برسالة عبثية تقول : مسكين من يحيا كورقة بيضاء يضع عليها الآخرون أختامهم...تأكد للمرة الألف أن العبث يسكن هناك في صحرائنا الجميلة المليئة بمتناقضات العصر والدهر ..نعم العربة التي حضرت إلى مغنية في ثالث عرض مسرحي بتوقيع صرخة الركح لتمنراست أكدت ولع أو طبع العبث في الممثل أو المخرج الصحراوي بين قوسين وهو تماما ما جسدته مسرحية الحطام للجمعية الثقافية للفنون الدرامية تامنغست. ينجي الأصدقاء من خراب وحطام كان في الأصل هشاما في مسرحية عبد الأمير شمخي وتحول إلى حطام في عرض جديد لأيام مسرح الجنوب ، الراهن ظل طيلة العرض عبثا مفروضا بقوة العربة التي عرفناها في المسرح العالمي مع الكاتب الإرلندي صامويل بيكت في انتظار قودو والتي سبق لمسرح الملقى من تيندوف أن قدمها سنة 2006. العولمة كانت حاصرة هي الأخرى، لكن لفضح ما جرى في نص الشمخي الأول العاكس لأوضاع بلده العراق ، المخرج عبد القادر عزوز اختار شخصياته الخمسة بلا اسم ولا عنوان ، بل بلا زمان ولا مكان رجلان وثلاث نسوة في الزوايا الظالمة المظلمة ، في انتظار العربة التي قد تقودهم إلى مستقبل الخلاص ، ربما في مدينة هاربة من الراهن أو تنشد من الحياة غير الموجودة في زمننا ، الهروب من الماضي جمعهم ووحد أمانيهم وإن كان الصراع جليا إلا أن الحلم ظل طاغيا في شخصية صبرينة الباحثة عن استرجاع عظام رضيعها بعدما حملته بين الأضلع جمجمة تجعلها تفتش عن زوج خيالي لن يكون سوى صديقتها وهيبة باعلي أو المرأة الهاربة من واقعها في ثوب رجل، في حين نقف عند الجلاد عزوز نور الدين وأزمته مع الضمير مع الضحية إليشان أحمد ورحلتهما الباحثة عن استرجاع الإنسانية في نفسيهما. على مستوى الرؤية الإخراجية قدم عزور عبد القادر عرضا منظما اعتمد على توظيف الديكور – شجرة في اليسار وعربة في اليمين وصخرة تتوسطهما – وتنظيم الممثل والابتعاد عن الارتجال، فجاء العرض كاملا إلى حد ما عبر عنه نجاح لصفر عبد الرحمن في الإضاءة التي عكست مجرى الأحداث عندما تنتهي المسرحية بقتل الجلاد الظالم لنفسه، في صورة تراجيدية. جدير بالذكر أن العرض حاول نقل ما تبقى من حطام ذاكرة التاريخ وإن لم تأتي العربة فإن مسرح تمنراست كان حاضرا بهواته وبجهد السيد الذي ابدع كوريغرافيًا مهدي يسري ، وتمثيل هابة صبرينة، بن بركة عائشة، بن بركة أسماء ، باعلي وهيبة ، لنصاري صونيا ، هزوز عبد القادر ، لصفر عبد الرحمن وصادقي أحمد .