عرف حفل افتتاح مهرجان الأغنية السطايفية في طبعته السادسة، سهرة أول أمس، حضورا مكثفا للعائلات والشباب من مختلف مناطق الولاية. وقد استُهل بملحمة “حنين” التي صنعت الحدث، حيث أبدى الجمهور تفاعله مع العرض الذي يُعد رائعة من روائع المسرح والفن السطايفي؛ فهي مزج بين الأغنية السطايفية الأصيلة أو ما يُطلق عليه ب “السراوي” و الأغاني الحديثة العصرية. العرض الملحمي مدته 26 دقيقة، استمتعت فيه العائلات الحاضرة كثيرا بمضمونه، وكان أبرز ما قُدم في الحفل. وأدى العمل مجموعة من الشباب وألمع الممثلين بولاية سطيف، ومن تأليف الأستاذ عبد الرزاق بوشناق وليديا داودي، وإخراج توفيق مزعاش، أما الديكور فكان من تصميم خواثرة شوقي. وتخللت الملحمة أغان سطايفية أصيلة، أهمها “الطيارة الصفراء”، “العجوز ألي جيتي” و«فرح الليلة محلاه” التي قدّمها سمير سطايفي وبكاكشي الخير بأغنيته المعروفة “هذا واشي واش هذا”، والفنان تشير عبد الغاني، الذي أدى أغنية “يا لميمة”، حيث أراد من خلالها مخرجها إبراز أهمية الطابع السطايفي الأصيل وتمجيده؛ كون هذا الطابع كان يُستخدم في تشجيع المجاهدين والرفع من عزائمهم من أجل الاستمرار في الكفاح المسلح من أجل نيل الحرية ورفع الراية الوطنية، التي راح ضحيتها مليون ونصف مليون شهيد. من جهتها، المطربة الجزائرية فلة عبابسة أبدعت في تقديمها للأغاني السطايفية، واستطاعت من خلالها خلق جو مميز، إذ تفاعل الجمهور معها مرددين كل الأغاني التي أدتها، أهمها “الصالح يا الصالح” ، “خالي يا خالي” ، “قالوا ما قالوا”، “راني جاي” و«قسما عظما”، كل هذه الأغاني صفّق لها الجمهور كثيرا. وقد قامت محافظة المهرجان بتكريم وجوه غنائية، ساهمت كثيرا في إثراء الأغنية السطايفية قبل عدة سنوات، وكان لهم الفضل في رسم معالم هذا الطابع الأصيل وترسيخه في ذاكرة الجيل الجديد، حيث أشرف والي الولاية محمد بودربالي على تكريم الفنان “لعمري مزاغشة” أحد معتقلي قصر الطير. كما كرّم رئيس المجلس الولائي محمد قيرواني الفنان “كمال زيادنة”. أما الفنان “بوذراع حسان” فتم تكريمه من طرف ممثلة وزيرة الثقافة، يليه تكريم للفنان “عبد الإله بوروبة” من طرف مدير الثقافة إدريس بوديبة. أما الفنان “بيزي عبد القادر” فتم تكريمه من طرف مدير إذاعة سطيف أحمد حماش. وأكد محافظ المهرجان السيد إدريس بوذيبة، أن الهدف من تنظيم هذه التظاهرة هو “اكتشاف مواهب شابة والحفاظ على الأغنية المستوحاة من التراث السراوي التي تعدت شهرتها حدود الوطن والتعريف بهذا النوع الغنائي الأصيل”. كما اعتبر هذا الحدث الفني بمثابة “فضاء”، و«فرصة” تسمح للأجيال المتعاقبة بالاستلهام من هذا النوع الموسيقي الذي وجد طريقه إلى قلوب الشباب خاصة، فضلا عن دراسته على غرار باقي الأنواع الموسيقية التي تصنع تراث الثقافة الجزائرية. وسيتنافس خلال هذه التظاهرة التي انطلقت التصفيات الخاصة بها ابتداء من أول أمس، 24 مرشحا ما بين هواة ومحترفين من العديد من ولايات الوطن تأهلوا في التصفيات الأولى التي جرت سابقا، وذلك من مجموع 76 تقدموا للمسابقة للفوز بالجوائز المالية الخمس الكبرى التي رصدتها محافظة المهرجان لهذا الغرض، والتي بلغت قيمتها 700 ألف دينار جزائري. كما تنظَّم على هامش هذه التظاهرة التي تُختتم فعالياتها يوم التاسع من نوفمبر الجاري، ندوات حول تاريخ الأغنية السطايفية بالإضافة إلى “قعدات” ليلية بين المهتمين بهذا النوع من الغناء، فضلا عن تكريم بعض الوجوه الفنية التي قدّمت الكثير في مجال الأغنية السطايفية.