توقّع خبراء وبياطرة أمس انخفاض أسعار اللحوم البيضاء خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وهو تاريخ دخول إنتاج أمهات الدواجن، بعد أن سُجل عزوف المربين عن هذا النشاط خلال الأشهر الفارطة لعدة اعتبارات. من جهته، اقترح الخبير بوخالفة لعلي رئيس سابق لمجمّع تربية الدواجن بالغرب، ضرورة إعداد سياسة جديدة في مجال استيراد أمهات الدواجن، مع تشجيع المربين المحليين على تربيتها، شرط أن ترافق عملية تكثيف الإنتاج الرفع من عدد المذابح، التي لا تنتج اليوم إلا 20 بالمائة من طلبات السوق الوطنية، مشيرا إلى أنه في حالة عدم الأخذ بعين الحسبان مشاكل المربين ستبقى الأسعار مضبوطة حسب بورصة السوق، التي غالبا ما تنعكس سلبا على هامش ربح المربي، وسترتفع مرة أخرى عند ارتفاع العرض على الطلب. وسمح الملتقى الدولي حول "آثار وتقنيات تربية الحيوانات على الصحة والتكاثر الحيواني" المقام في الفترة الممتدة من 16 إلى 20 سبتمبر بولاية مستغانم، بتشخيص العديد من المشاكل التي تعيق تربية الدواجن والغنم والأبقار، مما ساهم في التهاب أسعار اللحوم البيضاء والحمراء. وحسب تصريح البيطري سعادة بن دنية مدير الفضاء البيطري بولاية معسكر، فقد تَقرر جمع 257 بيطريا من 37 ولاية، ودعوة عدد من البياطرة من إسبانيا، إيطاليا، ألمانيا والعراق لعرض تجاربهم في مجال عصرنة تقنيات التربية الحيوانية وانعكاسات ذلك على الإنتاج. وقد تم الحرص من خلال المحاضرات على ضرورة تحسيس المربين والفلاحين بضرورة اعتماد تقنيات حديثة في مجال التغذية وتهوية الإسطبلات وخممة الدجاج، الأمر الذي يسمح بتكاثر وفير، ينعكس إيجابا على نوعية الإنتاج مع ضمان تغطية صحية سليمة للحد من انتشار العديد من الأمراض، خاصة تلك التي تضر بالدواجن وتخلّف خسائر مادية كبيرة، على غرار مرض "كوليفاستول" و«سوندان"، وهي الأمراض التي غالبا ما تعود إلى غياب النظافة. وفي قراءة البيطري لسوق اللحوم البيضاء التي تشهد ارتفاعا جنونيا للأسعار بلغ حد 500 دج للكيلوغرام الواحد في بعض المناطق، أشار في تصريح ل "المساء"، إلى أن انخفاض أسعار اللحوم البيضاء في الأشهر الفارطة ترك أثرا إيجابيا لدى المستهلك، لكنه كان سلبيا بالنسبة للمربي، الذي لم يتمكن من تغطية تكاليف الإنتاج، وذلك رغم قرار وزارة الفلاحة والتنمية الريفية القاضي برفع الرسوم الجمركية على المنتجات الأساسية المستعمَلة في التغذية، ليسجَّل توقف العديد من المربين عن الإنتاج خلال الأشهر الثلاثة الفارطة، وهو ما انعكس سلبا على سوق العرض والطلب. ولاستدراك الوضع تم تنصيب لجان على مستوى كل البلديات المعروفة بتربية الدواجن، للاستماع لانشغالات المربين واقتراح حلول تسمح لهم بتخطّي مشاكلهم والعودة إلى نشاطهم. من جهته، تحدّث السيد بوخالفة لعلي رئيس سابق لمجمع تربية الدواجن بالغرب، عن مجموعة من الاقتراحات المرفوعة إلى الوزارة بغرض استدارك الوضع والحرص على عدم حدوث مثل هذه الأزمات، مشددا على ضرورة تشجيع المربين على تربية أمهات الدواجن، التي تسمح كل واحدة منها بإنتاج 145 كيلوغراما من اللحوم البيضاء، مع العلم أن السوق الوطنية اليوم لا تحصي إلا مربيين اثنين لأمهات الدواجن، ويتعلق الأمر بالمربي خربوش بولاية تلمسان وتيطفلة بولاية المدية، اللذين يوفران 2 مليونين من أمهات الدجاج. وبما أن طلبات السوق الوطنية تبلغ 4,5 ملايين فإن الوزارة تلجأ إلى الاستيراد، غير أن العملية، حسب السيد لعلي، تتم بدون مراقبة وبطريقة فوضوية، مما يجعل المستوردين يجلبون أصنافا من أمهات الدواجن غير المنتجة، وغالبا ما يلجأون إلى ذبحها بعد 30 يوما فقط، وهو ما يُحدث الكثير من الخسائر، وينعكس سلبا على أسعار اللحوم البيضاء. ويبقى انخفاض عدد المذابح أهم عائق أمام تطور فرع تربية الدواجن، خاصة أن هذه المذابح لا تنتج إلا 20 بالمائة من طلبات السوق الوطنية، وهو ما سمح، حسب السيد لعلي، بانتشار المذابح العشوائية من جهة، واضطرار المربي في كثير من الأحيان، لذبح كل الدواجن التي يقوم بتربيتها، وعليه يقترح الخبراء إعداد مجموعة من الآليات تحمي هامش ربح المربي من جهة، وتعدّل كفة أسعار السوق، وذلك من خلال ضبط إجراءات رقابية بخصوص عملية استيراد أمهات الدواجن والرفع من طاقات المذابح والتخزين، وهو ما سيسمح مستقبلا بالخروج إلى الأسواق العالمية لتصدير الفائض في الإنتاج عوض ترك المربي يتخبط في مشاكل التموين والتخزين. ورغم تطمينات البياطرة خلال الملتقى بتوقع انخفاض أسعار اللحوم البيضاء، فهم يحذّرون من عودة الأزمة من جديد في حالة عدم الرد على انشغالات المربين خلال موسم الصيف المقبل، الذي يتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة وقلة الإنتاج.