تشهد حركة النقل على الخطوط الحضرية الرابطة بين المنطقة الشرقيةوالغربية للعاصمة فوضى كبيرة، جراء التجاوزات الحاصلة في نقل المسافرين بسبب غياب الرقابة بين المواقف، رغم توصيات مديرية النقل ومؤسسة التسيير الحضري وشبه الحضري لولاية الجزائر، إلى جانب تسخير عدد معتبر من الأعوان لتنظيم مواقيت انطلاق الحافلات، إذ أصبحوا يزينون المحطات، فقط، ببدلاتهم الخضراء. وتعرف مواقف الحافلات المعتمدة والعشوائية فوضى عارمة، إذ يسعى أغلبية أصحاب المركبات إلى الربح السريع على حساب سلامة المسافرين الذين تحولوا إلى رهائن بسبب التجاوزات الخطيرة التي يفلت بعض مرتكبيها من العقاب، مع سحب رخص السياقة. جولتنا الاستطلاعية لمعاينة وضعية النقل والناقلين والمشقة التي يواجهها المسافرون، كانت بالمواقف الشرقية للعاصمة، والبداية من موقف بلدية الرغاية، عندما كانت الساعة تشير إلى الثامنة صباحا، حيث مجموعات كبيرة من المسافرين تنتظر حافلة من نوع ”في 8” مشكلين ديكورا من الرجال، النساء والأطفال، إلى جانب المتقدمين في السن، إذ يتأهب الكل للظفر بمقعد داخل الحافلة والوصول في الموعد، فما إن اقتربت هذه الأخيرة من الموقف حتى تسارع الكل إلى بوابتها الخلفية والأمامية من أجل الصعود والتنقل في ظرف قصير إلى العاصمة، على اعتبار أن أصحاب الحافلات من نوع ”في 8” يملكون خطوطا مباشرة من موقف الرغاية إلى غاية موقف بلوزداد، ومحطة 2 ماي مباشرة عبر الطريق السريع. فالحصول على مكان حتى ولو واقفا داخل الحالفة لم يكن بالأمر الهين، في ظل تدافع المسافرين، فالظاهرة أصبحت تعتمدها حتى الفتيات والعجائز، إما الدفع بقوة باستعمال الساعدين، أو الاستسلام والتراجع إلى الوراء والبقاء مطولا في الموقف لانتظار رحلة شاقة أخرى.
لا وجود لخطوط نقل مباشرة بمجرد ولوجنا الحافلة، حاولنا الاستفسار عن وجود خطوط محدودة تشتغل من موقف الحافلات للرغاية إلى محطة أول ماي دون التوقف عند المحطات المتواجدة بمنطقة الرويبة، الحميز وباب الزوار، حيث أكد أغلبية المسافرين أن كل المؤشرات تؤكد أن أصحاب الحافلات لا يحوزون على تراخيص نقل مباشرة تربط الرغاية بالعاصمة، حتى أن تذكرة السفر من محطة الرغاية باتجاه العاصمة تبين أسعار النقل بالتدريج، وكذا المواقف المعتمدة، من بينها الرويبة، أو ما يصطلح عليه ب”كاستور”، الحميز1، الحميز2، باب الزوار والديار الخمس، إلا أن الناقلين عبر نفس الخطوط يمرون عبر الطريق السريع تجنبا للعرقلة المرورية، وربحا للوقت، إذ يبقى المسافر من أكبر المستفيدين من هذه التجاوزات على اعتبار أن العملية تمكنه من الوصول إلى مقر عمله في وقت مبكر، عوض استعمال حافلات تتوقف عند كل المحطات المعتمدة وغير المعتمدة. وفي تعليقه على هذه الظاهرة، أكد مدير النقل بولاية الجزائر، السيد رشيد وزان ل«المساء”، أنه لا وجود لخطوط نقل مباشرة تربط منطقة الرغاية، ولا حتى بأي منطقة من بلديات العاصمة، مشيرا إلى أن ذلك يعتبر من بين التجاوزات الخطيرة التي تستدعي التدخل عن طريق تسجيل شكاوى من قبل المسافرين على مستوى المكاتب المختصة والمديرية الوصية لاتخاذ الإجراءات اللازمة، من بينها سحب ترخيص النقل، أو فرض دفع غرامات مالية.
رحلات نقل دون تذاكر ومن بين التجاوزات التي استفحلت في غياب الرقابة، عدم تسليم التذاكر للركاب من قبل بعض القابضين على مستوى الحافلات، لاسيما مابين الخطوط الحضرية القصيرة، كتلك التي تربط بين محطة تافورة وبن عمر بالقبة، إلى جانب موقف بلوزداد باتجاه ساحة الشهداء وباب الوادي، وهي الوضعية التي باتت الأكثر انتشارا في ظل صمت المسافرين وعدم إصرارهم على الحصول على التذاكر بالنظر إلى جهل الكثيرين منهم لأهميتها في التعويض في حال تسجيل حوادث مرور. ومن بين المحطات التي تواجه هذه المشاكل، محطة تافورة التي تعد أكبر بؤر للفوضى، كونها تضم عددا كبيرا من الخطوط المتوجهة إلى البليدة، الخروبة، شرشال، زرالدة، القليعة، أولاد فايت، بني مسوس وبن عكنون، مما جعل الازدحام والفوضى ميزتها الأساسية، فضلا عن تأخر مواعيد انطلاق الحافلات، فالتوجه إلى منطقة ”لافارج” ببلدية حسين داي، أو سعيد حمدين ببئر مراد رايس يكلف المسافرين عناء الانتظار لأزيد من نصف ساعة أو أكثر، إلى غاية امتلاء مقاعد الحافلات المتجهة لكل من شرشال، القليعة وزرالدة. ورغم هذه التجاوزات، فإن أعوان الأمن الذين وضعتهم مديرية النقل بالتنسيق مع مؤسسة تسيير النقل الحضري وشبه الحضري بولاية الجزائر أصبحوا لا يحركون ساكنا، ويكتفي بعض أعوان التنظيم والمراقبة بتدوين عدد الرحلات، أو دخول بعض الأعوان في شجارات مع سائقي وقابضي الحافلات دون تطبيق إجراءات ردعية وعقابية ضد المخالفين، فأغلبية المسافرين لا يجدون أي طريقة أخرى غير الشجار مع السائق وقابض الحافلة بسبب التأخير المتعمد في الانطلاق، مع وجود أعوان خصصتهم المديرية الوصية لمتابعة العملية. التوجه أيضا إلى الجهة الغربية للعاصمة باتجاه منطقة بئر توتة، سعيد حمدين وأولاد فايت، أصبحت تحكمه قواعد خاصة سنّها الناقلون الخواص، حيث يرفض أصحاب الحافلات المتجهة إلى شرشال، القليعة نقل المسافرين المتجهين إلى منطقة سعيد حمدين، على الرغم من اعتبارها مواقف معتمدة، ويؤكد أغلبية المسافرين عبر الخطوط المتوجهة إلى موقف ”لافارج” سعيد حمدين، أن أصحاب الحافلات المتوجهين إلى شرشال، القليعة عادة ما يرفضون إيصالهم رغم وجود مواقف قانونية يجب احترامها، كما يفرض الناقلون على المسافرين المتجهين إلى سعيد حمدين دفع 45 دج بدل 25 دينار، أو إنزال المسافرين بمنطقة ”لافارج” بحسين داي كإجراء عقابي ضد الركاب في حال رفضهم دفع سعر التذكرة كاملة، فيما أصبحت التهديدات التي تمارسها مكاتب تسيير مواقف الحافلات بسحب تراخيص سحب الخطوط لا تجدي نفعا، أمام استمرار جشع الناقلين في استنزاف جيوب المسافرين.
التذكرة الموحدة.. شعار فقط التذكرة الموحدة التي تحدثت عنها مديرية النقل بالعاصمة مطولا لم تجسد لحد الآن، رغم أن المديرية الوصية، بالتنسيق مع الوزارة، علقت عليها آمالا كبيرة في القضاء على الفوضى الحاصلة في القطاع، والتي يتسبب فيها الناقلون الخواص بتجاوزاتهم، زاد عليها المسافرون بصمتهم، ودعمتها المكاتب المختصة بمراقبة وتسيير النقل بغيابها المستمر، إلا فيما يخص بعض الإجراءات الردعية التي تبقى غير كافية للقضاء كليا على التجاوزات المسجلة يوميا والتي أصبحت تهدد سلامة المسافرين.