أكد المدير السابق لدار النقد بالجزائر “1964-2006”، السيد عبد الرحمان عمور، أن عملية سك واعتماد العملة الوطنية “الدينار الجزائري” التي ترمز لسيادة أي دولة مستقلة عام 1964، كانت صعبة للغاية، لاسيما في ظل خروج البلد من مرحلة الاستعمار الفرنسي التي دفعت بالجزائر إلى إعادة بناء ذاتها ومؤسساتها من جديد بعد 132 سنة من الاحتلال. وأوضح السيد عمور، في ندوة نشطها أمس الثلاثاء، بمنتدى المجاهد بالجزائر العاصمة، حول موضوع “سك العملة الجزائرية في الذكرى ال50 لتحويل الفرنك الفرنسي الى الدينار الجزائري”، أن تحقيق هذا الرهان المالي والاقتصادي الذي يعكس هيبة وسيادة الدولة لم يكن بالعمل السهل على الإطلاق، بحكم أن الجزائر كانت حديثة الاستقلال ولم تكن لها الخبرة والكفاءة العالية لإنشاء عملة رسمية خاصة بها. وأضاف المتحدث في هذا السياق، أن الشروع في صك العملة الوطنية عرف عدة مراحل تاريخية بعد عامين من الاستقلال (1964)، مؤكدا أن الجزائر باشرت بشكل مباشر بعد استرجاع السيادة الوطنية عام 1962، في تعويض الفرنك الفرنسي الذي كان متداولا بشكل كبير في تلك الفترة، وتم التعامل بالدينار الجزائري يوم 10 أفريل 1964 بشكل رسمي. كما أوضح المتحدث أن قيام الدولة الجزائرية بتعويض الفرنك الفرنسي بالدينار الجزائري شجّعها لاحقا على التفكير في إنشاء بنك الجزائر كأول مؤسسة مالية وبنكية ترى النور بعد الاستقلال، مشيرا الى أن فرنسا كانت تعارض بشدة فكرة تعويض عملتها بالعملة الوطنية بحكم احتلالها للجزائر وإخضاع هذه الأخيرة تحت سيطرتها وهيمنتها المطلقة طيلة فترة الاستعمار. واستعرض المحاضر الذي شغل منصب مدير مركزي للمطبعة الرسمية، الظروف التي ميّزت التفكير في صك عملة وطنية رسمية، والتي مكنت الجزائر يوم 10 افريل 1964، من تداول أولى قطع الدينار الجزائري، وصك ملياري دينار اللازمة لتعويض الفرنك الفرنسي . كما عبّر السيد عبد الرحمان عمور، عن اعتزازه الكبير بمشاركته رفقة مجموعة من رفاقه في سك العملة الوطنية الجزائرية، مثمّنا إنشاء المطبعة الوطنية التي تحتل الصدارة افريقيا من ناحية الإشراف على مراحل صك العملة بعيدا عن اتفاقيات المناولة الأجنبية. وللتذكير، حظيت الجزائر عام 1988 بأول ورشة لصناعة القطع النقدية والطوابع البريدية وأختام الدولة، الأمر الذي صنّفها ضمن الدول الاولى عربيا وافريقيا التي سارعت لاسترجاع السيادة الوطنية على عملتها (الدينار)، وجعلها العملة الرسمية المتداولة داخل الوطن. وللاشارة، حضر هذه الندوة التي نظمت بمناسبة خمسينية صك العملة الجزائرية وتحويل الفرنك الفرنسي الى الدينار، شخصيات تاريخية وإطارات إدارية تداولت على مؤسسة البنك الجزائري، الى جانب أساتذة وطلبة واعلاميين.