«أنت صديقي ولكن ذلك لا يمنعني من التجسس عليك، ومصلحتي تفرض عليّ ذلك"، هو منطق العلاقة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل التي رغم الظاهر الاستراتيجي فيها إلا أنها مبنية على نفاق تمليه مصالح الدولتين وثقة منعدمة. وفجرت مجلة "نيوز ويك" الأمريكية، أمس، فضيحة من العيار الثقيل قد تحدث أزمة في علاقات إسرائيل والولاياتالمتحدة، بعد أن أكدت في مقال نشرته في عددها الأخير أن الكيان المحتل يقوم بعمليات تجسس مكثفة على أكثر من أي حليف آخر للولايات المتحدة. وأكدت المجلة أن التجسس الإسرائيلي تجاوز كل الحدود، ومس كل القطاعات بما فيها الأسرار الصناعية والتقنية الأمريكية. وخلصت اجتماعات سرية لمسؤولين أمريكيين ونواب في الكونغرس الامريكي، الى دق ناقوس الخطر من الأنشطة التجسسية الإسرائيلية على المصالح العليا للولايات المتحدة، بعد أن أكدوا على تذمر أمريكي واستنكار وتحذير لما يقوم به جهاز الموساد في قلب المؤسسات والهيئات الأمريكية. وذهب احد المشاركين في هذه الندوات السرية التي تمت شهر جانفي الماضي، الى القول أن "تصرف جهاز الموساد أصبح يهدد المصالح الأمريكية"، بعد أن بلغت درجة عمليات التجسس الحد الذي جعل أحد نواب الكونغرس الامريكي، ممن حضروا هذه الجلسات السرية يقول إنه "لا توجد أية دولة حليفة للولايات المتحدة تجاوزت الحد المسموح به في عمليات التجسس مثل ما فعلت إسرائيل". وقال أن وكالة المخابرات الأمريكية "سي.أي .إي"، أكدت ان عمليات التجسس الإسرائيلية شملت "التجسس الصناعي ضمن زيارات يقوم بها إسرائيليون الى الولاياتالمتحدة ضمن مهام ظاهرها تجاري، أو ضمن شركات إسرائيلية تنشط مع شركات أمريكية، أو ضمن مهام يقوم بها جواسيس يعملون تحت غطاء السفارة الإسرائيلية. وكشفت "نيوز ويك" نقلا عن نواب سابقين في الكونغرس، أن أنشطة التجسس الإسرائيلية تجاوزت بكثير تلك التي تقوم بها المخابرات الألمانية والفرنسية والبريطانية واليابانية. وإذا كانت هذه التسريبات ليست جديدة على عمل جهاز المخابرات الإسرائيلية، مع أعدائها وأيضا مع حلفائها إلا أنها وضعت حكومة الاحتلال في حرج كبير، وجعلت وزير خارجيتها افيغدور ليبرمان، يعتبر تلك التسريبات بأنها "مجرد حملة كاذبة واختلاق لا أساس له من الصحة". وراحت مصادر الاحتلال تروج لمثل هذه الذرائع للتخفيف من وقعها، وحتى لا تظهر بمظهر الصديق الذي لا يؤتمن ولا يتوانى في طعن صديقه في الظهر، وخاصة وأنها تزامنت مع شروع مستشارة الأمن القومي الأمريكي سوزان رايس، في زيارة الى إسرائيل. وقال ليبرمان، أن إسرائيل تحترم حرفيا تعهداتها بعدم القيام بأنشطة تجسسية في الولاياتالمتحدة، في إشارة إلى التزام سابق تم بعد انفضاح أمر المواطن الامريكي وخبير البحرية الأمريكية، جوناتان بولار، الذي ضبط متلبسا بالتجسس لصالح إسرائيل، وصدر في حقه حكم بالسجن المؤبد في الولاياتالمتحدة. ورفضت الإدارات الأمريكية إطلاق سراحه بسبب تجسسه على قضايا حساسة في أعلى هرم السلطة الأمريكية، وسرّب لإسرائيل طيلة سنوات آلاف الوثائق السرية حول أنشطة مختلف وكالات المخابرات الأمريكية في الوطن العربي. وقال يوفال ستاينتز، الوزير الإسرائيلي المكلف بالمخابرات، أن ما كتبته المجلة الأمريكية أمر غير مسؤول، ولا يستند الى أي مصداقية لأن مصالحه توقفت منذ أكثر من ثلاثين عاما عن كل عمل استخباراتي في الولاياتالمتحدة.