يتوجه يوم غد، أكثر من خمسين مليون ناخب إيراني إلى مكاتب الاقتراع ال 60 ألف لاختيار خليفة للرئيس محمود احمدي نجاد، في انتخابات مزدوجة يتم خلالها أيضا انتخاب أكثر من 200 ألف منتخب محلي وبلدي. وتنتهي اليوم الحملة الانتخابية التي خاضها المرشحون الستة الذين بقوا في السباق، لتفتح الطريق أمام ساعة الحسم، قبل معرفة نتائج انتخابات رئاسية ستحدد مستقبل التوجهات العامة في إيران بين تيارين متصارعين واحد محافظ وآخر إصلاحي. وشكل الصراع التقليدي في المشهد السياسي الإيراني بين التيارين، نقطة الصراع، الأولى بين المترشحين الذين يريدون اعتلاء كرسي الرئاسة، في بلد يبقى من أكثر بلدان العالم مراقبة من الدول الغربية التي تتابع كل تحركاته الإقليمية، وبصفة خاصة برنامجه النووي محل جدل دولي منذ عدة سنوات. واشتد الصراع بين طرفي الخارطة السياسية الإيرانية طيلة الحملة الانتخابية، عندما طالب المترشحون المحافظون الناخبين إلى قطع الطريق أمام حسن روحاني، المرشح الإصلاحي الوحيد الذي ترشحه العديد من الدوائر الإيرانية للفوز بمقعد الرئاسة الإيرانية في حال بقي المحافظون مشتتين في مواقفهم. وهي القناعة التي زادت بعد أن حظي روحاني بدعم الرئيسين الإصلاحيين السابقين محمد خاتمي وعلي اكبر هاشمي رفسنجاني، اللذين حثا الناخبين الإيرانيين على التصويت لصالحه لقطع الطريق أمام المرشحين المحافظين الذين يريدون أن يكملوا مسيرة الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد. وهو النداء الذي تصدى له هؤلاء، ودعوا من جهتهم إلى قطع الطريق أمام روحاني ومنعه من الوصول إلى سدة الحكم، بعد أن توقعوا أنه سيتمكن من خوض الدور الثاني من هذه الانتخابات التي تبقى محل اهتمام خاص من العواصم الدولية وخاصة الغربية منها، على خلفية البرنامج النووي لإيران. وقال رفسنجاني الذي أبعد من هذا السباق الانتخابي، إنه يعتبر روحاني أجدر المرشحين لقيادة الجهاز التنفيذي، بينما قال خاتمي إن الذين يريدون علو هذه الأمة ورقيها، أن يشاركوا في الانتخابات والتصويت لصالح حسن روحاني. وتكون هذه رغبة الدول الغربية التي ربما تؤيد انتخاب روحاني البالغ من العمر 64 عاما، بسبب مواقفه المعتدلة ورغبته في التفاوض مع الدول الغربية لإنهاء الملف النووي، الذي أبقى إيران في نظر الدول الغربية في قائمة "دول محور الشر التي تهدد الأمن العالمي". وبدأ روحاني يهدد عرين المحافظين، مما دفع بأنصارهم إلى مطالبة مرشحي هذا التيار الأربعة الآخرين إلى الانسحاب وترك مرشح واحد عنهم حتى لا تتشتت أصواتهم، بقناعة أن ذلك سيكون في صالح روحاني على حساب منافسيه. ويراهن المحافظون بوجه خاص على محمد باقر غاليباف وسعيد جليلي المفاوض الشرس مع المحافظة الدولية للطاقة الذرية، والمطلع على خبايا وأسرار الملف النووي لبلاده، بينما طالبوا من وزير الخارجية الأسبق علي اكبر ولاياتي الانسحاب من السباق. ولكن لا أحد من هؤلاء قبل الامتثال لهذه النداءات، وأكدوا جميعهم أنهم سيواصلون خوضهم السباق إلى آخر لحظة. ولكن أنصار هذا التيار لم يفقدوا الأمل في إمكانية التوصل إلى اتفاق " آخر لحظة"، وتقديم مرشح واحد لهذا الموعد الحاسم، وهو ما أكده حبيب الله اصغر لادي، الأمين العام "لجبهة المؤيدين لخط الإمام والمرشد الأعلى" التي تضم مختلف المجموعات السياسية المحافظة، وقال إن فوز المحافظين مرهون بتفاهمهم حول شخصية واحدة ". ويبدو أن التيار المحافظ الذي يبقى مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامينائي رمزه الأول، يريدون حسم أمر الانتخابات يوم غد، وعدم الذهاب إلى دور ثان لقناعتهم أن ذلك سيزيد من احتمالات خسارتهم، وهم لذلك يصرون على حتمية التفاهم على مرشح واحد لقطع الطريق أمام منافسيهم الإصلاحيين. ولكن خامينائي فضل البقاء على الحياد في هذا الصراع الانتخابي، بالنظر إلى سلطته المعنوية لدى كافة الإيرانيين، مما جعله يكتفي بدعوة الناخبين إلى مشاركة قياسية "لزرع الريبة في نفوس أعداء إيران وتخفيف الضغط عليها".