تحل على الشعب الصحراوي الذكرى الثامنة والأربعون لانتفاضة الزملة التاريخية ، التي تعتبر نقطة تحول بارزة في الكفاح التحرري للشعب الصحراوي ، ووصمة عار على جبين المستعمر الإسباني الذي يتحمل مسؤولية كل هذه المعاناة التي ألمت بشعبنا منذ احتلاله للصحراء الغربية وانسحابه منها دون تقرير مصير شعبها. ففي 17 جوان من سنة 1970م أعلنت الحركة الطليعية لتحرير الصحراء الغربية بقيادة الفقيد محمد سيد إبراهيم بصيري ، رفضها للمحاولات الإسبانية اعتبار الصحراء الغربية مقاطعة إسبانية ، حيث تجمع الصحراويون في خيم مخصصة لمناقشة الطرح الصحراوي والانخراط في صفوف المنظمة ، ومواجهة الدعايات والإغراءات الإسبانية بهدف جلب انتباه أكبر قدر من المواطنين علهم يلتحقوا بمقر الاحتفال الخاص بهم في ساحة إفريقيا وسط مدينة العيون ، إلا أنه لم يستجب لهم إلا القليل ممن ذهب إليهم مرغماً تحت تأثير الضغط أو التهديد. وقد اختار بصيري أن يكون عمل الحركة سلميا من خلال تقديم مذكرة للطرف الإسباني تتضمن مطالب الحركة وفي مرحلة ثانية يتم اللجوء للقوة في حال رفض الحلول السلمية ، ولهذا اتصل بصيري بالطلبة الصحراويين خاصة في مدينة العيون متخذا من الخطاب "الديني" وسيلة لمواجهة المستعمر الغربي والمطالبة بنصرة المسلمين ، بينما الهدف كان سياسيا وهو خلق إجماع صحراوي لطرد الاستعمار الإسباني. ورفض الإسبان التفاوض مع الحركة وأصروا على إقامة احتفالاتهم وضرورة انضمام المحجين إليهم ، غير أن الفقيد بصيري ورفاقه رفضوا ذلك لتندلع في مساء 17 يونيو 1970 المواجهات التي استخدم فيها المستعمر الإسباني الذخيرة الحية والاعتقالات العشوائية بعدما تيقن من إصرار الصحراويين على مطالبهم المشروعة. وقد طبع الحدث العديد من الإصابات في صفوف الصحراويين وحالات اعتقال ، إلى جانب وقوع بصيري في الأسر وذلك فجر 18 يونيو بمنزل موسى لبصير بحي الزملة وأدخل السجن المركزي بمدينة العيون ، وبقى فيه إلى أواخر شهر يوليو ، ومنذ ذلك التاريخ بقي مصيره مجهولا رغم المحاولات الحثيثة للكشف عنه ، إلا أن الدولة الإسبانية لا زالت تتكتم عليه طيلة ثمانٍ وأربعين سنة رغم تأكيد نقيب صحراوي كان بالجيش الإسباني آنذاك وقد رافق الدورية التي حملته كمترجم يقوم بالاتصال بين بصيري وسجانيه ، والذي أكد أنه قد حضر عملية إعدامه رمياً بالرصاص شمال غرب مدينة العيون على بعد عدة كيلومترات داخل منطقة الذراع.