ألقت أمس وزيرة الثقافة خليدة تومي بدلوها في الجدل الذي أثارته تصريحات المجاهد ياسف سعدي، التي اتّهم فيها المجاهدة زهرة ظريف بالوشاية بحسيبة بن بوعلي وتمكين الجيش الفرنسي الاستعماري من معرفة المخبأ الذي كانت فيه إلى جانب الشهيدين علي لابوانت وعمر ياسف، مؤكّدة أنّ كلّ ما يحدث من سجال هدفه تدمير الثورة وتلطيخ سمعة من قادوها بكلّ ثقة، داعية الشباب إلى عدم الانسياق وراء هذه الحملة التي تستهدف أعظم ثورة في التاريخ. ورجت تومي عبر أمواج القناة الأولى، المجاهدين وكلّ الذين ساهموا في الثورة التحريرية المظفرة، التحكّم في النفس والافتخار دوما بما قدّموه فداء للوطن. وقالت: ”فرنسا الاستعمارية لاتزال تتحيّن الفرص لضرب الجزائر في رموزها وأركانها”، فلا بدّ من التريّث قبل إطلاق اتهامات تمس رموز الجزائر الثورية. وقالت إنّ مكانة ياسف سعدي لا أحد ينكرها، لكنه لم يسبق وأن تحدّث عن خيانة زهرة ظريف لا في مؤلفه في ستينيات القرن الماضي، ولا في فيلم ”معركة الجزائر” ولا حتى في مؤلفه الأخير الذي يقع في ثلاثة أجزاء، فلماذا يثير الجدل من جديد بعد عقود من الزمن بطريقة فيها الكثير من التخوين؟ حيث سبق له وأن اتّهم المجاهدة لويزة إغيل أحريز في نضالها، وهو اليوم يطلق النار على زهرة ظريف، ومن خلالها على المجاهدة الراحلة فتيحة حطالي أرملة الشهيد مصطفى بوحيرد. وأكّدت ضيفة حصة ”إضاءات”، أنّ هذه الاتهامات جاءت أياما بعد صدور مذكرات المجاهدة زهرة ظريف، التي حملت في أكثر من 600 صفحة، العديد من الحقائق وكذا الكثير من التبجيل لرفقاء النضال والسلاح. وقالت: ”تساءلت كيف لكتاب أن يقلق، ورحت أعيد قراءته، فوجدت أنّه يضرّ بالاستعمار الفرنسي، فهي تناولت مسيرتها منذ ولادتها، وكيف تربت وترعرعت بين قامات الكفاح الجزائري؛ من بن مهيدي، ذبيح شريف، عرباجي، طالب عبد الرحمان، حسية بن بوعلي، سامية لخضاري وياسف سعدي”. وأشارت تومي إلى أن زهرة ظريف تحدّثت في كتابها ”مذكرات محاربة”، عن وجود رسالتين روّجت لهما فرنسا على أساس أنّها بعثت بهما لحسيبة بن بوعلي تثنيها فيهما عن النضال، الأولى بتاريخ 8 سبتمبر 1957، والثانية بتاريخ 18 سبتمبر 1957، وهي رسائل مفبرَكة من صنيع المكتبين ”الثاني” و«الخامس” لمصالح الاستخبارات الفرنسية. وتساءلت ظريف في كتابها: ”لماذا أراسل حسيبة وهي كانت معي في نفس المخبأ في هذين التاريخين؟”. وأضافت تومي في هذا السياق، أنّ هذه الوثائق معروفة عند المؤرخين والباحثين، وتدخل ضمن ”العمل البسيكولوجي” للاستعمار، الذي حاول في الكثير من الأحيان، تحطيم نفسية المجاهدين وزرع الفتنة فيما بينهم. وحتى إن ألقت اتهامات ياسف لظريف بظلالها على حصة ”إضاءات” الإذاعية، حيث استهلكت نصف الحصة، إلاّ أنّها لم تمنع وزيرة الثقافة من الوقوف عند أهم معالم المشهد الثقافي الجزائري في السنوات الماضية، إذ ذكّرت بما بذلته الدولة من مجهودات لإعادة الاعتبار للتراث الوطني المادي وغير المادي وكذا تثمينه، علاوة على تحديد ملامح صناعة الكتاب في الجزائر، وعلى ضوئه - حسبما ذكرت - سيتمّ في الأيام القادمة مناقشة القانون المتعلّق بتجارة الكتاب بكلّ أشكاله، مضيفة أنّ هذا القانون سيسمح بتنظيم ومساعدة الموزعين، ناهيك عن تشجيع فتح محلات بيع الكتب في كلّ الولايات بتسيير شباب مكوّنين في هذا المجال. ولم تفوّت تومي الفرصة لتفتح النار على من اعتبرتهم يريدون الاستفادة من أموال الشعب الجزائري دون وجه حق، خاصة في قطاع السينما، حيث أكّدت أنّه لا يمكن التلاعب بأموال صندوق دعم الإنتاج السمعي البصري، وقالت: ”بأيّ حق ندعّم عملا سينمائيا بملايين الدينارات دون أن تلقى الدولة الجزائرية اعترافا بالفضل؟.. هل نشتري عملا قمنا بتمويله؟.. للأسف هناك من يخضع لشروط خارجية، ثمّ يأتي ليفتح النار على كلّ ما هو جزائري”.. وأضافت: ”لا نمنع الأعمال السينمائية، ولكن نمنع سرقة أموال الجزائريين”. أمّا عن تحضيرات ”قسنطينة، عاصمة الثقافة العربية 2015”، فأكّدت الوزيرة أنّها تسير بوتيرة حسنة، ببرنامج يضمّ 25 مشروعا جديدا، 74 مشروع ترميم، إضافة إلى برنامج ثقافي ضخم، مشيرة إلى أنّ الجزائر يمكنها أن ترفع التحدي مثلما فعلته في ”الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007” و«تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011”، مشدّدة على فكرة أنّه عرس الجزائر قاطبة، لا عرس قسنطينة فحسب.