نفذت القوات الفرنسية غارات جوية وصفتها ب''الكبيرة'' ضد مستودعات لوجيستية ومراكز تدريب في منطقة قرب تساليت في شمال مالي، على بعد سبعين كلم من الحدود الجزائرية. والموقع الذي استهدفته الغارات، شهد تحركات لكتيبة إرهابية منذ الجمعة الماضي كانت في طريقها إلى ''الخليل'' الحدودية مع الجزائر. أعلن الناطق باسم قيادة أركان الجيوش الفرنسية، أمس، أن القوات الفرنسية شنت ''غارات جوية كبيرة''، ليل السبت إلى الأحد، على شمال مالي في المناطق المجاورة للحدود مع الجزائر، بعد ساعات من زيارة الرئيس فرنسوا هولاند إلى تمبكتو وباماكو. وقال الكولونيل تيري بوركار إن عمليات القصف على شمال كيدال وفي منطقة تساليت، المدينة التي تبعد سبعين كلم عن الجزائر، استهدفت ''مستودعات لوجيستية ومراكز تدريب'' للمجموعات الإرهابية. وأوضح أن ''ثلاثين طائرة شاركت في العملية بين مقاتلات وطائرات تزويد بالوقود في الجو وطائرات استطلاع''. وتخضع منطقة تساليت وكيدال لسيطرة مشتركة بين حركة ''أنصار الدين'' وحركة ''تحرير الأزواد''، إلا أن تطورات الوضع في الأسابيع الأخيرة سمحت لمقاتلين من التنظيم الإرهابي ''التوحيد والجهاد'' بالتقدم إلى منطقة ''الخليل'' غير بعيد عن الحدود الجزائرية، ويعني وصول القصف إلى منطقة لا تبعد إلا أقل من مائة كلم عن الحدود الجزائرية، إمكانية تسلل مسلحين إلى الحدود الجزائرية، حيث تغيب إلى حد الساعة معطيات عن أي اشتباك بين أتباع ''القاعدة'' والجيش الفرنسي والقوات المالية، ما يشير إلى مغادرة جميع الكتائب إلى وجهات مختلفة، الأمر الذي سهل استعادة السيطرة على كبرى المدن في الشمال. ولا يستبعد أن يكون الرتل المسلح الذي استهدفته القوات الفرنسية، نفسه الذي اشتبكت معه قوات من ''حركة تحرير الأزواد'' الجمعة الماضي، حيث أعلن أتاي أغ محمد، القيادي في الحركة الوطنية لتحرير الأزواد، أن مواجهات دارت بين دورية من مقاتلي الحركة وإرهابيين على الطريق الرابط بين مدينة تساليت والخليل، في أقصى الشمال المالي بالقرب من الحدود مع الجزائر. وأشار أغ محمد إلى أن حصيلة هذه المواجهات هي استيلاء مقاتلي الحركة على سبع سيارات تابعة للإرهابيين وأسر عدد من المقاتلين تم نقلهم إلى مدينة كيدال. وقياسا لغياب أي حصيلة موفرة من الجيش الفرنسي عن قتلى الجماعات المسلحة، يمكن تصور استراتيجية القوات الفرنسية بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من بداية العمليات العسكرية، وهي الإسراع في الحسم داخل كبرى المدن واستهداف مراكز التدريب ومخازن الأسلحة، فيما اعتمد الإرهابيون استراتيجية توقعها كثير من الخبراء، وهي الانسحاب بعيدا تحضيرا لحرب عصابات قد تطال لاحقا مفرزات الجيش المالي المرابطة حول كبرى المدن الشمالية ومطاراتها. وقد تمركز الجنود الفرنسيون في مطار مدينة كيدال التي تسيطر عليها ''الحركة الإسلامية الأزوادية'' المنشقة عن ''أنصار الدين''. وقالت تقارير إعلامية بريطانية، أمس، إن القوات الفرنسية لم تسمح لشركائها الماليين بالدخول إلى أجزاء كبيرة من كيدال، خوفا من سعيهم للانتقام من السكان المنتمين إلى التوارف، وسمح بدخول الجنود التشاديين بدلا منهم لتوفير التواجد الأمني الإفريقي بالمدينة.