يتوجه الناخبون السوريون يوم غد، إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس للبلاد في أول انتخابات رئاسية تعددية تعرفها سوريا في ظل حرب أهلية متأججة منذ أكثر من ثلاث سنوات. وانتهت الحملة الانتخابية الخاصة بهذا الموعد الانتخابي الذي أصر الرئيس الحالي بشار الأسد، المرشح لخلافة نفسه على تنظيمه رغم الوضع العام المتفاقم في كافة أنحاء البلاد. ويواجه الرئيس الأسد، في هذا الاقتراع الذي لا ينتظر أن يحمل أية مفاجأة على اعتبار أن كل المعطيات أكدت أن نتائجه محسومة مسبقا لصالحه أمام المرشحين حسان النوري، وماهر حجار غير المعروفين على الساحة السورية ولا يمتلكان أي ثقل يؤهلهما لمنافسة الرئيس الأسد على منصبه. ويريد الأسد المتربع على كرسي الرئاسة منذ عام 2000، من خلال هذه الانتخابات دعم موقفه أكثر أمام المجموعة الدولية وتوجيه رسالة واضحة باتجاه القوى الغربية الداعمة للمعارضة، بأنه لا يزال يحظى بدعم عامة السوريين. وانقسمت الطبقة السياسية في هذا البلد المتوتر بين داعم لهذه الانتخابات واستمرار عهدة الأسد، ومطالب بمقاطعتها بقناعة أنها لن تزيد إلا في تعميق الأزمة. وتعتبر المعارضة الرافضة للرئيس بشار الأسد، أن هذه الانتخابات فاقدة لكل مصداقية وسوريا لا تزال تتخبط في حرب عنيفة تخلف يوميا سقوط عشرات القتلى. ودعت لأجل ذلك الناخبين السوريين إلى مقاطعة هذا الموعد الذي ووصفته ب«الانتخاب الدموي" الذي لن يزيد إلا في تعميق الأزمة من منطلق أن نتائجها محسومة مسبقا لصالح الرئيس المرشح، الذي تعتبره سبب المشكلة وتطالب برحيله من خلال إسقاط نظامه. وتواجه هذه الرئاسيات إشكالية أمنية كبيرة بخصوص تنظيمها بالمناطق المتوترة التي تعيش يوميا على وقع القصف الجوي والمدفعي، والمعارك المسلحة بين طرفي الصراع السوري. وهو ما يقود إلى التساؤل حول إمكانية توجه الناخب السوري يوم غد إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بصوته في ظل هذا الوضع المنفلت. والمؤكد أن استحالة تنظيم الانتخابات بعدة مناطق من سوريا خاصة تلك الواقعة تحت سيطرة المسلحين المعارضين يجعلها منقوصة، وهي التي لا تحظى باعتراف المجموعة الدولية، بدليل أن عدة دول غربية وخليجية كانت منعت إجراءها بالسفارات السورية المتواجدة في بلدانها. وهي نقطة قد تستغلها المعارضة لخدمة موقفها المصر على ضرورة رحيل الأسد، قبل إجراء أي انتخابات والحديث عن أية مفاوضات. ويضاف إلى ذلك إشكالية اللاجئين السوريين الذين يتجاوز عددهم 3 ملايين شخص وجدوا أنفسهم مشردين في ملاجئ عبر دول الجوار، في ظروف اقل ما يقال عنها أنها مأسوية ولا يمكنهم الإدلاء بأصواتهم.