يقحم فيلم "هواجس الممثل المنفرد بنفسه" للمخرج الجزائري حميد بن عمرة، المشاهد في أعماق نفس المبدع والفنان الجزائري، المشتت بين ضفتي بلده الأم، وأرض المهجر، فالعمل ليس تركيبة بسيطة، بل هو توليفة من الرموز والرسائل، التي يطلقها صاحب العمل في قالب تسجيلي طويل، مزجه بالخيال والبورتريه، خلال الممثل الرئيسي، الممثل الجزائري محمد أدار. هواجس الممثل المنفرد بنفسه هو حالة، نلمس فيه أن المخرج وكأنه يحاول رسم لوحة فنية، ونحس بحميميته العميقة وارتباطه بفيلمه، الذي يحاول خلاله أن يرحل بنا إلى أحاسيسه وحالاته، إزاء واقع الفن والجزائر، وحتى الساحة العالمية. ضف إلى ذلك أنه التسجيلي مفعم بالرمزية، وحاول بن عمرة صياغتها وكأنها معزوفة حياة أو تجربته، أحيانا أصواتها جميلة، وفي تارات عدة هي تغيب النوتات، فنشاهد الممثل أدار يتعامل بيانو قديم وأخر جديد، يحمل مفاتيح البيانو، ويحاول ترقيعها. مشاهد أخاذة تقنيا وفنيا صورت شاطئ البحر، بين ضفتي المتوسط، المعلق بينها الممثل أدار، يروي تجربته مع المسرح، أحاسيسه ويصرح خلال مرحلة ما من الفيلم: "هل أنت انا في الماضي، أما أنا أنت في المستقبل"، وكأن المخرج يوضح لك بأنه لا يسرد السيرة الذاتية لأذار، بل يروي هواجسه الخاصة (المخرج)، والتي قد تكون هواجس الكثير أيضا. فلم يعرج على شخصيات كثيرة وأحداث متعددة كالأمير عبد القادر، الوزير عز الدين ميهوبي وتعامله مع أذار في مسرحية حاما الإسكافي، لقاؤه بعلولة في مسرحية الخبزة، رغم أن المخرج لم يوثق لهذه النقطة المهمة من حياة الممثل الرئيسي، إضافة إلى أنه عرج على شخصية رشيد بن علال. الفيلم كان غني أيضا صوتيا بخلفية لأغاني جزائرية من التراث على غرار خليفي حمد، الشيخة الريميتي، والحاج العنقا، كما أن المخرج ركز بشدة على المؤثرات الصوتية، كصوت البحر الظاهر بوضوح، وضجيج القطار، حين يقله الممثل في رحلة حياته. وشارك في التمثيل زوج المخرج بن عمرة وزوجته، وفي العموم يمكن القول أنا العمل يحمل من الانطباعية والعبثية الكثير ومزج بين العديد من الألوان السينمائية، كونه حالة نفسية مثلما يدل عليه عنوان التسجيلي "هواجس الممثل المنفرد بنفسه".