شرعت مؤخرا سلطات ولاية الجزائر في استرجاع عدد هام من المحلات التجارية المنتشرة بقلب العاصمة وبأرقى أحيائها، ظلت مغلقة وغير مستغلة لفترة تقارب ال30 عاما، واعتمدت المصالح التقنية في ذلك على بعض القوانين التي تخول لها "حق استغلال" الملكيات الخاصة في حال عدم توظيفها وتشغيلها على غرار المحلات التجارية. ومثالنا في ذلك محلات البريد المركزي قبالة حديقة "خميستي" التي تثير تساؤلات المارة وزوار الجزائر، المواطنين منهم والأجانب، بعد أن تحولت هذه المساحات التجارية إلى مراحيض في الهواء الطلق ومرتعا للمتسكعين والمتشردين الذين احتلوا المكان في ظل غياب أهل الدار من مالكيه وتحت نظر السلطات المحلية التي يبدو أنها تستمتع كثيرا بهذا المنظر الذي شوه منظر العاصمة وسمعتها. يشير مصدر مسؤول من ولاية الجزائر إلى أنها اصطدمت مع ورثة أصحاب هذه المحلات التجارية التي قررت الولاية استرجاعها ودخلت معهم في نزاع قضائي استغلت من خلاله مصالح الولاية بعض النصوص والمواد القانونية التي تخول لها استرجاع هذه المحلات ضمن ما يسمى "بحق الاستغلال" الذي يدخل في سياق المنفعة العامة لتحرير عدد من المساحات التجارية المملوكة لأصحابها دون استغلال لفترة تزيد عن 30 سنة، وعلى الرغم من امتلاكهم لها إلا أنه من شأن بعض النصوص القانونية إلغاء هذا الامتلاك خاصة وأن الأمر يتعلق بمحلات كانت في الأصل ملكا للدولة مما يخول لها الحق في استرجاعها.وفي نفس السياق، يوضح محدثنا أن الأمر يتعلق بمحلات أنجزتها الدولة في سبعينات وثمانينات القرن الماضي أو تلك التي خلفها المعمر الفرنسي وتسلمتها مصالح الدولة ومن المفروض أن توضع للاستغلال عبر تأجيرها دون بيعها، غير أنه تم العكس، حيث حولت ملكية هذه المحلات إلى الخواص الذين فضلوا غلقها واستغلالها في وقت لاحق، وتجاوزت مدة غلق بعضها خمس وثلاثين عاما، مما وضع السلطات في حرج كبير خاصة بعد أن قررت الولاية تمديد النشاط التجاري ليلا في خطوة لإعادة إحياء العاصمة. ويشير مصدرنا إلى أن عدد هذه المحلات يقارب 800 محل تجاري موزعة في شكل مساحات تجارية أو أنفاق تجارية منتشرة عبر بلديات الجزائر الوسطى كما هو الحال بالنسبة للبريد المركزي وكذا فندق السفير، بلدية الابيار وغيرها من النقاط الاستراتيجية الواقعة في قلب العاصمة وبأرقى أحيائها وتكاد تشوه الديكور العام لأهم شوارع العاصمة بفعل الإهمال الكبير الذي طالها في السنوات الأخيرة. وتحول العديد من المحلات "البور" بأحياء العاصمة إلى شبه أوكار تمارس فيها كل أنواع الفاحشة من دعارة وتعاطي المخدرات، فيما اتخذها آخرون ملاجئ للخلوة والنوم. أما المتشردون والمتسولون فقد أضحت هذه المحلات بالنسبة لهم فنادق لا تغلق أبوابها وفضاءات لقضاء الحاجة، أما الشباب فينظرون إليها بعيون من الطمع والأمل وأسالت هذه المحلات المغلقة لعابهم بعد أن عشعشت البطالة في يومياتهم الطويلة. ولا يخفى على أحد أن وضعية هذه المحلات التجارية أدت إلى اختلالات أمنية بأكبر شوارع العاصمة، حيث أصبحت تشتكي من تردي الوضع الأمني بعد أن باتت المحلات التجارية الشاغرة المنطلق الرئيسي لانتشار الظواهر السلبية والمشينة والآفات الاجتماعية على غرار تعاطي المخدرات والدعارة، كما تحولت إلى الشغل الشاغل لمصالح الأمن التي تضطر للقيام بدوريات مستمرة لتفقد أوضاعها، فيما تقوم مصالح النظافة بين الفينة والأخرى بتنظيف هذه الأماكن للتقليل من الروائح الكريهة المنبعثة منها. وتشير مصادر أمنية بأمن ولاية الجزائر إلى القيام بالعديد من المداهمات ليلا ونهارا لهذه الأنفاق والمساحات التجارية الشاغرة والمعرضة للإهمال، بحيث لم تخف مصادرنا مصادرتها لممنوعات ومواد مخدرة بعدد منها وقد أشعرت السلطات المصالح المسؤولة عن هذه المرافق المهملة غير أنها لم تتخذ أي إجراء لحمايتها والحيلولة دون تعرضها للإهمال والاقتحام على اعتبار أنها ملكيات تابعة للخواص ولا دخل للجماعات المحلية في تسييرها.