يدفع شهر رمضان العديد من المواطنين إلى الإكثار من الأسئلة حول المعاملات والتصرفات المتعلقة بالصيام وصحته، وبعض الممارسات التي تبيح أو تبطل الصيام، وأمام الحاجة الملحة للإفتاء، خصص المركز الثقافي الإسلامي يوما للمواطنين تحت شعار “فتاوى الصيام”، لطرح انشغالاتهم على المفتي الدكتور موسى اسماعيل، أستاذ محاضر بكلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر وعضو لجنة الفتوى بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف. الرغبة في الظفر بصيام صحيح هو الدافع وراء الإقبال الكبير على طلب الفتوى في رمضان، يقول موسى اسماعيل، إمام وأستاذ بالمركز الثقافي الإسلامي، مضيفا؛ “إن الهدف من تنظيم هذا اليوم هو تقريب المفتي من المفتى له، ليتمكن المستفتى من الحصول على إجابة شافية على كل أسئلته، ومع طلب المواطنين المتزايد لمعرفة بعض الأمور الخاصة بالصيام، رغبنا في إدراج فتوى الصيام ضمن برامج المركز الثقافي لتعميم الاستفادة”. تزداد وتيرة الإقبال على الفتوى في رمضان، حسب محدثنا الذي قال: “على الرغم من أن الفتوى ميسرة عبر مختلف القنوات الإعلامية المسموعة والمرئية، وكذا على صفحات الجرائد، ناهيك عن أن وزارة الشؤون الدينية تفتح أبوابها على مدار السنة للإجابة على أسئلة المواطنين، إلا أن الحاجة تظل قائمة لمثل هذا النوع من المجالس، وتحديدا في رمضان، على اعتبار أن الصيام من العبادات المقدسة التي يحرص المسلم على أدائها على أكمل وجه”، ويردف “ما ينبغي تنبيه المواطنين إليه هو الثقة في الأئمة لأن في الجزائر علماء أكفاء يعول عليهم في تقديم فتوى دينية تجيب عن كل انشغالات المواطنين الدينية والدنيوية”. كان الدكتور موسى اسماعيل حاضرا في الموعد لاستقبال المواطنين الراغبين في الحصول على فتاوى تخص الصيام، ومختلف العبادات المرتبطة برمضان، وفي حديثه ل”المساء”، قال بأن الأسئلة عموما تنحصر في مدى صحة الصوم والبحث في الزكاة، ولا يخفى عليكم أنه تصلنا أسئلة حتى من الجالية الجزائرية بالمهجر للاستفسار حول بعض الأمور الخاصة بالصيام، بمجرد حلول شهر رمضان”. ويرى محدثنا أن الإقبال على مجالس الإفتاء في رمضان مسألة طبيعية بحكم قدسية الشهر، ومن ناحية أخرى يزيد الإقبال عليها نتيجة لعامل النسيان الذي ينال من البعض تجاه بعض التصرفات أو العبادات، وما أن يحل رمضان حتى يبحثون في ماهية الصيام، أصوله ومبادئه، وتحديدا لمن يبدأون الصلاة أو يتوبون في هذا الشهر الفضيل، وعموما تنصب الأسئلة حول الصلاة ،الزكاة، العلاقات الاجتماعية وصلة الرحم التي تكثر حولها الأسئلة مع نهاية شهر الصيام، وكلها علامات تدل على رغبة الصائم في أداء ركن الصيام على أحسن وجه. الدعوة إلى جلسات الصلح، يقول الدكتور موسى اسماعيل، من أكثر الأمور التي نستفتى فيها ونعمل في المقابل على إعادة المياه إلى مجاريها، حيث يقصدنا المواطنون مع حلول الشهر الفضيل للمشاركة في حل الخصومات، وتحديدا بين الأزواج، لذا يعتبر رمضان من الأشهر التي تصفى فيها القلوب، كما يسودها جو من التراحم والتآزر. تتشابه الأسئلة في رمضان إلى حد كبير، وتظل منحصرة في ما إذا كانت بعض الأمور التي أضحت بديهية مفطرة أو لا، على غرار السواك، الكحل ومعجون الأسنان، إلا أن محدثنا يعتقد أنه من غير المعقول التسليم ببديهية هذه الأسئلة، لأنها قد تبدو كذلك بالنسبة للأشخاص الذين طلبوا الفتوى فيها، غير أنها لا تزال مجهولة بالنسبة لمن لم يبحث فيها، لذا ورغبة في التأكد، نجد مثل هذه الأسئلة تتكرر، ولكن يمكنني التأكيد يقول الدكتور موسى “أنه تبين لي من خلال احتكاكي بالمواطنين وتقديم الفتاوى لهم، تغيّر نوعية الأسئلة، إذ ثبت لي أن ثمة أسئلة كانت إلى وقت قريب تطرح بكثرة، لم نعد نسمع عنها، وهناك أسئلة طرأ عليها تطور من حيث النوعية، مما يدل على الوعي الديني وارتفاع المستوى الثقافي لدى المواطنين، وتبقى عموما طبيعة الأسئلة مرتبطة بالأفراد، فبعضهم مثقف وآخرون أميون، وبين هذا وذاك يكون المفتي مطالبا بالإجابة على كل الأسئلة، حتى وإن كانت بديهية أو عادية”. وحول الشريحة الأكثر طلبا للفتوى في رمضان، يرى الدكتور أن فئة النساء أكثر إقبالا على الفتوى، تليها فئة المسنين، أما الفئة الشابة فهي قليلة لأن المبادئ الدينية أضحت معروفة لديهما كونها تدخل في مقرراتهم الدراسية بالمقارنة مع المتقدمين في السن الذين يشعرون بمسؤولية أكبر تجاه الأمور الدينية، ناهيك عن الجهل، وعلى العموم يقول محدثنا: “تتركز أسئلة الشباب في شهر رمضان حول علاقاتهم العاطفية وبعض التصرفات مع الوالدين، إلى جانب بعض الأخطاء التي كانوا قد وقعوا فيها نتيجة طيش الشباب” . يرى محدثنا أن الإقبال المتزايد على الإفتاء وتحديدا في رمضان، من الأمور الإيجابية الدالة على رغبة المواطن في معرفة دينه وتصحيح أخطائه، واكتساب ثقافة دينية، وهذا يدل على الوعي الديني الذي أضحى عليه المجتمع الجزائري.