دعت المختصة النفسانية مونية دراحي، بمناسبة إشرافها على تنشيط اليوم التحسيسي حول التحضير لاجتياز شهادة البكالوريا، إلى ضرورة تحلي الطلبة بخطة استراتيجية تحول الخوف إلى قلق، ومنه الكشف عن ماهية هذا الأخير لمعالجته، حيث عادة ما يكون مبنيا على مادة غير مرغوب فيها، أو درس غير مفهوم، أو أسئلة غير متوقعة، مع التأكيد على النوم العميق لتمكين المخ من آداء وظائفه في تخزين المعلومات وترتيبها. وحول أهمية التحضير النفسي لطالب البكالوريا، تحدثت ”المساء” إلى المختصة النفسانية في هذا اللقاء. فيما تتمثل أهمية التحضير النفسي بالنسبة لطالب البكالوريا؟ تتمثل أهمية التحضير النفسي في كون الشخص يخاف من أي شيء لا يدرك طبيعته، وهنا تكمن الخطورة، بالتالي دور الأخصائي النفساني هو تحويل الخوف إلى قلق، لأن الخوف معناه أن الفرد لا يعي مما يخاف، لكن القلق يكشف عن المسبب الحقيقي للخوف، بالتالي إذا عرف السبب بطل العجب، لذا نحاول بعملنا البحث في ماهية الخوف وتحويله إلى قلق، ومنه الكشف عنه، ولعل أحسن مثال لتوضيح الصورة أن كل الطلبة يتخوفون من امتحان شهادة البكالوريا، غير أن سبب القلق في حقيقة الأمر ليس الخوف من الشهادة في حد ذاتها، إنما من عدم النجاح، في هذه اللحظة نكون قد حولنا الخوف إلى قلق من النجاح، بعدها نسأل؛ لم القلق؟ لأنه لم يحضر جيدا، أو أنه متخوف من مادة معينة، أو لأنه يتعرض لضغط عائلي، أي نضع فرضيات يجيب كل طالب عليها لنتمكن من التشخيص، وعن طريق هذه الاستراتيجية، نعمل على إخراج الطالب من حالة الغموض إلى الوضوح والعلم بالشيء، ومن ثمة، إذا أدرك الطالب بأن مصدر قلقه هو تخوفه من مادة معينة، كالرياضيات مثلا، في هذه الحالة يتم تدارك الأمر بمحاربة هذا الإشكال وعدم ربطه بعدم النجاح، أي نزيل الاعتقاد بإمكانية عدم النجاح في التصورات السلبية التي يبني عليها قناعاته.
إذن، الطالب مكلف بالتغلب على مخاوفه؟ هناك طريقة بسيطة تمكن الطالب من التغلب على مخاوفه، بأن يتحول إلى مختص نفسي يبحث عن أهم المنغصات التي تثير قلقه، بتفسير مخاوفه والتغلب عليها بتوجيه طبعا من قبل مختص نفساني، لأن المنطق يقتضي أن يكون داعما لإرادة الطالب، مما يساعده على التغلب على مخاوفه مصداقا لقوله تعالى: ”إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”، بالتالي إذا كان الطالب راغبا في وضع حد لقلقه، فما على المختص النفساني إلا توجيهه إلى الطريق الصحيح.
هل تعتقدين بأن الطلبة يلجأون إلى طلب المساعدة من المختص النفساني؟ في الواقع عدد كبير من الطلبة لا يؤمنون بدور المختص النفساني وفي العون الذي يمكن أن يمده لهم، الأمر الذي جعلهم لا يدركون حقيقة العمل الذي يقوم به في مجال التخفيف من حدة الضغوط التي يعانون منها، ناهيك عن قلة الاجتهادات في هذا المجال، لهذا، أوجه نداء إلى كل المقبلين على تخطي عتبة الباكالوريا، بضرورة الاحتكاك بالمختصين النفسانيين الذين من شأنهم تبسيط بعض الأمور التي تعتبر مصدر قلق لهم.
بماذا تنصحين الطلبة ونحن نعيش العد التنازلي لموعد الامتحانات؟ أنصح الطلبة أولا بالتركيز على التغذية لما لها من أهمية في تزويد الدماغ بما يحتاجه من طاقة، مع تجنب الاعتماد على الذاكرة قصيرة المدى في المراجعة، كونها تضع الطالب في ضغط ، ومع قلق الامتحان تخونه، أي أن الطالب عندما يراجع دروسه يعتمد على رغبته في الاكتشاف وحب المادة ولا يبني مراجعته على مجرد اكتساب معلومات وقتية تنتهي بمجرد انقضاء الامتحان، في هذه الحالة تعمل الذاكرة القصيرة على تضييع هذه المعلومات، مع الحرص على النوم. فكما هو معروف، فإن الطلبة مع اقتراب موعد الامتحانات يبالغون في السهر إلى وقت متأخر من الليل ويغفلون أهمية أن يأخذ الدماغ قسطا من الراحة ليتمكن من تخزين المعلومات وترتيبها، ونقصد هنا النوم العميق وليس التظاهر بالنوم، مع العمل على تغيير الجو بالاعتماد على بعض أساليب الترفيه التي تكسر روتين المراجعة، الأمر الذي يصيب الدماغ بالملل.
كلمة أخيرة؟ أدعو كل الطلبة إلى النظر إلى امتحان شهادة البكالوريا على أنه امتحان عاد، والاعتماد على دعم العائلة المطالبة بتجنب الضغط على الطالب، والابتعاد عن ربط نجاحه بتقديره لذاته، أي لا وجود لعلاقة بين نجاح الطالب وشخصيته وقدراته.