صدرت عن “دار الأوطان” مؤخرا مجموعة قصصية للقاص يحيى ولد أحمد تحت عنوان “شتائل الدماء”. وتحتوي المجموعة على سبع قصص، وهي “أخاديد في كهف العمر”، “الصعود إلى القاع”، “قبلة العدالة”، “أحلام ومسامير”، “شتائل الدماء”، “غريق في فلك غريق” و«أبناء الشتاء”. أقلام جزائرية لم تعد مجرد أقلام تنزف حبرا لترسم وجعا أو تعزف صمتا صاخبا، بل تحولت إلى فؤوس تسطّر حفرا لتقيم عليها ركائز تسند المعمار الأدبي والذاكرة، تسيل ماضيا محزنا ينحدر صعودا، ينزلق في كتل الألم لاستحضار صور ربما كانت تتنفس الحياة ذات يوم. من هنا تبدأ القصة برمزيتها وتكاتفها في استعادة زمن متخلّ عنها إلى زمن ينزلق على مشارف الموت، دون أن تطأ قدم أوراقا خريفية نشف ماؤها وتغيّر لونها، وحتى الطبيعة من حولها كأنها مقبرة لا شواهد لها، لا أسماء “ أخاديد في كهف العمر” بصيغة ماض يبتلع الأزمنة. يبدأ يحيى في عزفه المنفرد على أوتار لا تكاد تبين؛ إذ يقول: “كان الزمن خريفا أو يكاد، أولى بشائر الخريف تنسلخ من قيظ الصيف انسلاخا”، الرمز توابيت تحملها كلمات إلى مثواها الأخير.. الخريف الذي ينذر بكل النهايات، والذي يعرّي الأعمار من نضارتها ويبقيها شبه عيدان مرتجفة تساقطت أيامها عند قدميها”. لغة يحيى لغة شاعرية مكثفة، المجموعة القصصية كل قصصها تبعث على التشاؤم، “أخاديد في كهف العمر”، “الصعود إلى القاع”، “أحلام ومسامير”، “شتائل الدماء”، “غريق في فلك غريق”، “أبناء الشتاء”، فنجد هذا التشاؤم يتحد في العناوين وكأنه عنوان لقصة واحدة: “الأخاديد والكهف والعمر”، عنوان يحيلنا على الموت، يقول القاص يحيى: “إن أعظم خطب في الدنيا هو موت صبي، أعظم كرب أن يغرس الموت أنيابه في لحم طري، أكبر إجحاف أن يكون بين المهد واللحد مسافة قصيرة”. وفي قصته “الصعود إلى القاع” يقول القاص يحيى في سرده: “شاب الرأس... وانحنى الظهر.. ولا مطمع في عمل آخر؛ إذ أن الطامة عامة..”، إنه مشهد لليأس الذي يستسلم صاحبه للفشل التام ويلقي بكل أسلحته معلنا الانهزام.. “لتنتهي قصته ب “وما درى بعدها شيئا، فقد كثرت الأشباح ونحل سمتها حتى اختفت واختفى في العتمة”. أما قصة “أحلام ومسامير” فيفتتحها القاص بسؤال: “هل أقول مبارك عليك أم أجارك الله في مصيبتك؟”. المجموعة قصص تواجه المآسي، وبعد المقاومة تنهار ولا تستطيع التغيير؛ لأن الخطب عم كل شيء، لغة شاعرية مكثفة خصوصا في الحوارات النفسية منها؛ أي “المونولوغية”، تصور الواقع بألوان الذاكرة الداكنة. المجموعة القصصية من القطع المتوسط وتضمها 111 صفحة.