تألقت أمس فنانات مسرح محترف بغدادالعراقي على خشبة قاعة الموقار حيث نزلن ضيفات بمسرحية "نساء لوركا" التي قدمت في إطار عروض خارج المنافسة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف، وذلك وسط جمهور كبير خرج من العرض و عيونه تذرف دموعا حزنا على بلاد الرافدين. في قراءة جديدة لخمسة نصوص للشاعر الاسباني فريديريكو غارثيا لوركا هي: "ماريانا"، "بينيدا"، "ايرما"، "عرس الدم" و"بيت برناردا البا"، هو ما اقترحته أمس المخرجة العراقية عواطف نعيم على جمهور قاعة الموقار، حيث لم تكتفي بإلقاء الضوء على القيود الاجتماعية البالية في العراق والتمرد والثورة عليها، بل أعطتها بعدا أوسع لتخوض في حرية الوطن والثورة من اجل القضاء على الاستبداد والسلطة الظالمة الحاجزة لضوء الحرية، من خلال تجسيدها لهموم المرأة العراقية الواقعة بين مطرقة الاحتلال وسندان المحرمات الاجتماعية. العمل جمع خمس نساء هن: "فاطمة الربيعي في دور (برناردا)، عواطف نعيم في دور (العروس)، إقبال نعيم في دور (يرما سمر) محمد في دور (ماريانا) و أخيرا شذي سالم في دور (أديلا) " أجدن التحرك على المسرح والتعبير عما يخالج أنفسهن من أحاسيس الثورة على عنف "برناردا دي البا" التي قتلت في بناتها كل رغباتهن وأحلامهن عبر حبسهن وتعنيفهن والاستمتاع بتعذيبهن و سماع عويلهن وآهاتهن المحتبسة داخل أنفسهن خوفا من كلام الناس ونظراتهم التي لا ترحم، ولكل من الفتيات همومها الخاصة، لكنهن تجتمعن على هدف واحد تملك حرية الحب بمعناه الإنساني الشامل. وسط ديكور غلب عليه سواد الحداد يتوسطه صندوق مغلق بسلسلة من حديد دلالة عن السجن، ترفع راية الحرية التي تصنع سرا عن غفلة من المستبد المجسد في شخصية الأم برناردا التي تقتل في النهاية للدلالة على ضرورة الثورة على الاحتلال من أجل الحصول على الحرية. القراءة الجديدة التي قدمتها نعيم حلقت بعيدا عن النصوص الأصلية "للوركا" لتقدم شكلا لا يخلو من الطرافة في التناول رغم القالب التراجيدي المأساوي التي اعتمدته المخرجة كقالب لعملها ، إلى جانب الجرأة في الطرح وشجاعة في الإقدام وحداثة في الرؤيا. يذكر أن الفنانة العراقية عواطف نعيم تعد من أبرز فنانات العراق المهتمات بقضايا المرأة وتتصدى لما تتعرض له من انتهاك لحقوقها. واقترن اسمها بأعمال مهمة قدمتها على خشبة المسرح العراقي منها "نساء بنت الأحزان" و"كنز الملح" و"يا طيور". كما حازت نعيم على أكثر من جائزة من بينها أفضل ممثلة في دورات عديد من ايام قرطاج المسرحية آخرها دورة 2005 كما حصلت على جائزة الإبداع عام 2002 واختارها المركز العراقي للمسرح أفضل ممثلة لعام 1985.