رحّبت مختلف الأحزاب السياسية بإعلان رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير، عن مباشرة الاستشارات مع مختلف التشكيلات السياسية والشخصيات الوطنية والجمعيات، حول التعديل المرتقَب للدستور حتى إن تباينت اقتراحاتها وتصوراتها حول الموضوع. وفي هذا الإطار، أكد المكلف بالإعلام لحزب جبهة التحرير الوطني السعيد بوحجة، أن تعديل الدستور الذي يريده الرئيس بوتفليقة بشكل توافقي مع مختلف الفاعلين في الساحة السياسية، أضحى من الأولويات التي تقتضيها المرحلة الراهنة؛ تماشيا مع التطورات التي يشهدها المحيط الدولي وكذا تكريس الممارسة الديمقراطية، وبناء دولة القانون التي تكفل وتصون الحقوق الفردية والجماعية لكافة المواطنين. كما ثمّن إسناد إدارة هذه العملية إلى وزير الدولة مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، مشيرا إلى أن هذا الأخير يملك من الليونة والقدرة السياسية ما يسمح له بإدارة هذا الحوار التوافقي، والخروج بمقترحات بنّاءة من شأنها الإسهام في إنجاح هذه العملية. ومن هذا المنطلق فإن المعارضة مطالَبة - يضيف السيد بوحجة - بالتعامل بصورة إيجابية مع إرادة الشعب واختياره لبرنامج الرئيس بوتفليقة؛ لأن المرحلة الجديدة تتطلب مشاركة الجميع في بناء دولة المؤسسات، التي تسمح لجيل الاستقلال بتسلّم المشعل والإسهام بكل قوة في إدارة شؤون البلاد، والحفاظ على المكتسبات الوطنية والخط النوفمبري للدولة الجزائرية. وبخصوص المقترحات التي يعتزم حزب جبهة التحرير الوطني تقديمها خلال جولة المشاورات المقبلة، أكد السيد بوحجة على ضرورة إبراز البعد الأمازيغي لهويتنا الوطنية، وتعزيز وحدة الشعب الجزائري وتماسكه الاجتماعي حتى لا نترك الفرصة لدعاة التفرقة بالنيل من استقرار البلاد ووحدتها وسيادتها. من جهتها، ذكّرت الناطقة باسم التجمع الوطني الديمقراطي نوارة سعدية جعفر، بموقف حزبها في هذا المجال، مشيرة إلى أن التعديل الدستوري يأتي تتويجا للإصلاحات التي باشرها رئيس الجمهورية. وأضافت السيدة جعفر أن الأحزاب السياسية وفعاليات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية، مدعوة للمساهمة في بلورة التوافق السياسي المنشود، الذي يرغب رئيس الجمهورية في الوصول إليه. كما أكدت أن تمكين الأحزاب السياسية من الاطلاع على مقترحات لجنة صياغة الدستور، يعكس حرص رئيس الجمهورية على إشراك الطبقة السياسية في هذا المسعى، لتعزيز الديمقراطية التشاركية، والوصول إلى دستور توافقي، يضمن، على وجه الخصوص، تعزيز دور المعارضة، ويكرّس مبدأ الفصل بين السلطات. وفي ذات السياق، أبرزت السيدة جعفر أهمية هذا التعديل من خلال تكييف القانون الأساسي للبلاد مع التطورات الحاصلة في المجتمع الجزائري، مذكرة بالاقتراحات التي كان تَقدم بها التجمع الوطني الديمقراطي في هذا المجال، وتلك التي سيطرحها من جديد بعد الاطلاع على وثيقة لجنة تعديل الدستور. وبدوره، جدّد رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري مطالب حزبه فيما يخص مشروع التعديل الدستوري القادم، منها تجسيد نظام حكم برلماني، وتسهيل تأسيس الجمعيات عن طريق الإخطار، ودعم استقلالية العدالة، وتحرير القاضي من الضغوطات، وتعزيز آليات مكافحة الفساد إلى جانب دعم حرية التعبير والإعلام. وذكر السيد مقري أن هذه المقترحات كانت قد رفعتها حركة مجتمع السلم لهيئة المشاورات السياسية، التي ترأّسها السيد عبد القادر بن صالح في 2011. وفي نفس السياق، أكد رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، أن مشروع الدستور التوافقي الذي وعد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بتجسيده، هو قناعة لدى جبهة المستقبل. وشدّد السيد بلعيد على ضرورة أن يكون الدستور المقبل دستورا لكل الجزائريين، وهو مفهوم التوافق، مبرزا أن حزبه يملك العديد من المقترحات بخصوص تعديل الدستور القادم، منها، كما قال، نظام حكم شبه رئاسي، وتحديد العهدات الرئاسية لمنصب رئيس الجمهورية بعهدتين، وتعزيز صلاحيات البرلمان، إلى جانب دعم استقلالية القضاء؛ لأن العدالة، كما قال، تُعتبر العمود الفقري للأنظمة السياسية الديمقراطية. ومن مقترحات جبهة المستقبل في مشروع تعديل الدستور القادم، حسب السيد بلعيد، تنصيب لجنة وطنية مستقلة، تتولى تنظيم الانتخابات بدلا من الإدارة، مبرزا أنه يقترح أن يتم تشكيل أعضاء هذه اللجنة عن طريق الانتخابات. وخلص السيد بلعيد إلى القول إن المكتب الوطني لجبهة المستقبل يضبط اليوم كل المقترحات التي يعتزم تقديمها بخصوص التعديل الدستوري الذي سيجريه الرئيس بوتفليقة قريبا. وفي نفس الإطار، شدّد رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي، على ضرورة أن يحمل الدستور القادم نظرة الشعب إلى كل القضايا؛ لأن الشعب هو السيد. وستقترح الجبهة الوطنية الجزائرية في هذا التعديل، حسبما أدلى به السيد تواتي، نظام حكم برلماني، وترقية الهوية الأمازيغية للجزائر، وذلك بتنصيب أكاديمية عليا للغة الأمازيغية، تتولى توحيد اللهجات الأمازيغية لمختلف مناطق الجزائر. كما سيقترح نفس الحزب إعادة النظر في وظيفة مجلس الأمة، ودعم حرية الإعلام عن طريق فتح مصادر الأخبار لكل وسائل الإعلام، لتجسيد مبادئ حق المواطن في الإعلام، كما قال تواتي.