يشكل البدء في تنفيذ الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات المصرية لفض اعتصامات أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بميداني "رابعة العدوية " بالقاهرة و«النهضة" بالجيزة، معضلة مؤرقة للحكومة المصرية، غير أن تقارير إخبارية متفائلة، تشير إلى وجود اتفاق مبدئي للتهدئة غير معلن بين الحكومة والإخوان وأن الاتصالات بينهما مستمرة بوساطة أجنبية ومحلية في إطار التفاوض على حل شامل للأزمة التي تعيشها البلاد. وتواجه السلطة الانتقالية في مصر ضغوطا خارجية من أجل التريث في انتهاج الحلول الأمنية، والبحث عن مخرج للمشاكل الأمنية في إطار الحوار حول حل شامل للأزمة السياسية، حيث جددت كاترين آشتون الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوربي في تصريحات نشرت اليوم، أن الوضع في مصر "لا يزال هشا للغاية ولا يتحمل خطر المزيد من إراقة الدماء والاستقطاب"، معربة عن معارضتها "بحزم " للعنف ودعمها الحق في "احتجاجات غير عنيفة". كما شددت على أن الأفكار التي طرحها وفد الاتحاد الأوروبي والأمريكي خلال الأسبوع الماضي بشأن حل الأزمة في مصر " لا تزال متاحة للأحزاب حتى الآن"، مؤكدة أن متابعة الاتحاد للوضع في مصر مستمر في جميع المستويات وبشكل يومي". وأشار رئيس الحكومة المصرية حازم ببلاوي، في تصريح له الخميس الأخير إلى قرب البدء في تنفيذ قرار فض اعتصامات أنصار الرئيس السابق، فيما تشير تقارير إخبارية إلى أن الإجراء قد يكون تدريجي، وقد يأخذ بعض الوقت لايجاد سيناريو أكثر ملائمة لإنهاء هذه المعضلة الأمنية دون وقوع خسائر بشرية، وذلك وفقا لاتفاق مبدئي محتمل بين الإخوان والسلطة تم التواصل إليه بوساطة دولية لوقف إراقة الدماء. وأشارت نفس التقارير، إلى عدم وجود أي مواجهات تذكر بين قوات الأمن ومتظاهري الإخوان على مدى الأسبوعين الماضين على غير العادة، حيث لم يسجل سقوط ضحايا خلال الجمعتين الماضيتين رغم تواصل التظاهرات بكل قوة إمام منشآت حيوية للجيش وقوات الأمن. ومن جهتها، كشفت الإدارة الأمريكية أمس، أنها على تواصل مع الحكومة المصرية والمعارضة من أجل المصالحة والشروع في عملية سياسية شاملة بمشاركة كافة الأطراف. وقال جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، إن الولاياتالمتحدة تواصل المضي قدما في هذا الجهد انطلاقا من واشنطن، ومن خلال زيارات كبار المسؤولين الأمريكيين إلى القاهرة، في إشارة إلى احتمال زيارة مسؤولين أمريكيين، جدد للقاهرة خلال الأيام المقبلة، لاستكمال جهود الوساطة التي قام بها وليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الأمريكي بالقاهرة الأسبوع الماضي. ويتزامن هذا التصريح مع تصريحات لمصادر مقربة من جماعة الإخوان المسلمين، بأن الجماعة قررت بداية الأسبوع إرسال القيادي "عبد الموجود درديرى"، عضو لجنة العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة، والذي تربطه علاقات قوية بمسؤولين ومثقفين أمريكيين إلى واشنطن لحضور عدد من اللقاءات غير المعلنة تم ترتيبها مسبقا مع مجموعة العمل المسؤولة عن الملف المصري بالمجلس الأطلسي المقرب من الإدارة الأمريكية، وكان يترأسه وزير الدفاع الأمريكي الحالي تشاك هاجل قبل توليه منصبه، وكذا مع مسؤولين بالخارجية الأمريكية ومجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض ومسئولين آخرين. يأتي ذلك، في وقت أشارت مصادر أخرى من جماعة الإخوان المسلمين، إلى أن المفاوضات التي جرت خلال العشرة أيام الأخيرة بين الإخوان ومسؤولين حكوميين بوساطة أوروبية أمريكية خليجية عرفت شد وجذب، غير أنها "لم تفشل"، موضحة أن السلطات "وافقت من حيث المبدأ" خلالها على الإفراج عن عدد من قيادات الجماعة وأموال الإخوان المجمدة، إلى جانب مشاركة الجماعة في حكومة وطنية، غير أن ما عرقل الاتفاق، هو رفض قيادات الجيش الإفراج عن محمد مرسي وخيرت الشاطر" في الوقت الراهن" لأسباب سياسية وأمنية، منها تفادي مظاهرات غاضبة محتملة للإفراج عن قيادات الإخوان، وكذا تخوف أطراف في السلطة من احتمال انقلاب الإخوان على الاتفاق والرجوع إلى الشارع ومحاولة إثارة الفوضى من جديد للعودة إلى الحكم. ونقلت صحيفة "الأهرام" على موقعها استنادا إلى مصدر مطلع، قوله إن الاتفاق بين الإخوان والسلطات الحاكمة والقيادة العامة للقوات المسلحة "تم بالفعل"، ولكن هذا الاتفاق لم يعلن عنه، وذلك لكون القواعد التنظيمية للإخوان لن تقبل به، كما أنّ مؤيدي خارطة الطريق التي أعلنتها القيادة العامة للقوات المسلحة سترفضه هي الأخرى. ونوّه المصدر، إلى أن الاتفاق تم بعد موافقة خيرت الشاطر الرجل النافذ في جماعة الإخوان المسلمين خلال لقائه للمبعوثين الدوليين بمحبسه على 4 نقاط محددة، أولها عدم عودة مرسي لمنصبه كرئيس للجمهورية وعدم عودة مجلس الشورى وتعديل الدستور الراهن وليس إلغاؤه، ورابعا موافقة الجماعة غير المعلنة على خارطة الطريق. وكشف المصدر، أنه في المقابل، فإن السلطات الحاكمة ستقوم بدورها بالإفراج التدريجي عن قيادات جماعة الإخوان المحبوسين على ذمة التحقيقات في عدد من القضايا، إلى جانب رفع الحراسة عن أموال الجماعة وقياداتها المجمدة، وعدم حل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان وتقنين أوضاع الجماعة بعد الانتخابات البرلمانية. ومن جهة أخرى، أعلنت مشيخة الأزهر أمس، عن بدء اتصالاتها بأصحاب مبادرات المصالحة الوطنية، لدعوتهم لاجتماع بداية الأسبوع القادم للبحث عن حل للأزمة السياسية في البلاد.