أسفرت الاشتباكات العنيفة التي اندلعت أول أمس، بين قوات الجيش المالي والمسلحين التوارق بمدينة كيدال كبرى مدن شمال هذا البلد عن مصرع 36 شخصا من بينهم ثمانية عسكريين. وسارعت الحكومة المالية إلى اتهام المتمردين التوارق المنضوين تحت لواء الحركة الوطنية لتحرير الازواد، ومن وصفتهم ب«المجموعات الإرهابية" بمهاجمة القوات النظامية واختطاف 30 شخصا من بينهم مدنيون وعسكريون أثناء هذه الاشتباكات. وأكدت تطورات الأوضاع في هذه المدينة عمق الأزمة الأمنية التي تعرفها مناطق شمال مالي، في ظل استمرار نشاط مختلف الحركات المسلحة. وهو ما جعل رئيس الوزراء موسى مارا، المتواجد بمدينة غاو آخر محطة من جولته بمدن شمال البلاد بعد تومبوكتو وكيدال يتوعد المسلحين الذين اشتبكوا مع جيشه بحرب دون هوادة. وقال أن "الإرهابيين أعلنوا الحرب على مالي وسندخل في حرب ضدهم" في نفس الوقت الذي رفض فيه التفريق بين الإرهابيين ومتمردي التوارق، وقال أن كل من هاجم مؤسسات الجمهورية فهو إرهابي مهما كان أصله أو انتماؤه إلى هذه المنطقة أو تلك". وكان وزير الدفاع المالي سومايلو بوبي مايغا، أعلن أمس، أن المواجهات أسفرت عن سقوط ثمانية قتلى في صفوف القوات النظامية وإصابة 25 آخرين بينما قتل 28 مسلحا وأصيب 62 آخرون، قبل أن يؤكد أن قواته تمكنت من استرجاع سيطرتها على كل المباني الإدارية بالمدينة باستثناء مقر المحافظة الذي تحتجز بداخله حركة تحرير الازواد، بدعم من إرهابيين موظفين كرهائن". وعاد الهدوء الحذر أمس، إلى المدينة بعد يوم عنيف ودام اثر اندلاع مواجهات مسلحة بين متمردي التوارق ووحدات الجيش المالي المنتشرة في هذه المدينة بالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء إلى كيدال. هذه الأخيرة التي شهدت خروج مظاهرات احتجاجية عنيفة شارك فيها نساء وشباب رافضة مجيء موسى مارا، قبل أن تتطور إلى مواجهات مسلحة في أحداث لن يتم نسيانها بسهولة وستزيد من صعوبة مهمة الحكومة الحالية التي وضعت ضمن أولوياتها تحقيق المصالحة بين مكونات الشعب المالي من اجل الحفاظ على وحدته الترابية. وأحيت الزيارة العداء بين التوارق وخاصة الحركة الوطنية لتحرير الازواد، والقوات النظامية التابعة للسلطات المركزية في العاصمة باماكو، مع أن هدفها الأول كان تحقيق هذه المصالحة. يذكر أن الحكومة المالية وبعد انتخاب الرئيس إبراهيم بو بكر كايتا، شهر أوت الماضي، التزمت بتسوية الأزمة الأمنية التي تعصف بمناطق الشمال التي كانت شهدت تمردا مسلحا عام 2012 بالطرق السلمية. ولأجل ذلك دعت كل الحركات المسلحة بما فيها الحركة الوطنية لتحرير الازواد، التي تمثل المتمردين التوارق والتي كانت تطالب بالانفصال إلى الانخراط في مسار سلام شامل. غير أن التطورات العنيفة التي عرفتها مدينة كيدال أمس، تدفع إلى طرح التساؤل حول مصير المساعي التي تبذل على أكثر من صعيد من اجل إحداث هذه المصالحة، خاصة وان المتمردين التوارق ورغم إبداء استعدادهم للمشاركة في مفاوضات السلام إلا أنهم سرعان ما يعودون الى الاحتكام إلى لغة السلاح.