سلمت جمهورية أندونيسيا أمس الأحد، لمؤسسة الأرشيف الوطني الجزائري، وثائق وصورا تاريخية تعود لفترة انعقاد مؤتمر باندونغ سنة 1955 بالعاصمة الأندونيسية جاكارتا، الذي حضره ممثلون عن جبهة التحرير الوطني. وقدمت رئيسة أرشيف اندونيسيا، السيدة غينا ماسوداح حوسني هذه الوثائق والصور للمدير العام للأرشيف الوطني الجزائري، السيد عبد المجيد شيخي، خلال ندوة علمية نظمت بعنوان :«خمسون سنة من العلاقات الدبلوماسية الجزائرية، آفاق تطويرها المستقبلية" بمؤسسة الأرشيف بالجزائر بالعاصمة، بادرت بها سفارة اندونيسيا بالتعاون مع الأرشيف الوطني، وذلك بمناسبة الذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية. وتضمنت الوثائق المسلمة إلى الجزائر قرصا مضغوطا ونسخة مطبوعة لوثائق وصور تؤرخ لانعقاد مؤتمر باندونغ الذي احتضنته جاكارتا سنة 1955، والذي جمع شخصيات من إفريقيا وآسيا والتي مثل الجزائر فيه وفد عن جبهة التحرير الوطني، ضم المرحوم محمد يزيد وحسين آيت أحمد وكذا الشاذلي مكي إلى جانب كل من الأخضر الإبراهيمي والمرحوم محمد الصديق بن يحيى. ومن بين أهم المبادئ التي جاء بها مؤتمر باندونغ 1955، ضرورة إنهاء الاستعمار والدعوة لحق الشعوب في تقرير مصيرها ومساندة الحركات التحررية في العالم. ومن جهته، قدم المدير العام للأرشيف الوطني، السيد شيخي، لنظيرته الأندونيسية نسخة من خطاب ألقاه الرئيس الأندونيسي السابق أحمد سوكارنو في مؤتمر باندونغ. وأكد السيد شيخي في كلمة بالمناسبة، على"أهمية تبادل هذا النوع من الوثائق التي تهم الجزائر بالدرجة الأولى، والتي تتواجد لدى العديد من الدول"، معتبرا ذلك "حلقة من حلقات التواصل بين البلدين تساعد على توفير مادة خام للباحثين والمؤرخين مما يوفرعنهم عناء السفر إلى الخارج". كما أشار، إلى أن هذه الوثائق من شأنها أن "تنهي جدلا تاريخيا كان قائما بين المؤرخين، حول تنظيم مؤتمر باندونغ والشخصيات التي شاركت فيه". وكشف شيخي عن مشروع تبادل وثائق تاريخية بين مؤسسة الأرشيف الوطني ودول أخرى، حيث تم في هذا المجال تنظيم ندوة مماثلة مع الدول الاسكندنافية وكذا ألمانيا والنمسا، شهدت تسليم وثائق ارشيفية هامة ومكنت من وضع برنامج عملي لترجمة رسائل القناصلة الأوروبيين الذين كانوا متواجدين في الجزائر خلال الحقبة العثمانية. ومن جانبها، ذكرت السيدة ماسوداح حوسني، أن بلادها تعمل على توطيد العلاقات مع الجزائر، من خلال التعاون في مجال تبادل الأرشيف، معلنة عن التوقيع "في سبتمبر المقبل على مذكرة تفاهم في مجال التعاون بين أرشيف البلدين، وذلك بمناسبة إنعقاد مؤتمر الاتحاد الدولي للارشيف". وأوضحت حوسيني، أن هذه المذكرة تتضمن عدة نشاطات، منها مجالات التدريب والتقويم وتنظيم المعارض، إلى جانب تسليم الوثائق التاريخية المحفوظة لدى الأرشيف الأندونيسي للمساهمة في تعزيز العلاقات التي تربط البلدين. وفي مداخلته في الندوة، أعرب سفير جمهورية اندونيسيا، السيد أحمد نيام سليم، عن "رغبة بلاده في توطيد العلاقات العريقة التي جمعت جاكارتا والجزائر والعمل على تطويرها في المستقبل لتتعدى المجال السياسي إلى المجالات الاجتماعية والثقافية وكذا الاقتصادية". وبدوره، تطرق مدير الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الأندونيسية، السيد فبريان الفيونتو روديار للعلاقات التاريخية التي ربطت الدولتين، مشيرا إلى"الدعم الأندونيسي لثورة التحرير الوطني الجزائرية"، لافتا الانتباه إلى أن جاكارتا "كانت من أول الدول التي اعترفت بالحكومة الجزائرية المؤقتة المستقلة إلى جانب باكستان ويوغوسلافيا". أما عن علاقة الدولتين في الوقت الحاضر، شدد فبريان الفيونتو روديار على "ضرورة توسيع العلاقات بين البلدين، خاصة وأن هناك قواسم مشتركة تجمعهما على المستوى الاقليمي، مما يمكن من تحقيق الاستقرار في المنطقة الافرو-آسياوية باعتبارهما عضوان في عدة منظمات وهيئات دولية، على غرار حركة عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومجموعة (15+ 1) والأمم المتحدة". وقال المسؤول الأندونيسي في هذا الشأن، إن هذه الشراكة بين البلدين (...) "تمكننا من توحيد المواقف الثنائية فيما يخص دعم القضايا المحورية على غرار القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في الحصول على دولة مستقلة، وكذا إيجاد حل سياسي للأزمة السورية إلى جانب مسألة مكافحة الإرهاب". وقد تم على هامش الندوة، تنظيم معرض للصور والوثائق الأرشيفية التي تبرز العلاقات بين البلدين، ومشاركة الدولتين في العديد من المؤتمرات الدولية، منها مؤتمر باندونغ وحركة عدم الانحياز .