وضعت إيران الإدارة الأمريكية ومعها الدول الغربية الأخرى أمام الأمر الواقع عندما هددت بالانسحاب من اتفاق جنيف في حال صادق الكونغرس الأمريكي على عقوبات إضافية ضدها. ولم تنتظر السلطات الإيرانية لتخرج عن صمتها إزاء التهديدات التي مافتئ نواب الكونغرس الامريكي يلوحون بفرض عقوبات إضافية على إيران وأكدت أنها سترفع من سقف تهديداتها هي الأخرى بإلغاء العمل باتفاق 24 نوفمبر الماضي من أساسه. وإذا كانت طهران أرادت أن تضع النقاط على الحروف باتجاه الكونغرس فإنها أرادت أيضا أن تضع الرئيس الأمريكي باراك اوباما أمام الأمر الواقع وتؤكد له أن حل هذه المعضلة بين يديه وعليه أن يتحمل مسؤولياته في هذا الشأن. وتحول اتفاق مجموعة الستة وإيران فيما أصبح يعرف باتفاق جنيف إلى قضية داخلية أمريكية عندما حاول نواب من المعارضين لسياسة الرئيس باراك أوباما في عملية لي ذراعه وعملية ضغط للحصول على تنازلات متبادلة على خلفية القوانين الاجتماعية التي تمكن من تمريرها خلال عهدته الماضية وخاصة ما تعلق بمسألة تعويضات الضمان الاجتماعي التي رأى فيها الجمهوريون ضربة لمصداقية النظام الرأسمالي الأمريكي وإضعافا للخزينة الفيدرالية التي أثقل كاهلها بالديون الداخلية. ولا يستبعد أن يكون المناهضون لاتفاق إيران ومجموعة الستة تحركوا بإيعاز من اللوبي اليهودي إرضاء لإسرائيل التي سارعت إلى التأكيد بأن الاتفاق ”مأساة تاريخية” بالنسبة لها بدعوى أنه يعطي لإيران كامل الوقت لإنتاج أول قنبلة ذرية وتهديد أمنها.وتظهر إيران في ظل هذا الموقف في موقع قوة مقارنة بالولايات المتحدة على اعتبار أن اتفاقها مع دول مجلس الأمن الدولي الدائمة وألمانيا نص صراحة على رفع تدريجي للعقوبات الاقتصادية التي فرضتها عليها الأممالمتحدة وأي تراجع عن هذا المبدأ يعطيها الحق في مراجعة موقفها من الاتفاق.وأدرك الرئيس الامريكي هذه الحقيقة وهو الذي راح يطالب في كل مرة نواب الكونغرس بعدم المصادقة على أية عقوبات جديدة على إيران في وقت يجب فيه رفع بعضها لإيجاد الثقة اللازمة لإنجاح اتفاق جنيف الذي شكل أكبر اختراق في أزمة دولية معقدة عمرت لأكثر من عشر سنوات. وقال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أن الاتفاق نص على تجميد بعض نشاطات البرنامج النووي الإيراني في مقابل رفع عقوبات مفروضة على بلاده بهدف تمهيد الطريق أمام تحقيق تسوية نهائية بين إيران والمجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي. وقال بوجود خلافات بين طهران والسداسية الدولية تتمثل في إلغاء جميع العقوبات المفروضة سواء ما فرضه مجلس الأمن الدولي أو الحظر الأحادي أو متعدد الأطراف خارج الأممالمتحدة إلى جانب نشاطات تخصيب اليورانيوم التي تمارسها إيران. ولم تخف وزارة الخارجية الأمريكية، أمس، مخاوفها من فرض عقوبات على إيران خلال المفاوضات حول برنامجها النووي” بقناعة انها ستأتي بنتائج عكسية. وأكدت أن فرض عقوبات جديدة على ايران سيهدد تجانس ووحدة مجموعة 5+1 ومن المؤكد أنه قد يعرض للخطر المفاوضات التي عملنا جميعا بجد من أجل التوصل إليها كونها الفرصة الأفضل منذ عقد للتوصل إلى نتيجة سلمية”.