بالرغم من التحذيرات المتتالية التي اطلقتها الجزائر حول مخاطر دفع الفدية للإرهابيين وتأثيراتها على زعزعة امن و استقرار العديد من الدول إلا ان فرنسا كانت تسير بوجهين , وجه يظهر الصرامة و عدم التقاعس مع الارهابيين , و وجه اخر يبرز انبطاح الدولة الفرنسية و خضوعها المطلق لإبتزارات و مساومات فيالق الشر , فمنذ ايام قليلة تمكنت فرنسا من تحرير اربعة رهائن كانوا محتجزين لدى الاراهبيين في مالي مقابل دفع فدية اجمعت كل الاوساط على انها تقدر ب25 مليون يورو اي ما يعادل 32 مليون دولار , و هو مبلغ كاف لشراء اربعة قناطير من الذهب الخالص وكاف ايضا لشراء المئات من السيارات رباعية الدفع لفيالق الموت الناشطة بالصحراء , و كافية ايضا لشراء آلاف قطع السلاح سيما و ان الاسلحة الليبية اصبحت تباع بالميزان في اسواق بنغازي و البيضة و غدامس . فرنسا التي كانت تعتقد انها ابرمت صفقة ناجحة مع الارهابيين دفعت الثمن غاليا بعد ساعات من تسليمها وديعة العار بدولة النيجر , فقد قامت جماعات إرهابية مسلحة بمدينة كيدال الواقعة في أقصى شمال شرقي مالي، بقتل صحفيين فرنسيين اثنين . و أفادت مصادر محلية إن المقتولين و هما صحفي يدعى "كلود فيرلون" وصحفية تدعى "جسلن ديبون"، يعملان في إذاعة فرنسا الدولية "أر أف إي" (RFI )، قد اختطفا قبل قتلهما، و ذلك بعد قدومهما إلى شمال مالي، بالتحديد منطقة كيدال لتغطية احتفالات الحركة الوطنية لتحرير أزواد بذكرى تأسيسها الثالثة، التي توافق الأول من نوفمبر.
من جانب آخر قال حاكم بلدة تنزاواتن بول ماري سيديبي: «بعد بضع دقائق من بدء عملية ملاحقة خاطفي الفرنسيين أبلغنا بالعثور على جثتيهما خارج البلدة، واخترقتها عدة أعيرة نارية». وأوضح مسؤول عسكري كبير بالحركة الوطنية لتحرير أزواد، أنه عثر على الجثتين خارج كيدال، ومن جانبه، أكد مصدر أمني في مالي أن الصحفيين قتلا على بعد نحو 12 كيلومترا من البلدة. كما قالت وسائل إعلام فرنسية ، فى وقت سابق، إن صحفيين فرنسيين اثنين يعملان لراديو فرنسا الدولى "آر أف إى" اختطفا بمدينة كيدال. وأشارت وسائل الإعلام إلى أن الصحفيين السالفين الذكر كانا يعدان تقريرا إعلاميا حول الحركة الوطنية لتحرير أزواد في إطار برنامج خاص ستتم إذاعته على راديو "فرنسا الدولية" يومي 6 و7 المقبلين. من جانبها، أكدت وزارة الخارجية الفرنسية الحادثة، وقالت: "جارٍ العثور على جثتي الصحفيين".
ويؤكد هذا الحادث المأساوي الجديد مدى صدقية الجزائر و رؤيتها العميقة حول خطورة دفع الفدية التي اجمعت عليها كل الدول عدا فرنسا , التي كانت تعتقد ان الغاية تبرر الوسيلة , متناسية خطورة ما قامت به ليس فقط على مصالحها بل ايضا على امن و استقرار كل الدول المحاذية لمنطقة الساحل الافريقي .
وربما يكون المبلغ الضخم الذي تحصل عليه الارهابيون من الصفقة الاولى هو ما دفعهم الى التخلص من الصحفيين بعدما ضمن المسلحون بان ما قبضوه من اموال يكفي لتسيير العمليات الارهابية لمدة شهور و عدم الحاجة الى خطوط امداد جديدة طالما ان الاموال متوفرة و الاسواق مفتوحة , و فرنسا موجودة لتدفع .