عَُرض أمس فيلم ”مولود فرعون” من إخراج وكتابة علي موزاوي، بمنتدى ”المجاهد” بحضور ابنيّ الكاتب الفقيد علي وفازية وتّم خلاله التطرّق إلى حياة صاحب رائعتيّ ”ابن الفقير” و«الأرض والدم” الذي تمرّ مائة سنة على ميلاده. نوّهت فازية فرعون، أستاذة علم الاجتماع بجامعة الجزائر بطريقة إخراج فيلم ”مولود فرعون”، مشيرة إلى أنّ المخرج علي موزاوي الذي تعذّر عليه الحضور، ركّز أكثر على الجوانب الثقافية في حياة والدها وهذا بعيدا عن الجوانب السياسية والإيديولوجية وهو ما راق لها كثيرا، قائلة إنه حان الوقت لكي نسلّط الضوء أكثر على كل ما هو ثقافي في مجتمعنا وكذا كل ما له علاقة بهويتنا. من جهته، تحدّث علي فرعون أكبر أولاد الكاتب، عن ظروف إنجاز هذا الفيلم فقال أن المخرج موزاري أراد أن يصنع الفيلم في سنوات الثمانينات إلاّ أنّه تعذّر عليه تحقيق ذلك بسبب انعدام التمويل، كما أنّه لم يستفد من الميزانية التي خصّصت لتظاهرتيّ سنة الجزائر بفرنسا والجزائر عاصمة الثقافة العربية ليتحقق الحلم أخيرا وتقبل وزارة الثقافة في تدعيم الفيلم. وأضاف علي فرعون رئيس مؤسسة ”مولود فرعون لأجل الثقافة والتربية” أنّه سطّر رفقة أعضاء المؤسسة برنامجا ثقافيا وفكريا طيلة السنة الجارية بمناسبة الاحتفال بمرور مائة سنة على ميلاد مولود فرعون (8مارس1913)، وهذا بهدف التعريف بحياة ومؤلفات مولود فرعون إلى الشباب، كما سيتم بهذه المناسبة إصدار ترجمة كل أعمال فرعون إلى اللغة العربية في جوان 2013. وحمل فيلم ”مولود فرعون” محطات حياة هذا الكاتب الشهير، حيث مزج المخرج وكاتب العمل بين الجانب الخيالي، من خلال استعانته بممثلين قاموا بأداء أدوار فرعون وأفراد عائلته وأبناء قريته، وكذا الجانب الواقعي عن طريق استعماله للأرشيف، كما تميّز الفيلم بتصوير مشاهد صامتة، أي أن الممثلين يؤدون أدوارهم في صمت بيد أن المخرج اعتمد على راو باللغة الأمازيغية، تكفل بتأدية دوره للحديث عن فرعون من نعومة أظافره إلى آخر سنوات حياته، وكذا راو آخر يتحدث باسم مولود فرعون وبصوت سليمان بلحارث. وجاءت فكرة صمت الممثلين صائبة، حيث أضفت على الفيلم عاطفة فياضة وأحاسيس مؤثرة، كما جاء تعليق المخرج مهما لسرد الأحداث من جهة ومن جهة أخرى حملت نبرة صوته الحنون، المزيد من التأثر، ألا يقال ”رب صمت خير من ألف كلمة!!”، كما استطاع المخرج أن يظهر الجانب العميق لحياة مولود فرعون، وحتى بعض الجوانب الخفية فيه مثل تعرضه للتهديد بالقتل أكثر من مرة ليكون مصيره الاستشهاد على أيدي مجرمين من المنظمة العسكرية السرية الفرنسية. وأبرز المخرج، شدة حب فرعون للدراسة وكيف ضحى والده لكي يوفر له الأموال اللازمة للالتحاق بمقاعد الدراسة وامتهان مهنة الأستاذ التي عشقها، كما أبرز حسرة فرعون أمام ما يحدث لأبناء جلدته خاصة بعد اندلاع الثورة التحريرية، وكذا صدمته الكبيرة وهو يكتشف المبادئ الكاذبة التي تدعيها القوات الفرنسية مثل العدالة والحرية. وأوضح الفيلم كيف كان مولود يتألم كثيرا أمام كل الظلم الذي كان يتعرض له أبناء بلدته، وكان يعبر عن وجعه في رسائل لصديقه روبلس، حتى أنه كتب عن تعرضه للتهديد وأنه لا يريد الموت، إلا أنه لا يفعل أي شيء لكي ينقذ نفسه، كما كتب أيضا عن خوفه من الجنون أمام صعوبة تحمله الحياة.