سار العرب ومعهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس في سياق الرغبة الأمريكية بمنح مهلة إضافية لمفاوضات السلام الجارية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي برعاية أمريكية والتي كانت حددت مدتها الزمنية بتسعة أشهر بدءا من شهر جويلية الماضي.ومنح وزراء خارجية الدول العربية الأعضاء في الجامعة العربية في اجتماعهم، أول أمس، بالعاصمة المصرية، مهلة إضافية للعملية السلمية بغية إعطاء فرصة أخرى لتسوية القضية الفلسطينية وفق الشرعية الدولية. وصب القرار في نفس سياق رغبة الولاياتالمتحدة التي عبر عنها وزيرها للخارجية، جون كيري، خلال جولته الأخيرة إلى فلسطينالمحتلة، عندما اصطدم بالرفض الفلسطيني للمقترحات التي جاء بها من أجل التوصل إلى اتفاق سلام لكن على حساب إهدار مزيد من الحقوق الفلسطينية المغتصبة. وبهذا القرار تكون الدول العربية قد منحت مزيدا من الوقت ليس فقط لإسرائيل لمواصلة سياساتها التهويدية والاستيطانية بكل ارتياح وأيضا للولايات المتحدة التي بلغت مساعي وساطتها طريقا مسدودا بإقرار المسؤولين الفلسطينيين أنفسهم. وقال واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إن الاتفاق المرحلي الذي يسعى وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، في زيارته المقبلة لفلسطينالمحتلة تثبيته كاتفاق نهائي مع الجانب الإسرائيلي ”ينتج دولة فلسطينية ممسوخة وناقصة السيادة وغير متواصلة”. وشدد أمس على ”الرفض الفلسطيني الثابت بالاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية أو بقاء جيش الاحتلال لسنوات في منطقة الأغوار عبر الحدود الشرقية لفلسطين وبقية أراضي الضفة الغربية”. وحتى وزير الشؤون الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، أكد أن الإدارة الأمريكية ”لم تقدم أي ورقة رسمية تحدد موقفها من العملية التفاوضية بين الفلسطينيين والإسرائيليين حتى الآن وما جرى هو نقاش لأفكار بغرض استكشاف المواقف”.وما لم يشأ الوزير الفلسطيني قوله بخصوص هذه الأفكار أن نظيره الأمريكي يريد من الجانب الفلسطيني تقديم مزيد من التنازلات من أجل إرضاء حكومة احتلال تريد التوصل إلى سلام على مقاسها ويخدم فقط مصلحتها. وما يبعث على القلق أن يكون القرار العربي حتى وإن تضمن إصرارا على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفقا لحل الدولتين ومطالبته واشنطن بضرورة إلزام إسرائيل بوقف الاستيطان يمهد الطريق أمام الإدارة الأمريكية لفرض مزيد من الضغوط على الجانب الفلسطيني لحمله على تقديم التنازلات التي تريدها إسرائيل. ويتأكد ذلك خاصة وأن جون كيري طرح اتفاقا أمنيا يتضمن الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل وبقاء الاحتلال في الضفة الغربية مدة عشر سنوات قابلة للتمديد والإبقاء على الكتل الاستيطانية الكبرى. وهو ما أثار ردود فعل من الداخل الفلسطيني غير مرحبة بقرار وزراء الخارجية العرب إلى درجة أن حركة المقاومة الإسلامية ”حماس” رأت فيه ”خطوة غير موفقة ولا تعبر عن رغبة الشارع الفلسطيني الذي يعارض المفاوضات”. وقال فوزي برهوم، الناطق باسم حركة حماس، إن ”هذه الخطوة تنم عن استجابة فعلية للضغوط الأمريكية على حساب حقوق ومصالح شعبنا”. مبديا مخاوفها في أن ”تستغل هذه المفاوضات من قبل الاحتلال كفرصة للإسراع في مشاريعه الاستيطانية والتهويدية والتجرؤ على هدر الدم الفلسطيني”.