عقب تصريحات قسنطيني حول التقرير الذي رفعه لرئيس الجمهورية والمنتقد لأداء القضاء الجزائري أكد وزير العدل حافظ الأختام محمد شرفي أمس الأول الخميس أن حوالي خمسة قضاة تم عزلهم أو قهقرتهم من قبل المجلس الأعلى للقضاء خلال دورته الأخيرة في قضايا تتعلق بتجاوزات أو إخلال بالإلتزامات المهنية. وفي هذا السياق وعن التصريحات التي كان قد أدلى بها رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني حول إستقلالية القضاء الجزائري الذي وصفه ب "النقطة السوداء" التي تقف حائلا في سبيل تحقيق دولة الحق والقانون, رفض الوزير التعليق عليها مكتفيا بالقول "لا أعلق على رئيس اللجنة التي تعتبر هيئة قانونية ومن صلاحيتها إبداء رأيها في الوضع و لست مؤهلا للتعليق على تقرير موجه إلى السلطات العليا (أي رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة). وعن القضاة المعاقبين أوضح الوزير، على هامش جلسة علنية بالمجلس الشعبي الوطني خصصت للرد على الأسئلة الشفوية بأن عدد القضاة الذين أحيلوا على المجلس التأديبي خلال الدورة السابقة بلغ "نحو 14 قاض في قضايا تشمل كل الأصناف. وتتعلق بالقيام بتجاوزات أو إخلال بالإلتزامات المهنية" فيما أصدر المجلس الأعلى للقضاء أحكاما بالعزل أو القهقرة في حق "أربعة أو خمسة قضاة". كما ذكر الوزير بأن المجلس الأعلى للقضاء هو هيئة دستورية لها كل الصلاحيات لتقويم كل انحراف مخول لها دستوريا الحفاظ على استقلالية القضاء. وجاء رد الوزير كتكملة لتوضيحات قدمها للنائب فيلالي غويني الذي كان قد طرح سؤالا شفويا حول الآليات الكفيلة بضمان حق المواطن الذي قد يقع ضحية للظلم أو التعسف أو سوء المعاملة من قبل المنتسبين إلى قطاع العدالة وعلى رأسهم القضاة. في هذا الباب أكد شرفي أن المدونة الجديدة لأخلاقيات مهنة القضاة "تبسط قواعد السلوك التي يتعين على القاضي التحلي بها" وفي مقدمتها "الإلتزام بالحياد و التجرد و تحقيق العدل طبقا للقانون". وذكر في هذا السياق بأن الإخلال بأي من هذه الالتزامات هو "خطأ يستوجب المساءلة أمام المجلس الأعلى للقضاء". ولفت شرفي إلى أن العدل هو مفهوم شامل لا يتوقف عند تطبيق القانون و الفصل في الخصومات بل يتعدى ذلك إلى إرساء المساواة في المعاملة بين المتقاضين دون الانحياز لطرف على آخر. كما شدد على دور المواطن في الكشف عن حدوث تجاوزات من هذا القبيل وذلك "بما يرصده من نقائص أو تجاوز على سلطة القانون أو مساس باستقلالية القضاء". في هذا السياق أشار إلى النصوص القانونية التي تصب في هذا السياق وعلى وجه أخص الدستور المكرس لمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون وهو المبدأ الذي "تجسد" في القانون العضوي المتضمن القانون الأساسي للقضاء والمحدد لمعالم المسؤولية القانونية للقاضي في مجاليها التأديبي و الجزائي. وأوضح في ذات الصدد بالخطوات الإجرائية التي يتبعها القاضي في حالة تسجيل خطأ جسيم مرتكب من طرف القضاة حيث خول له القانون صلاحية تحريك و ممارسة الدعوى التأديبية عن طريق إيقاف القاضي مؤقتا عن العمل بعد تحقيق أولي يتضمن توضيحات القاضي المعني وإعلام مكتب المجلس الأعلى للقضاء أو إحالة الملف التأديبي مباشرة أمام المجلس الأعلى للقضاء الذي يصدر القرار المناسب.