فاز حسن روحاني، المرشح الإصلاحي الإيراني بكرسي الرئاسة في إيران في الدور الأول، بعد أن حسم السباق لصالحه بحصوله على نسبة 50,68 بالمائة من أصوات الناخبين الإيرانيين المقدر عددهم بحوالي 50 مليون ناخب. وتمكن روحاني من تأكيد شعبيته أمام خمسة مرشحين محافظين لم يتمكنوا من تجاوز خلافاتهم، مما أدى إلى تشتيت أصوات وعائهم الانتخابي. وكانت هذه النتيجة متوقعة، وقد أكدت كل المؤشرات والنتائج الجزئية المعلن عنها طيلة نهار أمس، تقدم المرشح روحاني على منافسيه الآخرين، ليكون الرئيس الجديد خلفا للرئيس المنتهية عهدته محمود احمدي نجاد. وحصل روحاني على هذه النسبة من أصوات الناخبين منذ الدور الأول لهذه الانتخابات التي تحظى بمتابعة دولية حثيثة، لمعرفة من سيقود هذا البلد خلال الخمس سنوات القادمة. وأكد بيان لوزارة الداخلية الإيرانية، أن روحاني ما انفك يسجل تقدما على منافسيه بعد فرز أوراق 23 مليون ناخب إيراني حصل فيها على 11,75 مليون صوت، في عمليات فرز تمت في أكثر من 38 ألف مكتب انتخابي من أصل 58 ألف مكتب موزعة على كل محافظات البلاد. وأشار المصدر، إلى التقدم الكبير لروحاني أمام محمد باقر غليباف الذي حصل على 15بالمائة من الأصوات، بعد أن صوت له حوالي 3,49 مليون ناخب، بينما حل محسن رضائي ثالثا بحوالي 2,7 مليون ناخب، بما يعادل نسبة 11,6 بالمائة من أصوات الناخبين، ولم يحصل كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي الإيراني سعيد جليلي سوى على نسبة 11بالمائة من الأصوات، بعد أن صوت لصالحه 2,5 مليون ناخب. أما علي اكبر ولاياتي وزير الخارجية الأسبق والمرشح محمد غرازي فلم يحصلا سوى على نسب محدودة من الأصوات. ويكون حسن روحاني البالغ من العمر 64 عاما قد استثمر في تشتت التيار المحافظ الذي رفض مرشحوه الانسحاب والإبقاء على مرشح واحد لخوض هذا السباق الحاسم. كما استفاد روحاني أيضا من التزكية التي حظي بها من الرئيسين السابقين علي هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، اللذين حثا الناخبين الإيرانيين على منحه أصواتهم بسبب مواقفه المعتدلة والعقلانية من كثير من القضايا التي تهم إيران، وخاصة تلك ذات الصلة بعلاقتها مع الخارج. والمفارقة، أن النتيجة التي حصل عليها روحاني كانت مفاجئة على أكثر من صعيد، وخاصة أن حظوظه قبل انطلاق الحملة الانتخابية كانت ضئيلة أمام منافسيه الآخرين، الذي كانوا يحظون بتأييد واسع من التيار المحافظ، إلا أن انسحاب المرشح الإصلاحي الآخر محمد رضا عارف قلب الموازين، في وقت فشل فيه المرشحون المحافظون في التوصل إلى اتفاق لاختيار مرشح واحد عنهم حتى لا تتشتت أصوات المؤيدين لهم، وهو ما خدم المرشح روحاني الذي استقطب أصوات الناخبين الإصلاحيين والمعتدلين لصالحه. وهي المواقف التي جعلت العديد من العواصم الغربية لا تخفي رغبتها في فوز هذا الأخير بكرسي الرئاسة الإيرانية، على أمل إحداث اختراق في المفاوضات المتعثرة حول الملف النووي الإيراني، وهو الذي أكد طيلة الحملة الانتخابية التي خاضها أنه سيبدي بعض الليونة في المفاوضات مع هذه القوى من أجل التوصل إلى تسوية توافقية، بهدف تخفيف العقوبات الدولية المفروضة على بلاده منذ تولي محمود احمدي نجاد مقاليد الرئاسة في طهران، وبدأت تؤثر على الاقتصاد الإيراني وتكاد تدخله في أزمة حقيقية. ولكن روحاني الذي أبدى ليونة في موقفه بحكم تجربته ومعرفته بخبايا المفاوضات مع الدول الغربية، رفع أيضا شعار "المفتاح" كرمز انتخابي، لخص من خلاله موقفه من أزمة الملف النووي لبلاده، وقال إن اختياره لهذا الشعار نابع من قناعته بأنه سيجد مفتاح كل مشاكل إيران. وقال إن حكومته في حال فوزها لن تكون حكومة استسلام بخصوص الملف النووي، ولكنها لن تغامر أبدا بمصالح بلاده، وقال إنه سيواصل على طريق نفس السياسة التي رسمها الرئيس رفسنجاني ومن بعده خاتمي. وهو ما لم يمنعه من القول إنه لن يمانع أبدا في التفاوض مع الولاياتالمتحدة، حتى وإن كان ذلك سيكون صعبا، ولكنها شر لابد منه. ولكن درجة ليونة مواقف روحاني سوف لن تغير شيئا في جوهر مواقف طهران من الملفات الساخنة لبلاده بدءا بالبرنامج النووي إلى قضايا السياسة الخارجية ومواقفها من القضايا الدولية وعلاقاتها مع الدول الغربية، بسبب طبيعة النظام الإيراني الذي يبقى مرشد الثورة أول محدد لتوجهاته العامة وخاصة الإستراتيجية منها.