فاجأ المطرب الشعبي المعروف الشيخ عبد القادر شرشام، جمهور الاغنية الشعبية ومتتبعي الشعر الشعبي الملحون سهرة أول أمس، الجمعة بقصيدة جديدة عصماء تنضاف بعد السنوات العجاف التي تلت رحيل فطاحل الاغنية الشعبية الى رصيد الادب الشعبي الجزائري والاعمال الشعرية الخالدة لاعلام الملحون أمثال بن مسايب وبن سهلة والمغراوي وبن خلوف وغيرهم ممن لازالت صولاتهم تذكرنا بشهامة وفروسية الاجداد . القصيدة الجديدة عنوانها " بابا مرزوق جاء" تسرد وقائع تاريخية مشرقة من جهاد الجزائريين في القرون الوسطى ودفاعهم عن الثغور الجزائرية ضد جحافل الغزوالصليبي . القصة تعود بنا إلى سنة 1542م عند احتفاء الجزائريين وعلى رأسهم الباشا حسن في ذلك الوقت بالانتهاء من بناء حصون وقلاع المحروسة لصد الصليبيين وقد عرض آنذاك بالمناسبة ولاول مرة مدفع جديد طوله سبعة أمتار ويبلغ مداه 4872متر (5كلم تقريبا) اختير له اسم "بابا مرزوق" . وكان هذا المدفع الذي يعد فخر الصناعة الحربية الجزائرية يحمي خليج الجزائر لغاية الرايس حميدوحاليا (بوانت بيسكاد) ويقوم بتشغيله 4 مدفعجيين حرموا لسنوات كل من سولت له نفسه غزو المحروسة الاقتراب من شواطئها. ويروي بعض المؤرخين أن أحد دايات الجزائر الذين جاؤوا بعد وفاة حسن باشا غضب من القنصل الفرنسي وهو" الاب فاشر" سفير الملك لويس الرابع عشر بالجزائر الذي ساعد بتقاريره الاستخبارية الاميرال ابراهام دوكاسن في حملته الفاشلة لغزو الجزائر فوضعه أمام فوهة مدفع بابا مرزوق وقصف به السفينة التي تقل قائد الحملة، ومن هنا أصبح الفرنسيون يسمون مدفع بابا مرزوق "لاكونسيلار" . وبعد احتلال الجزائر العاصمة انطلاقا من سيدي فرج عام 1830 بما لايقل عن 675 سفينة على متنها ما يربوعن 37 ألف جندي نقل مدفع بابا مرزوق الذي أصبح غنيمة حرب عام 1833من طرف الاميرال فيكتور غي دوبيري الى مدينة "برست" الفرنسية التي ينحدر منها ووضع في احدى ساحاتها وثبت على فوهته تمثال الديك الذي يرمز للقوة الفرنسية وبقي على هاته الحال الى وقتنا الحاضر بالرغم من مطالبة الدولة الجزائرية باسترجاعه مرارا باعتباره رمزا من رموز تاريخنا المجيد. ولاشك في أن عشاق الشعبي سيجدون في هذه القصيدة التي نظمها الوزير السابق الاستاذ محمد بن عمرو الزرهوني كل المتعة التي وجدوها في قصائد أخرى خالدة مثل " ذوق ياقلبي وعمر من فراق الاحباب " و"قرصان يغنم " و"من يبات ايراعي لحباب" لشعراء الجهاد البحري الجزائري والفروسية الذين عايشوا تفاصيل تلك الوقائع ونقلوها لنا كما شاهدوها أمثال المغراوي وبن خلوف. كما أن أستاذ الشعبي وتلميذ الشيخ الحاج امحمد العنقة المطرب عبد القادر شرشام قد عرف كيف يجعل منها بصوته المتميز وأدائه الموسيقي الرائع "بردة" من بردات الشعبي تماما كما فعل الراحلان الحاج امحمد العنقة والحاج الهاشمي قروابي رحمهما الله بتراث الخالدين.