في صقيع قرى سوريا يروي "الأم" قصة وجع عميق غرز في قلب هذا البلد الأشم، الذي تشتت أبنائه وغير الحضن الواحد الذي كان يجمعهم بالموت والأشواك، العمل للمخرج السوري الكبير باسل الخطيب، أخرجه في قالب طغى عليه السواد حلكة الألم الذي تعيشه الشام حاضرا. الفيلم السوري "الأم"، عرض الأربعاء بقاعة السيناماتاك بالباهية في إطار مسابقة الأفلام الطويلة لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، بطولة "صباح الجزائري" في دور الوالدة، "سلاف فواخرجي"، و"ديما قندلفت" رفقة "نورا رحال"، العمل السينمائي السوري يروي حكاية أم "صباح الجزائري" ارتدت الأسود انفطر فلبها لرحيل أبنائها بعدما أخذتهم الحياة بعيدا، رغم كفاحها طيلة طفولتهم على لجمعهم في لحمة واحدة، كناية من المخرج عن حضن سوريا التي افترق أولادها كل في فكر، أو جبهة مفترقين، الأحداث طغى عليها اللون الأسود وسط صقيع الشتاء البارد، تمثيلا للوضع في أرض الياسمين، الوالدة تموت وسط همها وشوقها لفلذات أكبادها، فشق كل منه طريقه للعودة إلى مسقط رأسهم لتأدية على الأقل واجبهم إزاء أمهم وهي متوفاة بعد أن قصروا وهي حية ودفنها من طرف ذويها، مسلك العودة محفوف بالعراقيل والأخطار، فمنهم من هو معارض شرس بالخارج سيمر حتما عبر المصالح الأمنية التي حتما ستحقق معه، الأمر الذي وقع لإحدى بناتها لكن كموقف الإنساني تعاطف معها الضابط و ترك في طريقها، أما الأخوة الآخرين فطريقهم كانت كذلك محفوفة بالكمائن والجماعات المسلحة، رغم ذلك لم يصل هؤلاء بمراسم الدفن وبحلولهم كانت أمهم قد ووريت التراب. الفيلم حمل باقة من الرسائل الإنسانية تمحورت حول كف الدم وعودة أبناء البلد الواحد لحضن الأم سوريا. أنتهى الفيلم بعد 90 دقيقة من العرض تحت تصفيقات واعجاب الجمهور الوهراني وأوضح المخرج "باسل الخطيب" أن الفيلم مكرس للام السورية التي قدمت وما زالت، التضحيات الجليلة لسوريا، وأضاف "الجزائر هي البلد الأقرب لسوريا أكثر من أي بلد آخر". وأوضح أن الفيلم مستوحى من قصة حقيقية تعود وقائعها إلى سنتين، وانه أراد إعطاء رسائل مباشرة وواضحة خلافا عن بعض أفلامه السابقة على غرار "مريم" حيث قال "السينما أحيانا أقوى بالأسلوب المباشر، ولم نمارس الدعاية لأي طرف إلا البلد وكما أننا لم ندن رغم أننا اخترنا المكوث في سوريا فلا يمكننا إدارة ظهرنا لها خلال هاته المأساة". من جهتها قالت النجمة سلاف فواخرجي: " نحن من خلال فيلم الأم نقول لننسى كل اختلافاتنا ونعمر البلد ، الأرض والوطن هي الأم فنحن نحكي عن الارتباط بالمعنى الشامل أنا المخرج باسل الخطيب يحسن التعامل مع الممثل وإبراز قدراته، الراهن يستوجب المصالحة كخطوة إنسانية لوقف الدم وبناء اللحمة الوطنية ثم لاحقا نناقش خلافتنا السياسية والاديولوجية...".