يرى الدكتور أمير علي الجزائري، رئيس قسم الابتكار في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، أن التغير النوعي الذي عرفه العقد الأخير في مجال الصناعة يرجع أساسا إلى الابتكار، باعتباره العامل الأساسي لخلق مناصب العمل والمحرك للنمو الاقتصادي، وهو مايجعل نسبة البطالة أعلى في الدول المصدرة للمواد الأولية. فحجم احتياطي الصرف –كما يشير- لايكفي وحده لمكافحة الفقر والبطالة ولضمان تنمية اقتصادية فعلية. وبالنسبة للجزائر فإن الدكتور علي الجزائري يعتبر في تصريح خص به”المساء”، أن تدعيم الابتكار يمر عبر ثلاثة عوامل هي؛ ”تكنولوجيات الاستدراك” و«التكنولوجيات التي تمليها احتياجات تنويع الاقتصاد” و«التكنولوجيات التي تمليها الحاجة إلى خلق مناصب عمل”. ويقول محدثنا، إن مسار الابتكار الذي تقوم عليه الصناعات في كل البلدان عرقله الاستعمار في البلدان العربية ومنها الجزائر، لكنه يعبر عن اقتناعه بأن التطور الكبير الذي شهدته تقنيات الإعلام والاتصال يسمح بتدارك التأخر وبسرعة. ويذكر في السياق، أن الجزائر منذ الاستقلال ”طورت قدرات في مجال البحث العلمي، بفضل ماتتوفر عليه من موارد بشرية، لاسيما عددا كبيرا من المهندسين في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال الموجودين داخل وخارج البلاد، وبالخصوص الكفاءات الجزائرية التي تعمل في سيليكون فالي بالولايات المتحدة الأمريكية”. ولهذا، فإن المصدر ذاته يعتبر أنه من الممكن استغلال كل هذه القدرات في إطار الحظيرة التكنولوجية لسيدي عبد الله، التي ”تسهل احتضان عدد كبير من المؤسسات الجديدة في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال التي سيكون لها تأثيرا على الاقتصاد الجزائري، لاسيما في مجال الخدمات”كما قال، مشيرا إلى أهمية تطوير مجال الخدمات الذي يمثل 80 بالمائة من الاقتصاد الأمريكي حاليا. من جانب آخر، يرى أن مفتاح الخروج من الاعتماد الدائم على المحروقات كمصدر وحيد للعائدات يكمن في ” تعزيز السياسات التي تعمل على توسيع قاعدة التكنولوجيا تدريجيا”. ويقول إن الحل بالنسبة للجزائر يعتمد على التزامها في إطار المنافسة الدولية كممون للطاقات غير الاحفورية الصديقة للبيئة، مشيرا إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه الطاقات المتجددة في هذا المجال، لاسيما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ولكن تطوير هذا القطاع يحتاج إلى تحويل تكنولوجي، لتتحول الجزائر إلى ”فاعل هام في مجال تصدير الطاقة الشمسية تجاه أوروبا”. وهو يدعو بالتالي إلى تطوير البحث وتنويعه في المجال الطاقوي بكل أنواعه. لكن هذه القطاعات أي الطاقة والخدمات –كما يوضح- مدرة للثروة، لكن لاتخلق بالضرورة عددا هاما من مناصب العمل، في وقت مازال تحدي مكافحة البطالة قائما بالجزائر، حيث نجدها عند21 بالمائة من الشباب و17 بالمائة من النساء، فضلا عن التحاق 200 ألف طالب كل سنة بسوق العمل. وبالنظر إلى المؤشرات المالية الكلية كاحتياطي الصرف الهام ونسبة المديونية المنخفضة ونسبة النمو التي توجد في حدود 3 بالمائة، فإن المحروقات مازالت هي المسيطرة على الاقتصاد الوطني وهي لاتخلق الكثير من الشغل. لذا فإن تحويل التكنولوجيا الموجه لدعم الشغل عبر المؤسسات المصغرة يبدو ضروريا، كما قال ذات المصدر، الذي أشار إلى ”يتم” هذا القطاع حاليا في المنطقة المغاربية، رغم أنه أصبح في الوقت الراهن ذا أولوية بالغة بالنظر إلى الوضعية السياسية الراهنة لتحسين معيشة السكان وتوفير العمل. فهذا النوع من المؤسسات-كما يضيف- تطور في البلدان الصاعدة كالهند والصين، حيث أصبح الابتكار قائما على البساطة والتكيف مع العراقيل المحلية، والجزائر التي تحصي 70 بالمائة من الشباب محتاجة لتطوير هذه المؤسسات التي من شأنها خلق الشغل لهؤلاء الشباب. ويتطلب الأمر-يقول الدكتور علي الجزائري- الاهتمام بمجال الحماية الملكية وتشجيع الشباب على الحصول على براءات الاختراع، في عالم يتسم اليوم بكثرة تدفق المعلومات وسرعته. فينبغي على الجزائر ”أن تصبح واحدة من البلدان التي تفهم هذا الواقع الجديد، حيث يجري استبدال الحدود الجغرافية بالحدود المعرفية”. في هذا السياق، يرى أن استخدام أدوات الملكية الصناعية ”يسمح يزيادة كثافة تدفق المعلومات من أجل إعادة تنشيط الصناعة والاقتصاد الجزائريين”.