بدأت الضغوط الدولية على غريمي الحرب الأهلية في جنوب السودان تؤتي أكلها بعد أن قبلا بعقد لقاء “وجها لوجه” بينهما بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا في محاولة لوقف الاقتتال الدائر بين قواتهما منذ شهر ديسمبر الأخير. وحسب تسريبات دبلوماسية بالعاصمتين الإثيوبية والجنوب سودانية فان اللقاء بين الرجلين سيعقد يوم الجمعة القادم في أول خطوة من اجل وقف الاقتتال بينهما. وأكد الأمين العام الاممي بان كي مون أمس أن ريك مشار قائد المتمردين على السلطات المركزية في جوبا أكد انه مستعد لعقد لقاء بالرئيس سيلفا كير بالعاصمة الإثيوبية التي تقوم سلطاتها من جهتها بمساع حميدة بين الأخوين العدوين من اجل إخماد نار الحرب الأهلية في هذا البلد الناشئ. ووصل بان كي مون في زيارة مفاجئة الى دولة جنوب السودان في مسعى لوضع حد للاقتتال الدائر في هذا البلد منذ خمسة أشهر وأصبح ينذر بكارثة إنسانية بسبب آلاف القتلى وأيضا بسبب عدد النازحين من جحيمها بالإضافة الى كونها أصبحت تهدد الاستقرار والسلم الإقليمي في منطقة شرق إفريقيا. ويكون ريك مشار بهذا الموقف قد أيقن انه لا سبيل أمامه سوى البدء في مفاوضات مباشرة مع غريمه من اجل إسكات لغة الرصاص والجلوس الى طاولة الحوار لبحث الموقف ووضع ترتيبات لحل سياسي ينهي الحرب بينهما. وكانت التصريحات المتكررة التي أدلى بها وزير الخارجية الامريكي جون كيري في كل محطات جولته الى عدد من الدول الإفريقية بمثابة إنذارات متتالية للرجلين من اجل وضع حد للمواجهات المسلحة بين قواتهما وخاصة وأنه أرفقها بتهديد صريح ضدهما سواء بتجميد أرصدتهما في البنوك الأمريكية وأيضا حتى التلميح باحتمال متابعتهما أمام محكمة الجنايات الدولية بتهمة اقتراف جرائم ضد الإنسانية على خلفية عرقية. وتم تداول هذه الإمكانية وسط تقارير لمنظمات حقوقية دولية أكدت وقوع تجاوزات وانتهاكات وجرائم إبادة استهدفت مدنيين وهي تهم كفيلة بان يحال مقترفوها على العدالة الدولية في لاهاي. ووصل بان كي مون الى جنوب السودان في إطار الجهود الدبلوماسية الدولية والإقليمية من اجل احتواء هذه الأزمة ومنع اتساع رقعتها التي قد تحولها الى أزمة إقليمية مفتوحة. وتكون هذه المخاوف هي التي حتمت على كاتب الخارجية الامريكي القيام بزيارة مفاجئة الى جوبا الجمعة الأخير حيث وجه رسائل تهديد صريحة باتجاه الرئيس سيلفا كير ونائبه مطالبا إياهما بالجلوس الى طاولة المفاوضات اليوم قبل غد. ورغم أن ريك مشار حاول الصمود أمام الضغوط الأمريكية بقناعة أن لا فائدة من لقاء لا جدوى منه إلا انه وجد نفسه مرغما على الرضوخ للأمر الواقع الامريكي وقبل أخيرا الجلوس إلى سيلفا كير حليف الأمس عدو اليوم. ولكن هل سيكون لهذه التطورات في مواقف الفرقاء اثر ايجابي على وقف المعارك الطاحنة الدائرة حاليا في داخل ومحيط مدينة بانتوي إحدى اكبر الولايات النفطية في جنوب السودان التي يدور الصراع أساسا حول عائداته؟ المؤكد أن المفاوضات ستكون عسيرة ولكن نهايتها ستكون سعيدة دون شك إذا أخذنا بجدية الضغوط الدولية لوقف الاقتتال بين أبناء الشعب الواحد.