وجدت الحكومة المالية نفسها أمام معضلة حقيقية في كيفية التعامل مع تجدد الاقتتال في مدينة كيدال، بين المتمردين التوارق والجيش النظامي تزامنا مع زيارة الوزير الأول موسى مارا، الى ولايات شمال البلاد. وفي قرار يهدف الى احتواء الوضع قررت الحكومة المالية أمس، إرسال قوة قوامها 1500 جندي إضافي لمساعدة الوحدات المنتشرة هناك في نفس الوقت الذي أرسلت فيه قيادة قوة ”سيرفال” الفرنسية، 30 جنديا من تعدادها في مهمة لاستعادة الأمن المفقود على أن يتم تدعيم هذا لاحقا بقرابة 100 عسكري اضافي. وقال العقيد غيلس غارون، الناطق باسم قيادة أركان الجيش الفرنسي، أن هذه القوة تندرج في إطار إعطاء ”ليونة إضافية” للقوات المتواجدة هناك للتدخل عند الحاجة. كما قررت أيضا تأجيل عملية توسيع مخطط عملية ”سيرفال” ليشمل دولا في منطقة الساحل إلى أسابيع أخرى، في مؤشر واضح على أن الأزمة في هذا البلد بحاجة لمزيد من العمل والجهد لاحتوائها بأقل الأضرار الممكنة. وتزامن وصول هذه التعزيزات العسكرية مع إعلان البعثة الأممية بمالي ”مينوسما”، عن تحرير الرهائن المخطوفين في كيدال منذ ثلاثة أيام والمقدر عددهم بحوالي 30 رهينة من بينهم حاكم المدينة وموظفون ومسؤولون. وأكد مسؤول من قوة ”مينوسما” أن عملية التحرير تمت بعد هجوم على مكتب الحاكم الإقليمي بكيدال الذي كان تحت سيطرة المسلحين من دون أن يعطي أية تفاصيل حول الهجوم والقوات المشاركة فيه. ويأتي الإفراج عن الرهائن غداة توعد الرئيس المالي إبراهيم بو بكر كايتا، بمعاقبة المسؤولين عن الاشتباكات الدامية التي شهدتها مدينة كيدال السبت الماضي، تزامنا مع زيارة رئيس وزرائه موسى مارا إلى هذه المدينة المتوترة. ووصف الاشتباكات التي نشبت بين مسلحين قالت باماكو، إنهم من عناصر الحركة الوطنية لتحرير الازواد وإرهابيين، وبين قوات الجيش النظامي وأسفرت عن سقوط 36 قتيلا من بينهم ثمانية عسكريين بأنها ”جرائم مقيتة” و«إعلان حرب واضح على دولة مالي”. وقال كايتا في رسالة بثها التلفزيون المالي مساء، أن المجموعات المسلحة ”اقتحمت مقر المحافظة واختطفت موظفيها وقتلت بكل دم بارد العديد من الأشخاص في جرائم مقيتة تعد جرائم ضد الإنسانية، وأتعهد أنها لن تمر دون عقاب”. وأضاف أن ”حكومة مالي ستلعب كامل دورها وخاصة ما يتعلق بمتابعة المسؤولين عن هذه الجرائم والخاطفين عبر القضاء الوطني والدولي”. غير أن الرئيس المالي، لم يغلق باب الحوار مع المتمردين التوارق، وقال إن حكومته تبقى متمسكة بالتزاماتها فيما يخص تحقيق المصالحة بين مختلف مكونات الشعب المالي التي جعلتها ضمن أولوياتها الرئيسية. وفي نفس منطق الحوار توالت تصريحات المسؤولين عن الحركة الوطنية لتحرير الازواد، التي اتهمت أمس، الجيش المالي بأنه كان المتسبب في تفجر مواجهات السبت الماضي. وقال مامادو دجيري مايغا، نائب رئيس الحركة إن ”الجيش المالي هو من تسبب في اندلاع المواجهات” وإن حركته دافعت عن مواقعها قبل أن يؤكد أنها لا تزال مع فكرة الحوار للبحث عن السلام وضد منطق الحرب ”. غير أن تصريحات الفرقاء الماليين بتبني خيار الحوار تبقى مجرد كلام مقارنة بما يجري على ارض الواقع من استمرار لأعمال العنف والمواجهات المسلحة، والمظاهرات الاحتجاجية خاصة بمدينة كيدال.