حملت الرسالة التي بعث بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة إحياء عيد العمال، الخطوط العريضة لسياسة الدولة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي ترتكز أساسا على خلق مناصب الشغل، مؤكدا أن منظومة الأجور ستشهد زيادات جديدة على إثر إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل، وإعادة تعريف محتوى الأجر الوطني الأدنى المضمون. وترجمت رسالة رئيس الجمهورية الإرادة في استكمال جملة الإجراءات المعلَنة لصالح العمال خلال السنوات الماضية، وذلك بمواصلة حشد مخصصات مالية وبشرية ضخمة لخلق مناصب الشغل، وفق قناعة أن من واجب الدولة تأمين جميع الظروف اللازمة لتحقيق هذا الطموح الوطني تدريجيا، مؤكدا أن ذلك سيظل أحد المحاور الكبرى للسياسة التنموية التي ستواصل الدولة الجزائرية تنفيذها، في سياق مواصلة اتخاذ الإجراءات لصالح الفئة الشغّيلة، كما كانت الحال مع إعادة تثمين المعاشات وعلاوات التقاعد بصفة منتظمة. وإذا كان توفير مناصب الشغل يحتل صدارة السياسة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد في إطار الاستجابة لانشغالات الشباب المتخرجين من الجامعات والمعاهد والمدارس، فقد دعا الرئيس بوتفليقة إلى تجميع الجهود من أجل العمل على خلق الظروف المواتية لإنشاء مناصب الشغل عبر كافة أرجاء الوطن. وإذ حيّا تحلّي عمال وعاملات الجزائر بالتعبئة المثالية والالتزام الوطني في خضمّ مجهود التقويم الوطني، فإن تجسيد التطلعات لن يتأتى - بالنسبة لرئيس الجمهورية - إلا في إطار التوافق العام وتفعيل هذه السياسة التي تتطلع أيضا إلى ترقية تنافسية المؤسسات، مع الدعوة إلى خوض المعركتين بمساهمة الجميع؛ حيث يشكل العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو الفضاء الأمثل للاستجابة للانشغالات؛ من خلال ضم جهود جميع الشركاء؛ من سلطات عمومية ونقابات وأرباب عمل، في القطاعين العام والخاص، لاستجماع أوفر الحظوظ لتحسين الأداء وتجنّب تسريح العمال ومحاربة التشغيل الهش والعمل غير الدائم. كما يرى رئيس الدولة أن العمل في إطار هذا العقد الذي تمت المصادقة عليه أثناء لقاء الثلاثية المنعقد بتاريخ 23 فبراير 2014، يتوخى تعزيز المسار التنموي الوطني؛ بحيث يصبح كفيلا بتحقيق الحياة الكريمة لكل مواطن في كنف دولة الحق والقانون والعدالة الاجتماعية، ومن منطلق تكافؤ الفرص في الحصول على مناصب العمل. وفي هذا الصدد، حمّل رئيس الجمهورية النقابات والفاعلين الاقتصاديين مسؤولية بعث ودعم كل إجراء كفيل بأن يضاعف مضاعفة ملموسة، إنتاجية العمل وتنافسية أداة الإنتاج لضمان الازدهار للبلاد، وذلك في إطار "العمل في كنف الحوار والتشاور لتحسين الخدمة العمومية ومناولتها للمرتفقين في كل الظروف العادية منها، أو في حال التعطل العارض أو المؤقت عن النشاط، مع ضمان حد أدنى فعلي ونوعي من الخدمة من حيث هي حق لا نزاع فيه للمرتفقين". ويُعد التزام الرئيس بوتفليقة بتعزيز السياسة التنموية الاجتماعية والاقتصادية لصالح الطبقة الشغيلة، بمثابة تقدير واعتراف لتضحيات العمال في تحريك عجلة الإنتاج والصناعة والخدمات، حيث حيّا في هذا الإطار تحلي العمال بالتعبئة المثالية والالتزام الوطني في خضمّ مجهود التقويم الوطني، لاسيما من خلال رأب الصدع وتدارك التأخر الذي خلّفته سنوات المأساة الوطنية. ويراهن رئيس الدولة على أهمية إشراك العمال والعاملات في تجسيد الأهداف لتحقيق التنمية الشاملة، بالتأكيد على أن قوة إرادتهم وقدرتهم الكبيرة على البذل والعطاء، "تبعث في النفوس الاطمئنان والثقة".ومن باب الاستشهاد بما تم تحقيقه في البلاد خلال السنوات الماضية؛ مما مكّنها من تبوّؤ مكانة رائدة على المستوى الدولي، عرّج الرئيس بوتفليقة على الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية المحقَّقة في الجزائر، كما هو شأن قطاعات الفلاحة والتنمية الريفية والصناعة والخدمات، مشيرا إلى أن السياسة الوطنية سمحت بتشجيع الاستثمار، بإنشاء عدد هام من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمصغَّرة في مختلف مجالات النشاط. ومن هذا الباب يرى الرئيس بوتفليقة ضرورة أن تتجه جهود القطاعين العام والخاص نحو مزيد من الإنتاجية بالنوعية والجودة العالية وبالكلفة المناسبة، بما يمكّن من دخول الجزائر الأسواق الدولية بصادرات من غير المحروقات، انطلاقا من أنه لا مناص لهذين القطاعين من العمل يدا واحدة على تأمين ظروف التنمية المستدامة لبلادنا في ظل الإمكانات والمقوّمات التي تتمتع بها.