عزوز عبد القادر أحد الأسماء المعروفة في الفن الرابع بتمنراست، ومن أنشطها أيضا، كوّن عدة فرق مسرحية، آخرها ''صرخة الركح'' التي نال بها العديد من الجوائز، أهمها جائزة ''أحسن عرض متكامل'' في مهرجان المسرح الأمازيغي بباتنة.. ''المساء'' التقت به وطرحت عليه أسئلة حول واقع المسرح في تمنراست، وكذا مشاركة المرأة في هذا المجال، علاوة على مشاريع فرقته. عشق عزوز عبد القادر المسرح، فاقتحم مجاله وصقل موهبته عبر التكوين في الورشات التي نظمها المسرح الوطني الجزائري، وكذا في المسارح الأخرى، والفضل يعود -حسبه- إلى محي الدين، المدير السابق لدار الثقافة بتمنراست، الذي قدّم الكثير للفن الرابع بعاصمة الأهقار. ويحكي عزوز عن مساره في الفن الرابع الذي انطلق بالضبط في دار الشباب بتمنراست مع فرقة ''أصوات من الخيام''، بعدها انتقل إلى دار الثقافة بغية البحث عن فضاء أوسع وأقدر لتفجير طاقاته الإبداعية، فكوّن فرقة جديدة هي ''صرخة الركح'' التي بدأت تعمل في النطاق المحلي، وهنا يقول؛ ''عندما بدأنا في العمل، أدركنا أنه لا بد من صقل مواهب الشباب، فقمنا ببرمجة ورشات تكوينية، وتحقّق ذلك على مستوى المسرح الوطني الجزائري، حيث احتضن ورشتين نتجت عنهما مسرحيتان هما؛ ''القرن الأسود'' للكاتب أحمد الرميحي والمخرج عيسى قجاطي و''أسكريال'' للمخرج إيفان روموف. وشاركت ''صرخة الركح'' أيضا في تظاهرات مسرحية على مستوى القطر الجزائري، وفي هذا السياق، يقول عزوز؛ ''اعتمدنا على تقديم أعمالنا المسرحية باللغتين الأمازيغية والعربية، إذ نشارك باللغة الأمازيغية في المهرجانات المسرحية الأمازيغية، ونشارك باللغة العربية فيما تبقى من هذه التظاهرات''، وهكذا تعتمد الفرقة على تعزيز اللغة الأمازيغية من جهة، و التأكيد على ثقافة المنطقة من جهة أخرى، علاوة على وضع البصمة المحلية على أيّ عمل يقدّمه، سواء كان بنص عالمي أو محلي، باعتبار أنّ تراث المنطقة غني جدا ومن الضروري تثمينه. قدّمت فرقة ''صرخة الركح'' مسرحية ''تمنهايد ''(المرآة)، التي شاركت في الطبعة الأولى للمسرح الأمازيغي بباتنة، وتحصلت على جائزة أحسن فرقة واعدة، ومسرحية أخرى هي؛''زوبعة السراب'' التي شاركت بها في البيض وتندوف، وتحصّلت على المرتبة الثانية، كما شاركت أيضا في أيام الجنوب بالمسرح الوطني الجزائري باللغة العربية، وكذا في مهرجان المسرح الأمازيغي بباتنة باللغة الأمازيغية، وتحصّلت على جائزة التحكيم وجائزة أحسن فرقة واعدة. واتّخذت الفرقة بعدها مسارا آخر في الفن الرابع، من خلال تمثيلها لنصوص إنسانية، بعدما كان توجّهها نحو النصوص التي تحكي عن واقع سكان المنطقة، فكانت البداية مع نص ''الهشيم'' لعبد الأمير شمخي الذي يتناول الواقع الناتج عن الحروب، حيث تركّز المسرحية على فقدان الإنسان لإنسانيته كلّما زاد التطوّر في مجالات الحياة، وجاءت هذه المسرحية مختلفة عن النص الأصلي، وهذا راجع إلى خلفيات مختلفة لكلّ مجتمع، فكان عنوانها ''الحطام''، كما شاركت الفرقة في تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية ,2011 بعرض ''أزد'' (الرماد) الذي شاركت به في مهرجان المسرح الأمازيغي، وتحصّلت على جائزة أحسن عرض متكامل. وأكد عزوز أهمية أن يتوغل المسرح في كل بلديات عاصمة الأه?ار، وفي هذا السياق، نظّم مهرجان أيام تمنراست لمسرح الطفل بمشاركة كلّ فرق تمنراست الكبيرة والصغيرة، مضيفا أنّ الفن الرابع متجذر في المنطقة، والدليل على ذلك كلّ الرقصات؛ مثل رقصة ''تاكوبا'' والتقاليد، مثل الأعراس، وفي هذا الصدد، تمّ تنظيم ورشات تكوينية، وتمّ أيضا التعرّف أكثر على الفرق الهاوية، ومن ثم إرسالها للمشاركة في مهرجانات عبر الوطن. ماذا عن المشاريع المسرحية؟ يجيب عزوز؛ ''هناك مشروع يتمثّل في قيام الفرقة بجولة عبر البلديات، الدوائر والثانويات بعاصمة الأه?ار، إلاّ أنّ المشروع الأكبر للفرقة يتمثّل في تنظيم مهرجان دول الساحل، بمشاركة فرق من الجزائر والدول المجاورة، وسيكون أغلب عروض هذه الفرق في مقاهي مسرحية، أمّا عن المواضيع المشاركة، فستكون بالدرجة الأولى كوميدية، بحيث حتى ولو تناولت مواضيع تمس صميم الواقع، إلاّ أنّها يجب أن تتحلى بالفرجة. مشروع آخر في جعبة عزوز، يتمثّل في إدماج المرأة في الجوانب التقنية للمسرح، بدلا من اكتفائها بالتمثيل فحسب، وفي هذا السياق، يقول عزوز باسما؛ ''تعرّضت السنة الفارطة إلى مشكل يتمثّل في ضمّ فرقتي لخمسة رجال من بين 24 عضوا، وهو حال كل الفرق المسرحية هنا، التي تضم في أغلبيتها نساء، وأسعى إلى إقحام المرأة في عالم الإخراج، السينوغرافيا، الكتابة المسرحية وغيرها من الجوانب التقنية''. وعن سؤال حول النصوص المسرحية التي تترجمها فرقة ''صرخة الركح''، هل هي مقتبسة من نصوص عالمية أم أنها محلية؟ يشير عزوز إلى أن معظم نصوص الفرقة محلية، وذكر مسرحيات ''الدوامة'' من تأليفه، والتي ظفرت بجائزة في مهرجان مستغانم، مسرحية ''المهرجون'' التي تحصّلت على جائزة أحسن ممثلة، بالمقابل، ركز عزوز على أهمية التكوين من خلال ورشات، كما حث على ضرورة مشاهدة العروض المسرحية كيفما كان مستواها، إلى جانب الاحتكاك بالفنانين باعتبار أن الجانب التطبيقي ثماره أكبر من نظيره النظري. أمّا عن التكوين المسرحي الذي تلقاه عزوز، فيقول؛ ''شاركت في ورشات مختلفة في السينوغرافيا، النقد والإخراج، أغلبها نظّمت في المسرح الوطني الجزائري، باتنة، تلمسان، البيض، تندوف وورقلة، وحين لا أستطيع أن أشارك في هذه النشاطات، أرسل شخصا آخر من الفرقة، حقا، لقد تلقينا مساعدات كبيرة من محي الدين، المدير السابق لدار الثقافة، وكذا من فوزية آيت الحاج، المديرة السابقة لمسرح تيزي وزو''. وفي الأخير، تناول عزوز ظاهرة فريدة من نوعها تتمثل في عشق سكان تمنراست للمسرح، حيث يأتون إلى العروض المسرحية، حتى تلك التي تُبرمج ليلا، وبالأخص العائلات، كما يستقطب مسرح الطفل بدوره جمهورا غفيرا، ويرجع ذلك -حسب مّحدثنا- إلى دور المسرح الإذاعي في تحبيب الفن الرابع للتمنراستيين، من خلال برنامج ''حال وأحوال'' وبرنامج ''ناس الحومة''، اللذان يضمان سكاتشات هزلية تتناول الواقع اليومي، فكلما حدث شيء في النهار، يُترجم في الليل في هذه السكاتشات التي تجمع بين المعالجة والفرجة.