أغلب الظن أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لم يجد شخصا مؤهلا لشغل منصب مفتي الجمهورية الجزائرية، وإلا لما كان أبقى على هذا الملف الحساس في أدراجه وقتا طويلا، قبل أن يخرج الوزير غلام الله بالحقيقة ”الموجعة” من أن الرئيس يتحفظ على المنصب، أصلا! ··وهذه أزمة جزائرية خالصة: تبحث عن شخص مؤهل للفتوى فلا تجده بين الأسماء التي تشغل ساحة الفتوى ”الموازية” في البلاد، مما فسح المجال واسعا أمام كل من ”هب” و”دب” و”شب” ليفتي للناس، وهو الوضع الذي أكد صورة مؤلمة عن البلد مفادها أن كل شيئ موجود في السوق السوداء · رغم تداول جهات إعلامية وشعبية أسماء رشحت لتقلد المنصب هل ضعف الأسماء وراء تخلي بوتفليقة عن فكرة المفتي؟ قد يعود السبب الرئيسي في تأجيل أو الاستغناء عن فكرة استحداث منصب مفتي الجمهورية، في الوقت الراهن على الأقل، إلى عدم اقتناع القاضي الأول في البلاد بالأسماء المتداولة على المستوى الشعبي وليس الرسمي لتولي هذا المنصب المعروف بحساسيته· وأبقيت الأسماء المقترحة لتولي منصب مفتي الجمهورية في البلاد في خانة ”سري للغاية”، لأسباب قيل إنها سياسية، رغم أن الموضوع ديني بحت، كان من الممكن أن يساهم في وضع حد لظاهر الإفتاء العشوائي في كل شيء في البلاد، بعدما أصبح الخضار والفلاح والبائع كلٌ يفتي حسب اختصاصه· وإن كان الأمر كذلك من الناحية القانونية والرسمية، إلا أنه يختلف كثيرا من الجانب الشعبي، حيث يشهد الجزائريون بكفاءة عدد من الأئمة والأساتذة الجامعين الذين يطلون عليهم عبر مختلف وسائل الإعلام، ويؤهلونهم بدورهم لتولي منصب مفتي الجمهورية، على غرار الشيخ أبو عبد السلام، عبد الحليم فابة، محمد بن زعيمة، والدكتور محمد بوزيدي، محمد إيدير مشنان، وآخرين· ويجهل الكثير من الأئمة والأساتذة الجامعيين، ممن سألتهم ”البلاد” عن الأسماء المقترحة على المستوى الرسمي لتولي منصب مفتي الجمهورية، الشخصية الوازنة التي يمكنها تولي المنصب، رغم أن البلاد تزخر بنخبة من الأئمة والعلماء وشيوخ الزوايائالمعروفين بالعلم الراسخ والإخلاص في القول والعمل والسلوك المثالي، من مختلف ولايات الوطن، من شأنهم تولي المنصب· ومع أن أسماء عدة تداولتها الأوساط الشعبية والإعلامية قبل فترة باعتبارها الأوفر حظا والأنسب لتولي هذا المنصب، على غرار الشيخ أبو عبد السلام والشيخ قاهر وحتى اسم رئيس جمعية العلماء المسلمين الراحل عبد الرحمن شيبان، فإن الأوساط الرسمية ما فتئت تفند في كل مناسبة تحديد أسماء بعينها لتولي هذا المنصب· وهو ما يستشف من رد رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، الشيخ بوعمران، قبل عام من الآن، حينما قال إن هيئته لم ترسل إلى رئيس الجمهورية قائمة بأسماء المؤهلين لتولي منصب مفتي الجمهورية،ئوحتى إن فعلت ذلك فهو ”عمل سري لا يجوز ذكره لغيرنا لأننا هيئة استشارية فيها علماء من جامعيين وشيوخ الزوايا”، وهو ما يعني أن الرئيس بوتفليقة وحده القادر على تعيين مفتي الجمهورية بعد مشاورة أهل العلم· وأجمع العديد من الأئمة ممن تحدثت إليهم ”البلاد” على أن التوجه السائد والأقرب للتجسيد هو استحداث هيئة علمية وطنية تعنى بالإفتاء، تضم نخبة من المشايخ والعلماء الأكفاء، مع تعيين ناطق رسمي باسمها أو أمين عام لها، في حالة ما إذا صرف رئيس الدولة النظر عن فكرة مفتي الجمهورية· فيصل حملاوي من هنا يأخذ الجزائريون دينهم ”غوغل” والفضائيات ينافسون فتاوى غلام الله وبوعمران! مع غياب مرجعية دينية موحدة يتلقى من خلالها الجزائريون الفتوى، وفي ظل الحاجة المتزايدة لهم بطلب الفتاوى، يتجه الجزائريون إلى مصادر عدة طلبا لما يشكل عنهم في أمور دينهم ودنياهم، ومن ذلك المنطلق تصدرت عدة جهات ساحة الفتوى في الجزائر، لعل من أبرزها بعض المشايخ الجزائريين خصصت وسائل الإعلام على اختلاف أنماطها حيزا لهم، وكذلك كان ”للشيخ غوغل” مجالا فسيحا لإعطاء الفتوى، وكذلك هو الحال مع الرقم 080 الذي يتيح لك فتوى قد تكون على مقاس بمجرد الاتصال على ذلك الرقم· وتسعى وزارة الشؤون الدينية لتوحيد وضبط مجال الفتوى بالجزائر من خلال قنوات عدة، أبرزها المجالس العلمية بالولايات التي تضم خيرة ما أنجبت المعاهد الإسلامية والجامعات الجزائرية، ويقصد الناس تلك المجالس، كما يمكن طلبها عن طريق الهاتف، كما طرحت وزارة الشؤون الدينية قبل فترة ”بنك الفتاوى” الذي يضم جملة من المسائل الفقهية· وكجهة رسمية ثانية في الفتوى بالجزائر، نجد المجلس الإسلامي الأعلى الذي يضم كذلك مجموعة من المشايخ والأساتذة، يترأس تلك اللجنة مفتي المجلس وهو الشيخ شريف قاهر وهو شيخ ذو باع طويل في العلم والفقه· كما تكفي إطلالة على الجرائد اليومية أو الأسبوعيات، حتى نجد زخما من المشايخ والأساتذة الذين يقدمون الفتوى، ولعل من أشهرهم الشيخ أبوعبد السلام، والشيخ شمس الدين بوروبي والأستاذان كمال بوزيدي وعبد الحليم فابة، بالإضافة إلى فتاويهما على التلفزيون الجزائري· كما تقدم القنوات الإذاعية عددا من الحصص التي تعنى بمجالات الفتوى ولا تخرج قائمة المدعوين عن الأسماء السابقة، ويضاف إليهم محمد إيدير مشنان وموسى إسماعيل· المجال الثاني الذي يتيح حيزا واسعا من الفتوى بالنسبة للجزائريين هو الحقل الافتراضي والأنترنت، وهذا المصدر لا يكلف صاحبه غير الاستنجاد بحاسوب مربوط بالشبكة وكتابة كلمة ”فتوى” حتى تتدفق عليه آلاف المواقع المتخصصة في هذا المجال من كل حدب وصوب، من فتاوى الغسل والطهارة إلى الجهاد والتكفير وتقتيل الناس تحت ذريعة التترس، حتى أنه يمكن ببعض التحكم في المفردات والكلمات أن ”تستعطف” ”الشيخ غوغل” حتى يرخص لك تقديم الرشاوى في حال تعذر قضاء المصلحة· المجال الآخر الذي فتح لتقديم الفتاوى التي يقال عنها إنها تتطور بحسب الزمان والمكان، وجدت لها مكانا في هواتفنا النقالة التي صارت في متناول الكبير والصغير، ملثما هو الحال مع هوس الجزائريين بالفتوى وعدم انتظارهم لوسيلة إعلامية لطرح أسئلتهم عليها أو استفتاء ”الشيخ غوغل”، صار من السهل تشكيل الرقم 080 ليرد عليك المجيب الآلي أن الشيخ في الاستماع إلى استفساراتك الدينية، والمقابل هنا دراهم معدودات· عبد السلام·س منصب مفتي الجمهورية يعرف علماء دين وأئمة مفتي الجمهورية بأنه ذلك الشخص الفقيه في الدين والعالم بالشرع، يمثل مجموعة من العلماء والفقهاء الذين يرجع إليهم للفصل في قضايا دينية شائكة يصعب الفصل فيها لوجود خلاف حولها، وهو اجتهاد ديني عن مسائل دنيوية والعمل على تكيفيها بمستجدات العصر وتعقيداته، يحتاج أن يكون الشخص المفتي نبيها ونابغة في الأمور الدينية وهو الهيئة الشرعية والمرجعية الدينية التي يعود إليها المرء للفصل في مسائل مرتبطة بدينه ودنياه· في ظل فوضى الفتاوى التي تطبع الساحة الدينية هل الجزائريون بحاجة إلى مفتي الجمهورية؟ المتابع للمشهد الديني في الجزائر يلحظ بلا شك وجود فوضى عارمة في ميدان الفتوى الشرعية، وهي الفوضى التي أحدثت اضطرابا كبيرا وتضاربا في صفوف الجزائريين الذين صاروا من أكثر الشعوب العربية طلبا لرأي الشرع من خارج بلدانهم فيما يعترضهم من مسائل في حياتهم المعيشية، ويفسر البعض تجذّر هذه الظاهرة التي صارت تدرج في خانة الأزمات التي تعانيها الجزائر من زاوية تأميم مراجعها وضبط معالم هويتها، بغياب مرجعية فقهية وطنية توفر قاعدة فتوى مرنة تتماشى وخصوصية المجتمع الجزائري ووحدته المذهبية، وهنا برز إلى السطح بقوة الحديث عن منصب مفتي الجمهورية الذي أثار لغطا كبيرا حول جدواه من عدمها، خصوصا أن المزاج الشعبي العام في الجزائر اعتاد الاطمئنان أكثر إلى الفتاوى المستوردة من دول المشرق العربي وتحديدا من المملكة العربية السعودية، على حساب فتاوى الداخل خصوصا تلك الصادرة عن الجهات الرسمية في الدولة، وهو ما يجعل الإجابة عن السؤال حول جدوى استحداث منصب مفتي الجمهورية في هذا الوقت مطروحا بإلحاح· يرى الشيخ شمس الدين بوروبي أحد رجال الإفتاء في الجزائر ورئيس الجمعية الخيرية الإسلامية سابقًا، ضرورة استحداث منصب مفتي الجمهورية لرفع الخلاف ووضع حد لفوضى الفتاوى ويقول الشيخ ”في الجزائر هناك العديد من المسائل لم يتم لحد الآن رفع الخلاف فيها كقضية استيراد اللحوم الهندية وقضية تغيير القبلة فهناك حسبه 450 مسجدا أفتى بتغيير القبلة وهناك مسألة قروض ”الأونساج” والخلاف بين من يجيزها ويحرمها· ويرى الشيخ شمس الدين أنه من هذا المنطلق لابد من وجود مفتٍ للجمهورية لرفع هذه الخلافات ووضع حد للفتاوى المتضاربة· وأكد الشيخ بروبي على ضرورة طرح سؤال ”لماذا ليس لدينا مفتي جمهورية” واستغرب بطرح سؤال آخر ”كيف لا يوجد في بلد مسلم كالجزائر مفت للجمهورية ” وحسب الشيخ فإن الأمر بات ضروريا وحتميا في ظل تكالب المرجعيات والتيارات على الجزائر· وأكد الشيخ أن عدم وجود مفتي للجمهورية جعل الجزائريين يستوردون فتاوى من دول الخليج وانتقد الشيخ ما أسماه بالإنتاج الأجنبي واعتبر أن ”الفتنة التي شهدتها الجزائر خلال العشرية السوداء سببها الفتاوى التي استوردت من السعودية وأشار إلى أن ”استيراد الفتوى من دول أجنبية سينعكس مستقبلاً بشكل أخطر على الجزائر” لأن ”المجتمع الجزائري لا يعرف معنى التعايش مع مذاهب دينية أخرى، عكس دول عربية أخرى مثل مصر ولبنان وسوريا”، مشيرا إلى عدم حاجة الجزائريين للفتاوى المستوردة مادام أن الجزائر تنعم بدعاتها وأئمتها الذين تم تهميشهم بحسبه· وقدم الشيخ شمس الدين أمثلة عن الفتاوى المستوردة من الخارج مثل فتوى سبي البنات واحتقار العلم الوطني وحرق مقابر الشهداء وأكد بروبي بالقول منتقدا الفتاوى المستوردة ”فوضى الفتاوى في الجزائر منتشرة، كل دم سال في الجزائر كان بسبب فتوى، كل بنت لم تغتصب إلا بسبب فتوى، كل شركة أحرقت كان بسبب فتوى، كل مسجد أحرق أو مقبرة أحرقت بسبب فتوى، هذه الفتاوى ليست فتاوى المالكية ولا الشافعية ولا الحنفية والحنابلة، هي فتاوى الفكر السلفي اللامذهبي، الذي جعل من كل شيخ مجتهدا”، واقترح الشيخ شمس الدين أن يكون مفتي الجمهورية” مؤسسة مستقلة تمولها الأوقاف وتراقبها الدولة ولا تسيطر عليها”· الرأي نفسه قدمه رئيس تحرير جريدة ”البصائر” لسان حال جميعة العلماء المسلمين عبدوس عبد الحميد وهو التأكيد على حاجة الجزائريين لوجود مرجعية دينية يرجعون إليها في القضايا والمسائل المتعلقة بدينهم وقال ”إن وجود مفتي يضمن وحدة الفتوى والمرجعية لكي لا تبقى حسبه الأمور مشتة وتعدد أنماط الفتاوى”، وأكد المتحدث على أن استحداث مفتي للجمهورية في الجزائر وبالنظر إلى أنها تلتف حول المذهب المالكي يسهل مهمة المفتي ويضع حدا للتضارب الموجود في الفتاوى ويرى عبدوس عبد الحميد أنه من الأهمية بما كان أن يكون مفتي الجمهورية مجموعة من الأشخاص وهم فقهاء وعلماء دين يحيطون بكل قضايا وتعقيدات وتشعبات العصر، ويضيف بالقول ”الفتوى هي اجتهاد في الدين وتكييف نصوص الشريعة مع مستجدات العصر وهي شرعية صالحة لكل زمان ومكان”· رتيبة بوعدمة 400 موقع نصراني يعرض خدمات إفتاء على الجزائريين فتاوى ”فاست فود” و”آل سعود” تغزو بيوتنا لمجلس الإسلامي الأعلى يعرب عن أسفه لاستفحال فوضى الإفتاء والإرشاد الديني وأصبح يتصدر لهذه المهمة الجليلة من ليسوا أهلا لها· و”الجيا” تتبنى عام 1996 فتوى أبوقتادة المصري الشهيرة التي أفتى فيها بجواز قتل المدنيين والأطفال الصغار، في وقت أحصى الداعية شمس الدين بوروبي 400 موقع الكتروني على شبكة الانترنت يديرها نصارى، يتهافت عليها الجزائريون لطلب الفتوى منها· تلك بعض معالم الفتوى في الجزائر بعدما صارت الفوضى والتخبط السمة البارزة، ففي ظل غياب مرجعية موحدة يلجأ إليها الجزائر للفتوى وتحول إلى جهات متعددة، واحدة تنكر عليه إتيان الفعل وأخرى تحببه وتجزيه، قد يتحول طالب الفتوى إلى مفتي تحت مسمى ”استفتي قلبك”· أمام تلك الحالة توجه الجزائريون المنتسبون للمذهب المالكي إلى علماء السعودية بوجه التحديد، لما تمثله هذهئالدولة من رمزية باعتبارها مهبط الدعوة المحمدية ومكان مولد خاتم الأنبياء والمرسلين، ومازاد من توجه الجزائريين إلى علمائها هو غناها بأموال النفط، الذي وفر لها وسائط إعلامية ومالية مكنتها من نشر فكر سلفي لا يتناسب حتى مع بعض السلفيات المحلية في بلاد المغرب العربي وغيرها· ومكّن هذا التفوق المادي والإعلامي السعوديين من تحجيم علماء محليين كثيرين في العالم الإسلامي، وبطبيعة اختلاف نمط العيش والتفكير بين الجزائر والسعودية التي تبعدنا ب 5 آلاف كلم، اختلطت مفاهيم الفتوى بين المسلمين، فصار المفتون السعوديون يفتون للجزائريين دون معرفة خصوصيات كل بلد وعاداته وتقاليده، ما تسبب في حدوث غزو فكري رهيب عبر الفضائيات والمطويات، التي يحملها الكثير إنتاج أعمال القتل وسبي النساء واختطافهن والدمار وحرق المساجد والمقابر، رغم نفي السلطات السعودية عنها تلك التهم، وهو النفي الذي كان على لسان السفير السعودي في مناقشة فكرية مع نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الأستاذ عمار طالبي في جلسة نقاش شهر رمضان الماضي بمقر الزميلة ”الجزائر نيوز”، وخاطب حينها عمار طالبي السفير السعودي أوقفوا عنا مشايخكم، ليرد عليه السفير إننا بريئون ممن وصفوا أنفسهم ب”المشايخ”، وأن السلطات قد وحّدت الفتوى في مؤسسة خاصة بذلك· عبد السلام·س المواريث، السحر والقروض البنكية أكثر أسئلة الجزائريين تصب جل أسئلة الفتوى لدى الجزائريين في المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية، المسائل الاجتماعية والمعاملات، وكذا قضايا السحر والمس والشعوذة والواجبات اليومية للفرد المسلم، إذ تعتبر أهم قضايا الإفتاء التي تتكرر باستمرار سواء كان الأمر على صعيد قنوات الفتوى الرسمية أو ضمن الأطر عبر الاستشارات التي يقدمها الأئمة والمرشدون· وتؤكد هذا التوجه لطلبات الاستفتاء الأرقام المعلن عنها من طرف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف عبر موقعها ”بنك الفتاوى”، إذ تعتبر كل المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية أهم قضايا الاستفتاء ممثلة حوالي 60 المائة، أبرزها ما تعلق بالميراث والزواج والرضاع كما هو الشأن بالنسبة لأحكام الشريعة الإسلامية في مسألة الزواج دون رضى ولي المرأة، الأحكام الشرعية للعلاقة الزوجية والاقتراض من البنوك من األ الزواج، بالإضافة إلى كل ما تعلق بقضايا الرضاع ومسائل الطلاق والظهار وما يترتب عليه من أحوال العدة والرجعة، النفقة والحضانة· وتجيب الحصص الإذاعية والتلفزيونية المختصة بمسائل الإفتاء بشكل مستمر على طلبات الفتوى تتعلق بأسئلة عن الأحكام الشرعية المنظمة للمعاملات الاجتماعية والعلاقات الأسرية· وهو ما تشير إليه أيضا الفتاوى المنشورة في بنك الفتاوى على غرار قضايا صلة الرحم، وحكم انكشاف المرأة عن الأجانب من غير المحارم، بينما يؤكد أئمة المساجد على وجود بعد آخر لطلبات استفتاء بدأ يأخذ في السنوات القليلة الماضية حجما أكبر، ويتعلق بالمسائل المرتبطة بالسحر والشعوذة والمس بالجن والوسواس التي تجد في كثير من الأحوال أصولها وعلاجها في الأحوال النفسية والاجتماعية للمستفتي· في حين يؤكد الأئمة أنها قضايا أخرى كثيرة تتطلب تدخل الطبيب المختص يلجأ بسببها الشخص المعني إلى الإمام لطلب الفتوى والرقية· وفي هذا الشأن قال الشيخ شمس الدين بارودي إن 99 بالمائة من السحر الممارس في الجزائر يتعلق بسحر الوهم، بينما أضاف أنه منذ ظهور قروض وكالات دعم تشغيل الشباب عرفت طالبات الفتوى الخاصة بنسبة الفوائد 1 بالمائة وعلاقتها بالربى ارتفاعا كبيرا، وأكد أنه لا يخلو يوم لا يتلقى فيها أسئلة من هذا القبيل بالإضافة إلى مسائل الحلال والحرام والراغبين في التوبة· وتعتبر بالمقابل القضايا المتعلقة بالعبادات اليومية كما هو الشأن بالنسبة للصلاة والزكاة من أبزر مسائل الاستفتاء، على غرار الصلاة في مساجد بها قبور، السدل في الصلاة، اختلاط النساء والرجال في مسجد واحد وجهة القبلة وغيرها من النقاط، فضلا عن نصاب الزكاة وكيفية أدائها والمستحقين لها· سعيد· ب بعضها يدفعك إلى الضحك وأخرى تثير فيك شعور الخجل أطرف وأغرب أسئلة الجزائريين على الفضائيات! تكشف حصص الإفتاء عبر القنوات الفضائية طرح المشاهدين الجزائريين لأسئلة أقل ما يقال عنها أنها ”غريبة” أو ”طريفة” في أحيان كثيرة· ولعل معظم متابعي حصص الفتوى القنوات الدينية على غرار ”الرسالة” و”اقرأ” و”الناس”، يصاب بنوع من الخجل الداخلي حين يتصل شخص من الجزائر لسؤال الشيخ المفتي بلغة ركيكة يسصعب فهمها على غير الجزائريين، لكن المخجل أكثر هو غرابة الأسئلة التي يطرحها هؤلاء وكمثال على ذلك نورد بعض تلك الأسئلة التي أثارت استغراب المستمعين وضحكهم في بعض الأحيان· لحس وعض الحمير·· هل يبطل الوضوء؟ من الأسئلة الغريبة والمثيرة للضحك سؤال طرحه جزائري من ولايات الغرب يدعى ”بومدين” على الشيخ المصلح في حصة ويسألونك على قناة ”الرسالة”، قائلا ”يا شيخ أنا أملك حمارة أحبها وأدللها وهي دائما تعضني وتلحسني فهل يبقى وضوئي جائزا”· وهو السؤال الذي لم يتمالك الشيخ نفسه حياله لينفجر ضاحكا على المباشر· لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد بل راح يسأله في جواز أن يعقد قران حمارته على أحد الخيول فما كان جواب الشيخ إلا أن يوجهه إلى البيطري ليجيبه على فتواه· هل الجمعة صحيحة عند سماع الخطبتين عبر التلفزيون؟
من الأسئلة الغريبة أيضا، الاستفسار عن صحة صلاة الجمعة إذا سمع المصلي الخطبتين عبر جهاز التلفزيون، بل إن البعض الآخر لم يتحرج في سؤال الشيخ: هل الذي يصلي مأموما خلف السديس في التلفزيون ينال أجر المصلي في بهو الحرم المكي الشريف؟·
أرضعت جروا فهل هو شقيق أبنائي من الرضاعة؟ وإن كانت بعض الأسئلة غريبة ومحرضة على الضحك فإن أسئلة أخرى تدفعك إلى التشكيك في الصحة العقلية لأصحابها، ولعل أغرب ما استفتي عليه الشيخ العريفي في مسار حياته الدعوة، سؤال تلقاه من إحدى السيدات الجزائريات التي اتصلت به لتسأله إن كان إرضاعها جرو كلبة لها بقي جائعا بسبب غياب أمه عنه، يجعله شقيقا لأبنائها من الرضاعة · حكم ذبح الدجاج بالزجاج والصلاة فوق القرمود؟ قد يكون دافع البعض في طرح أسئلة غريبة هو الاستهزاء بشخص المفتي، فجميع من كان يتابع حصة الفتاوى الأسبوعية التي كان يبثها التلفزيون الجزائري للراحل الشيخ أحمد حماني، يتذكر اتصالات بعض من كانوا لا يكنون كبير احترام للشيخ الراحل، ولعل أكثرها غرابة في ذلك الوقت هي اتصال أحد المشاهدين ليسأله عن حكم ذبح الدجاج بالزجاج، وسؤال آخر عن حكم صلاته فوق القرميد، وهي الأسئلة التي كانت تثير حفيظة الشيخ حماني الذي كان يرد عليها في كل مرة بأسلوب ساخر ذكي يقلب السحر على الساحر·