توفي الجنرال فو غيونغ جياب، بطل تحرير فيتنام ومهندس معركتي ديان بيان فو، التي أذلت وحدات الجيش الاستعماري الفرنسي أمس، عن عمر يناهز 102 عاما. ويعد الجنرال جياب، آخر شخصية شيوعية فيتنامية ممن ثار في وجه الاحتلال الغربي وقاد حرب التحرير وتوحيد الفيتناميتين في وجه الاستعمار الفرنسي سنة 1954، ثم في حرب الفيتنام ضد القوات الأمريكية سنة 1975. وهو الدور التاريخي الكبير الذي جلب له احترام ومحبة كبيرتين من أبناء الشعب الفيتنامي، رفقة مؤسس الحزب الشيوعي والرئيس الفيتنامي الأسبق هوشي مينه. وعكست تعاليق المتدخلين على شبكة التواصل الاجتماعي درجة التقدير التي كان يحظى بها هذا الجنرال النحيل الجسم الكبير الإرادة والتفكير في أوساط الشعب الفيتنامي، الكبار منهم والصغار الذين نعتوه بعبارة "بطل الشعب ستبقى دوما جنرالنا العظيم". وهي تسمية تنطبق على المسمى، إذا اعتبرنا أن الجنرال جياب يعد من أكبر مهندسي الحروب وخاصة حرب العصابات التي يتم اللجوء إليها عندما يختل ميزان القوة لصالح قوة المعتدي على قوة المظلوم. وهي الخطط التي أعيت الجيش الفرنسي وأذلته في معركة ديان بيان فو الشهيرة، والتي وضعت حدا لكبرياء ثاني قوة استعمارية في العالم ونهاية للاحتلال الفرنسي لهذا البلد سنة 1954 . وهي المعركة التي واصل خوضها ضد القوات الأمريكية المعززة بالقوات الفيتنامية الجنوبية المؤيدة لها إلى غاية دحرهما سنة 1975، بسقوط مدينة صايغون عاصمة الفيتنام الجنوبي يوم 30 أفريل سنة 1975 . وشكل ذلك، الحثّ أيضا حدثا تاريخيا بارزا في تاريخ الحرب الباردة بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي، ومهدت لانهيار الحلم الأمريكي في إنجاح نظرية الاحتواء التي صاغها وزير الدفاع الأمريكي ماكنمارا، التي وضعها خصيصا من أجل وقف الزحف الشيوعي على دول جنوب شرق آسيا. وقال جياب معلقا على ذلك الحدث التاريخي الكبير "إنني لما كنت صغيرا كنت أحلم دائما أن أرى بلادي مستقلة وموحدة، ولما تحقق الحلم، أصبح الأمر وكأنه صفحة طويت من عمر التاريخ". والمفارقة، أن الجنرال جياب كان عصامي التكوين في المجال العسكري الذي استقاه من قراءته لكتب التاريخ ومذكرات كبار قادة الحرب، الذين استمد منهم أساليب الحرب وتكتيكات القتال، التي أصبحت ولعدة عقود عقيدة لمختلف جيوش العالم، ومازالت نمطا ثوريا لكثير من التحرير التي تنشط هنا وهناك في مختلف بؤر التوتر في العالم.