لم تنته جولة المفاوضات التي جرت بين كبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي ومسؤول السياسة الخارجية الأوروبي خافيير سولانا بمدينة جنيف السويسرية الى نتيجة ملموسة سوى تأكيد الطرفين على موقفيهما المبدئيين بخصوص البرنامج النووي الإيراني. وهو التعثر الجديد الذي جعل المسؤول الاوروبي يرجئ الجانب الايراني مهلة اسبوعين او ثلاثة لتقديم موقف أكثر وضوحا بخصوص مجموعة المحفزات التي عرضتها الدول الدائمة العضوية والمانيا منتصف الشهر الماضي على طهران مقابل تخليها عن مشروعها لامتلاك التكنولوجيا النووية. واعترف سولانا في تصريح أدلى به مباشرة بعد انتهاء لقائه مع جليلي ان الاجتماع كان صعبا وان الامور تأخذ مزيدا من الوقت ولكننا نأمل أن نحصل على رد خلال الثلاثة أسابيع القادمة. وهي القناعة التي خرج بها رئيس الوفد الايراني المفاوض الذي أكد بطريقة فيها الكثير من التلميحات والرسائل الدبلوماسية وأكد أن "الدبلوماسية اشبه بالسجاد الايراني الذي يستدعي تقنية ودقة لحياكته حتى يسرّ الناظرين". وهي رسالة ايرانية واضحة باتجاه الاوروبيين والولاياتالمتحدة على وجه خاص بانه لا يجب انتظار الكثير من مثل هذه الاجتماعات الخاصة بمعالجة قضية معقدة بتعقيدات الملف النووي الايراني. ولم يكن لهذا الموقف الايراني لأن يلقى الترحيب من جانب الولاياتالمتحدة التي حضر وليام بيرنز الرقم الثالث في وزارة خارجيتها ولأول مرة جلسة المفاوضات، وأكدت أن طهران عليها ان تختار بين خياري الدبلوماسية والمواجهة العسكرية. ويعد هذا التصريح بمثابة انقلاب آخر في الموقف الامريكي باتجاه إيران يومين بعد ان أكدت انها مازالت متمسكة بكل البدائل الدبلوماسية الكفيلة بالتوصل الى تسوية لهذا الملف. وذهب التهديد الامريكي الى نقيض مواقف المسؤولين الايرانيين الذين اجمعوا على ان اجتماع امس كان خطوة هامة في طريق عملية التفاوض بينها وبين الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن. وقال الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد أمس ان مفاوضات جنيف شكلت خطوة نحو الأمام وهو الموقف الذي عبر عنه وزير خارجيته منوشهر متقى الذي أكد على ايجابية حضور وليام بيرنز مساعد وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس جلسة المحادثات التي تمت بين جليلي سولانا. وإلى حد الآن لم يقم لا الجانب الايراني ولا الجانب الغربي الكشف عما دار في الاجتماع والنقاط التي تمت اثارتها ونقاط التلاقي ولانقاط التعارض بين الطرفين. وقد اكتفى رئيس الوفد الايراني المفاوض على ضرورة وضع خارطة طريق مشتركة تحدد صيرورة المفاوضات لفهم كل قرار يتم اتخاذه في ذلك الاطار. وهو الموقف الذي أشار إليه وزير الخارجية الايراني الذي أكد أن وفد بلاده قدم اقتراحا لضبط سير عمليات التفاوض وما على الدول الغربية إلا دراستها واتخاذ وقف بشأنها خلال الأسبوعين القادمين. وتكون السلطات الايرانية من خلال ذلك قد تعاملت مع العرض الغربي في اطار سياسة "واحدة بواحدة " بعد ان منحت مفاوضيها مهلة للرد على اطار التفاوض وهو المنفذ الذي يمكن ان تستغله خلال الاجتماع القادم لتمديد المفاوضات أطول مدة ممكنة بمبرر عدم حصوله على رد كاف من الدول الغربية. ولكن المسؤول على الملف النووي الايراني لم يفوت الفرصة لإعادة التأكيد أن وضع الاطار القانوني للمفاوضات يجب أن يضع فكرة وقف عمليات التخصيب وراء خط أحمر لا يجب تجاوزه، وبالتالي ضرورة تعامل الدول الغربية وفق هذه المقاربة وعدم طرحه لأنها سوف لن تجد اذانا صاغية لتلبية مثل هذا الطلب. وهي المقاربة التي ترفض الولاياتالمتحدة ومعها الدول الاوروبية التعامل وفقها وتعتبرها بمثابة تحد لها ولإرادتها في العمل على منع إيران من امتلاك التكنولوجيا النووية بقناعة أنها تحمل أهدافا عسكرية وهو ما تصر إيران من جهتها على نفيه. ولكن خافيير سولانا أكد أن مجموعة "الخمسة زائد واحد" اقترحت فكرة "التجميد مقابل التجميد" تلتزم بمقتضاها ايران بوقف عمليات التخصيب في مستوياتها الحالية على أن تلتزم المجموعة بعدم تشديد العقوبات الاقتصادية عليها. وبالتوازي مع تفاعلات هذا الملف دبلوماسيا فقد كشف وزير الدفاع الايراني مصطفى نجار أمس أن القوات الجوية لبلاده ستجري أوسع مناورة عسكرية قريبا تستخدم فيها أحدث أنواع التجهيزات والمعدات المصنعة محليا. وقال الوزير ان "القوات الجوية ستجري قريبا مناورة يطلق عليها "سماء الولاية" ستستخدم فيها أحدث أنواع الأسلحة والتجهيزات من صنع إيراني".