دعوة لإدراج الفكر السياسي والإصلاحي للرجل في المناهج التربوية نوّه الكاتب والباحث الصحفي، السيد عمار بلخوجة، أمس بالجزائر العاصمة، بالمسار التاريخي الثري والمشوار النضالي للراحل فرحات عباس، أول رئيس للحكومة الجزائرية المؤقتة في 1958، ومؤسس حزب أحباب البيان والحرية، مشددا -في السياق- على أهمية إدراج الفكر السياسي والإصلاحي لهذا الرجل في المقررات والناهج التعليمية قصد تسليط الضوء أكثر على مؤلفاته ورصيده المعرفي. وفي الاطار، أكد المؤرخ والكاتب الصحفي، السيد عمار بلخوجة، في ندوة صحفية نشطها بمقر المركز الصحفي لجريدة ”دي كا نيوز” ببن عكنون بالعاصمة، بحضور بعض رفاق الفقيد وطلبة، أن المجاهد فرحات عباس كان رجلا ملتزما من خلال خصاله الإنسانية والفكرية والنضالية والسياسية لكونه كان يتمتع بثقافة كبيرة برزت أكثر في كتاباته أثناء وبعد الثورة التحريرية المجيدة.وأوضح السيد بلخوجة أن الفقيد فرحات عباس تميّز بنضاله السياسي المتواصل لأزيد من 30 سنة من النشاط وهو ما دلّت عليه الكتابات والمقالات والإبداعات الفكرية التي تركها، داعيا إلى ضرورة إثراء هذا الرصيد الفكري والمعرفي من خلال أرشفته وإقراره في مناهج التعليم الدراسية في مختلف الأطوار. وتناول المحاضر -في السياق- مختلف المقالات التي كتبها الراحل قبل اندلاع ثورة الفاتح نوفمبر المباركة، متوقفا عند أول مقالة تم نشرها في 1931 في اليومية الناطقة بالفرنسية ”نري دينيون” والتي تطرقت لحالة البؤس والشقاء التي كانت تعيشها طبقة الفلاحين الجزائريين في تلك الفترة. كما دعا إلى ضرورة العمل أكثر للتعريف بهذه الشخصية التاريخية التي لم تعطى حقها من الكتابة والتأريخ حتى بعد مرور 50 سنة عن استقلال الجزائر، معتبرا أن هذا الرجل كان ضحية ظلم وتهميش من قبل أطراف حاولت التعتيم على صورته لدى الرأي العام وهذا رغم الخبرة السياسية والعلمية التي كان يتمتع بها مما جعله أحد أعلام النخبة الوطنية المتميزين، يضيف المتحدث. من جهة أخرى، تطرق الكاتب لأبعاد الصراع السياسي الذي ساد الساحة الوطنية عقب الاستقلال الذي تزامن ونشأة المجلس الوطني التأسيسي سنة 1962 الذي ترأسه الفقيد، إلى جانب إبرازه للأحداث المتسارعة التي أعقبت كل ذلك وانعكاساتها على تهميش وظلم هذا الرمز من رموز الحركة الوطنية. وذكّر المتدخلون في إطار هذه الندوة بأن فرحات عباس كان من المساندين والمدافعين عن فكرة الحوار والتشاور ونبذ احتكار الكلمة والانفراد باتخاذ القرار، معتبرين أن هذه المبادئ كان الرجل يرافع من أجل تكريسها لتسيير شؤون الدولة الجزائرية حديثة الاستقلال في ذلك الوقت. كما أجمعوا في الأخير على أهمية تخليد المسيرة التاريخية للفقيد وجعلها مرجعا للطلبة والشباب حتى يستلهمو قيم الشهامة والبطولة وحب الوطن. للإشارة، يعد المرحوم فرحات عباس من مواليد سنة 1899 بالطاهير ”جيجل”، عرف عنه تردده على المدرسة القرآنية قبل مزاولته لتعليمه الثانوي بسكيكدة لينتقل بعدها إلى جامعة الجزائر لدراسة الصيدلة. بدأ الفقيد نضاله السياسي في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ليترأس بعدها ودادية الطلبة المسلمين لشمال إفريقيا من 1927 إلى 1931، كما يعد أيضا مؤسس جمعية ”أحباب البيان والحرية”، فضلا عن تأسيسه مناصفة للاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري، وقد تولى منصب رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية من سنة 1958 إلى 1962 لينتقل الفقيد إلى الرفيق الأعلى سنة 1985.