توجّه الناخبون السوريون أمس إلى صناديق الاقتراع للتصويت على نص دستور جديد يضع حدا لهيمنة حزب البعث التي دامت نصف قرن وسط تضارب المواقف حول تزكية هذا النص الجديد أو رفضه. وانطلقت العملية الانتخابية وسط دعوات من قبل المعارضة لمقاطعة الاستفتاء وفي ظل استمرار أعمال العنف في عدد من المدن السورية المضطربة والتي تخلف يوميا سقوط العديد من الضحايا بين قتلى وجرحى. وقد حدد مشروع الدستور الجديد الذي تعتبره السلطات السورية خطوة هامة في مسار الإصلاح في البلاد مدة ولاية الرئيس بسبع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة وألغى المادة الثامنة التي تعتبر حزب البعث الذي يحكم البلاد منذ نحو 50 عاما حزبا قائدا للدولة والمجتمع. وكانت المطالبة بإلغاء هذه المادة أحد أبرز المطالب التي رفعها المتظاهرون عند بدء الاحتجاجات المناهضة للنظام السوري منذ منتصف مارس الماضي. ويبلغ عدد الناخبين السوريين أكثر من 14 مليون ناخب موزعين على أكثر من 14 ألف مركز اقتراع في مختلف أنحاء البلاد.وأثناء الإدلاء بصوته في احد المراكز بالعاصمة دمشق اعتبر وزير الخارجية وليد المعلم أن مشروع الدستور الجديد ''سينقل سوريا إلى مرحلة جديدة''. وقال ''إن هذا يوم تاريخي في حياة الشعب السوري الذي يراهن على صموده وتماسكه فاستحق هذا الدستور الذي ينقل سوريا من خلاله إلى مرحلة التعددية السياسية والى مرحلة ديمقراطية''. كما أضاف ''في هذا اليوم ننتقل بمرحلة ديمقراطية جديدة تخرج سوريا أقوى بكثير مما كانت''. وبينما انتقد رئيس الدبلوماسية السورية تدخل الدول الغربية في شؤون بلاده بالقول ''عليهم ان يعالجوا همومهم الداخلية ويتركون سوريا ونقول لهم من يريد مصلحة الشعب السوري لا يفرض عليه عقوبات''. قال انه لا يريد التعليق ''على مواقف المعارضة هي ليست على صلة بمصالح الشعب السوري وهذا الإقبال من قبل المواطنين مؤشر على وعي تام بمصالحه وأهدافه''. وجاءت تصريحات المعلم متطابقة مع تقرير نشرته صحيفة ''واشنطن بوست'' الأمريكية في عددها الصادر أمس أكد ان الرئيس الأسد لا يزال يحظى بدعم جزء كبير من الشعب السوري. وقالت الصحيفة وفقا لتصريحات محللين وخبراء مختصين في الشرق الأوسط ان ''العديد من الملاحظين يؤكدون بأن الرئيس الأسد يستفيد من دعم معتبر في سوريا ''وان ''شرائح واسعة من الشعب السوري كفيل بالانتخاب لصالح مشروع دستور للتعبير عن دعمها للأسد''. ولكن عملية الاستفتاء التي تراهن عليها السلطات السورية لرفض المشروع العربي-الغربي لتنحية الرئيس بشار الأسد جرت وسط استمرار أعمال العنف التي خلفت حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 30 شخصا أغلبيتهم مدنيين سقطوا خاصة في مدينة حمص معقل الحركة الاحتجاجية المناهضة للنظام السوري. وجاء في بيان للمرصد السوري أن ''تسعة مواطنين قتلوا إثر إطلاق نار كثيف وقذائف في حيي الحميدية وبستان الديوان بمدينة حمص كما سقط أربعة من القوات النظامية بينهم ضابط إثر اشتباكات في حي الحميدية بين القوات النظامية ومجموعة مسلحة''. وعاشت مدينة درعا الجنوبية نفس المشاهد بعد اندلاع اشتباكات بين القوات النظامية السورية ومجموعات منشقة مما أدى إلى مقتل ثلاثة من عناصر الأمن إثر استهداف سيارتهم. كما قتل جنديان في مدينة داعل في اشتباكات مستمرة منذ صباح أمس. وكان المرصد الحقوقي أفاد عن مقتل شخص صباح أمس برصاص القوات السورية في بلدة علما في محافظة درعا، مشيرا إلى اشتباكات عنيفة بين قوات النظام ومجموعات منشقة في علما ومدينة الحراك. وأضاف ان مواطنا قتل بمحافظة إدلب شمال غرب سوريا إثر إصابته بإطلاق رصاص من حاجز أمني في مدينة معرة النعمان.