مع استعداد الحملة الانتخابية لطيّ آخر أوراقها مازال رهان المترشحين يرتكز على دعوة المواطنين إلى المشاركة القوية في الانتخابات الرئاسية، التي يفصلنا عن موعدها أسبوع واحد فقط، في حين لم تخرج خطاباتهم عن إطار الوعود بالتكفل بالانشغالات الاجتماعية من باب كسب ود الناخبين، في الوقت الذي ظهر التباين في طرح القضايا من مترشح إلى آخر، ومحاولة استدراك أخطاء الأسبوعين الماضيين. وظهر أن المترشحين مازالوا إلى غاية أمس، مع معركة إقناع المواطنين في وقت يُجمع متتبعون على وجود تناقض صارخ بين الخطاب والواقع في برامج أغلبيتهم؛ بسبب افتقارهم إلى خبرة تسيير الشأن العام؛ مما يجعلهم يدورون حول نقطة تقديم الوعود التي تخلو من نظرة استشرافية. ويُفهم من تركيز المترشحين على المسائل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية مع إغفال قطاعات أخرى كالرياضة والثقافة، بأنها محاولة لإدراج الأولويات التي تهم الواقع المعيشي للمواطن بالدرجة الأولى، وهو ما أثار العديد من الانتقادات؛ كون خطابات أغلبية المترشحين اكتفت بالحديث عن هذين المجالين بشكل سطحي، في حين لم يتطرق آخرون أصلا لقطاعي الرياضة والثقافة في برامجهم. وإذا كانت مسألة الوحدة الوطنية حاضرة في كل التجمعات الشعبية التي نشّطها مدير الحملة الانتخابية للمترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة، فإنه اغتنم فرصة تنشيطه التجمع الشعبي بولاية غرداية أمس، للتأكيد على ضرورة التمسك بهذه الوحدة؛ في إشارة إلى الأحداث الأخيرة التي شهدتها الولاية. واعترف في هذا الإطار بوجود مشاكل يعاني منها شباب المنطقة، وعلى رأسها التشغيل؛ حيث نقل تعهّد بوتفليقة بإيجاد الحلول المناسبة؛ "وذلك بعيدا عن كل ديماغوجية"، داعيا إياهم إلى "عدم الإصغاء للآراء التي تهدف إلى تفرقة أبناء الشعب الواحد". وهو ما ذهب إليه رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي، الذي دعا إلى نبذ الخلافات بين أبناء الوطن الواحد، وحماية الجزائر من الأخطار التي تحدّق بها من الداخل والخارج؛ من خلال ممارسات الحقرة والتهميش والإقصاء التي يعيشها الجزائريون، والتي تستدعي المزيد من التلاحم والتضامن.
وغير بعيد عن حل المشاكل التي من شأنها أن تعزز التآلف بين المواطنين، وعد مترشح عهد 54 علي فوزي رباعين، بسَن مجموعة من القوانين "الخاصة"، لتسوية ملفات تخص ضحايا العشرية السوداء والمفقودين والحرس البلدي والدفاع الذاتي؛ من منطلق أنها قضايا حساسة "لا ينبغي استغلالها لتحقيق أهداف سياسية". كما حضر قطاع الصناعة في خطابات بعض المترشحين مثل المترشح الحر علي بن فليس، الذي التزم برفع مساهمة قطاع الصناعة في الدخل الوطني الخام إلى 15 بالمائة؛ من خلال اعتماد مخطط إعادة التصنيع الوطني في ظرف 5 سنوات؛ بهدف خلق الآلاف من مناصب العمل الجديدة. وأبرز ما ميّز اليوم الثامن عشر من الحملة الانتخابية هو حدوث مناوشات بمتليلي بولاية غرداية، عقب التجمع الشعبي الذي نشّطه مدير الحملة الانتخابية للمترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة؛ في سيناريو ذكّرنا بأحداث ولاية بجاية الأخيرة؛ حيث قام بعض الشباب برشق موكب سلال بالحجارة، فيما تم نقل الصحفيين المكلفين بتغطية التجمع، خارج المنطقة، وسط إجراءات أمنية مشددة. وفي الجانب التنظيمي للحملة الانتخابية، أصر مرشح الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي، على تنظيم تجمّع شعبي يوم السبت القادم بالقاعة متعددة الرياضات حسين شعلان، بمركّب مصطفى تشاكر بالبليدة رغم عدم برمجته؛ بحجة "عدم احترام" الإدارة للقوانين المنصوص عليها، مضيفا: "عندما لا تُحجز القاعة عن طريق القرعة فإن الأولوية تُعطى للمترشح نفسه وليس لمن يمثله أو ينوب عنه، أو للمكلف بإدارة حملته الانتخابية"، في حين أكد مدير التنظيم والشؤون العامة لولاية البليدة، أن الإدارة لا دخل لها في تحديد برنامج الحملة الانتخابية، ولا في منح القاعات التي تجري فيها تجمّعات المترشحين أو ممثليهم.