدينة رام الله بالضفة الغربية، حين التقى الرئيس محمود عباس بمطالبة المقاومة الفلسطينية بالوقف الفوري لإطلاق صواريخ القسام ضد الأهداف الإسرائيلية. من جانبه، أوفد الرئيس الفلسطيني مبعوثا خاصا عنه إلى العاصمة الصينية لبحث العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وقالت هوا تشون ينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، إن "بسام الصالحي، الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني سيصل إلى الصين اليوم في زيارة تستغرق ثلاثة أيام"، مضيفة أن بلادها "تولي الوضع الحالي في غزة اهتماما بالغا وهي على اتصال وثيق بإسرائيل وفلسطين وبلدان أخرى وتدعو كل الأطراف، خاصة إسرائيل للتحلي بأقصى درجات ضبط النفس ووقف إطلاق النار بأسرع ما يمكن تفاديا لتفاقم الوضع" أكثر مما هو عليه.