كشفت دراسة أعدتها الدكتورة بولكحل نادية من مصلحة الأمراض المعدية بالمستشفى الجامعي “ابن باديس” بقسنطينة، عن عينة من المصابين بمرض السيدا، أن نسبة انفصال الأزواج عن بعضهم البعض بسبب اكتشاف إصابة الآخر بداء أو فيروس السيدا تراجعت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، خلافا لنهاية التسعينيات التي عرفت حالات طلاق كثيرة بسبب اكتشاف الطرف الآخر للمرض. كما بينت الدراسة أن حاملي فيروس نقص المناعة المكتسبة أو المصابين بالسيدا الذين وصلوا إلى أشد مراحل العدوى تقدما، أو ما يعرف طبيا ب (متلازمة العوز المناعي المكتسب)، من ممارسي المهن الحرة والتجار، حيث أكدت المتحدثة أن فئة قليلة لا تتجاوز الثلاث حالات وصلت إلى المصلحة، كانت ضحية حادث مهني، أما البقية المصابة بهذا المرض الخبيث فانتقلت إليهم العدوى عن طريق العلاقات الجنسية غير الشرعية عند أغلب الرجال وكذا بعض النساء اللائي يمارسن الدعارة، بينما كانت بقية النسوة المصابات ضحايا العلاقات مشبوهة لأزواجهن، إذ أشارت المتحدثة خلال دراستها، إلى أن عدد حالات المتابعة بمصلحة الأمراض المعدية بين نوفمبر 2012 إلى نوفمبر 2013 وصلت إلى 70 حالة، ل 46 رجلا و24 امرأة من بينها 9 حالات جديدة توجد بينها حالة متقدمة من المرض الذي فتك في نفس الفترة لحياة مصابين، من بينهم زوجان. من جهة أخرى، تطرقت المتحدثة والمختصة في الأمراض المعدية خلال دراستها الميدانية إلى عدة حالات قصدت المصلحة خلال السنوات الأخيرة، إلى جانب التضامن الكبير مع عدد الأزواج المصابين بالسيدا أو الحاملين للفيروس باختلاف أعمارهم، مؤكدة أن أكثر الحالات التي مرت على المصلحة، سواء كان الزوج وحده المصاب أو الزوجان معا، أو الزوجة وحدها، أظهر فيها الأزواج تمسكهم ببعضهم، متخطين مرحلة عدم التسامح، أو الحقد على الطرف التسبب في نقل العدوى إلى الآخر، حيث يرافقون ويساندون بعضهم طيلة فترة الخضوع للعلاج داخل المستشفى، مع الحرص على تقديم الأدوية بشكل منتظم، وتوفير شروط النظافة والتغذية الجيّدة. ولعل أهم عينة في الدراسة تتمثل في وقوف زوجة مسنة في ال 60 من عمرها، إلى جانب زوجها الذي حمل الفيروس منذ سنوات، وهو حاليا طريح الفراش بالمستشفى بسبب المضاعفات التي أصابته، كما أضافت المتحدثة خلال محاضرة حول مرض السيدا وخطورته بمناسبة اليوم العالمي للسيدا، أن أكثر من 10 أزواج مروا على المصلحة أثبتوا وقوفهم جنبا إلى جنب، منهم من لايزال على قيد الحياة إلى حد الساعة، ومنهم من فارقوها دون الانفصال عن بعضهم، مقدمة أمثلة عن أزواج في مقتبل العمر تحدوا كل شيء للبقاء مع الشريك المصاب، ولعل من الحالات التي تحدثت الدكتورة مطولا عنها؛ حالة شاب أصر على الزواج بحبيبته رغم علمه بحملها لفيروس نقص المناعة المكتسبة، بعد ظهور نتائج التحاليل الطبية المطلوبة لعقد الزواج، إذ تحدى كل الصعوبات وعقد قرانه عليها مع علمه بإصابتها بداء فقدان المناعة، لكن ليس بسبب علاقة جنسية غير شرعية. من جهته، نبه البروفيسور جمال الدين عبد النور من مصلحة الأمراض المعدية بمستشفى ابن باديس، بالخطورة القصوى لفيروس السيدا عند دخوله الجسم، بسبب عدم ظهور علامات، ما عدا البعض منها يزول بتناول مسكنات بسيطة ليستقر في الجسم بهدوء لمدة تتجاوز ال 10 سنوات، ويشرع بعدها في تحطيم نظام المناعة. وتحدث البروفيسور مطولا عن هذا المرض الخبيث الذي يصيب الجهاز المناعي البشري والتقليل من فاعليته، ليترك المصابين به عرضة للإصابة بأنواع من العدوى والأمراض الانتهازية والأورام. كما دعا المتحدث إلى ضرورة الكشف المبكر عن الفيروس، باعتبار أن هذا الداء لا ينتقل عن طريق العلاقات الجنسية غير الشرعية فحسب، إنما عن طريق الحقن المستعملة، شفرة الحلاقة، فرشاة الأسنان، العتاد غير المعقم لطبيب الأسنان وإبر الحجامة، حيث شدد البروفيسور على ضرورة إجراء تحاليل الكشف عن فيروس السيدا، لاسيما الشباب الأكثر عرضة للإصابة بالداء، من أجل تفادي المضاعفات الخطيرة والعيش لمدة طويلة بفضل العلاج المبكر، مشيرا إلى أن الفحص يجرى في المراكز المتخصصة بطريقة طوعية، سرية ومجانية متبوعا بإرشادات طبية، مضيفا في نفس السياق، أن التقارير الطبية تشير إلى أن داء السيدا في الجزائر يتفشى بشكل مخيف، وما يقلق في الأمر أن هوية معظم المصابين به غير معروفة، مما يصعب من مهمة تطويق الداء، حيث أكد البروفيسور جمال الدين عبد النور أن الفيروس في تزايد شهريا.