متابعة لما نشرته ''المستقبل'' حول انطباعات الصحافة الأجنبية، وبالأخص الغربية منها، حول رئاسيات2009 نواصل استعراض آراء مبعوثي ومراسلي الفضائيات العربية أو تلك الناطقة باللغة العربية حول رئاسيات 2009 من خلال حوارات مصغرة تعكس وجهة نظر هؤلاء الإعلاميين لما ميز هذه الرئاسيات مقارنة بالانتخابات التي سبقتها في 4002 و9991 أو مقارنة بنظيرتها العربية ومدى قدرتها على استقطاب مزيد من الضوء والوهج الإعلامي على الصعيد الدولي. مروة يونس مراسلة وكالة الأخبار العربية (مصر) في الجزائر الديمقراطية في الجزائر تجربة متفردة عربيا غطيت عدة انتخابات في الجزائر فما الفرق بين رئاسيات 9002 ورئاسيات 4002 التي سبقتها؟ هناك فرق كبير بين رئاسيات 2009 ورئاسيات 2004 من حيث الشكل والمضمون، فالكل تابع حدة الخطاب الذي اتبعه المرشحون في رئاسيات 2004، الكل كان يتابع أيضا الحرارة الكبيرة التي طبعت هذه الانتخابات والتي ضللت بعض المراقبين تجاه نتائج الانتخابات التي آلت إليها رئاسيات 2004 ولكن الحملة الانتخابية لرئاسيات 2009 هي حملة مختلفة، كان فيها هدوء، وانقسمت إلى قسمين، الأول يمثله الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ويعبر عن ما هو موجود وما تم إنجازه ويحاول أن يشرح ما قدمه للشعب طمعا في تزكية أخرى، أما المرشحون الآخرون فرغم الانتقادات التي وجهوها لما أنجز في السنوات الماضية لكنهم وفقوا في عدم الانسياق نحو الانفعال الشديد. لاحظنا أنه حتى ما أثير بشأن تجاوزات الحملة الانتخابية لم يتم التعامل معه كما سبق وأن تعامل معه في رئاسيات 1999 أو في 2004. هذا عن المرشحين ماذا عن الشارع الجزائري؟ لاحظنا في الشارع الجزائري عدم انفعال تجاه الانتخابات، فهناك المتقبل وهناك الرافض وفيهم من تابع الانتخابات وهناك من لم يتابع ولكن الجميع تحدث معنا بلغة أهدأ مما سبق. لا أتكلم عن الانتخابات الرئاسية السابقة فقط ولكن أتكلم أيضا مقارنة بالانتخابات التشريعية والمحلية الأخيرة، أعتقد أن هذا الهدوء العام سينعكس إيجابا على الاقتراع يوم 9 آفريل وهذا ما يتمناه الجميع سواء الشعب الجزائري وحتى المراقبين في الخارج. إقبال الجالية الجزائرية بكثافة على صناديق الاقتراع كان لدى البعض مفاجئا بالرغم من المخاوف من المقاطعة، كيف تفسرين ذلك كمتابعة إعلامية؟ لما يكون الجو العام هادئا، فإن ذلك يسمح للجميع بالتفكير وبالتالي إذا كثر الانفعال يؤدي إلى شحن الشارع الجزائري وذلك يؤدي إلى حالة من الكفر بالانتخابات، ولاحظت من خلال استطلاعات رأي الشارع الجزائري في الانتخابات التشريعية والمحلية وهذه الرئاسيات ولا أتحدث هنا عن رئاسيات 4002 أن هناك هدوءا، وأعتقد أن الحملة التي قامت بها الدولة الجزائرية لتشجيع المواطن للذهاب إلى التصويت يفسر أولى الرسائل التي وصلت من الجالية الجزائرية في الخارج. كيف تقارنين التجربة الديمقراطية في الجزائر مع التجارب الأخرى في العالم العربي؟ التجربة الديمقراطية في الجزائر متفردة لا أقول أنها الأولى على المستوى العربي، ولكنها تجربة حافلة بالكثير من المحطات رغم بعض التصرفات التي قام بها أحد أحزاب المعارضة من خلال المساس بأحد رموز الدولة.. لكني أعتقد أن الهدوء الذي طبع كل السياسيين انعكس بشكل إيجابي على المشهد السياسي الجزائري وعلى الناخب الجزائري. كيف عالج الاعلام الدولي في نظرك رئاسيات 9002؟ يروج الإعلام الدولي لفكرة انخفاض نسبة المشاركة، فمعروف إعلاميا أن الخبر ليس أن يعض الكلب إنسانا ولكن العكس، وبالتالي عندما تكون ملامح الانتخابات القادمة تبدو واضحة زيادة عن اللزوم فهذا يؤدي إلى التعامل مع هذه الانتخابات بشكل أهدأ إعلاميا وهذا لا يقلل من أهمية الانتخابات بدليل حضور من كل وسائل الإعلام العربية والغربية. أعتقد أن هذه الانتخابات ربما تنقصها بعض الإثارة للفت أكثر اهتمام الإعلام بتغطيتها. تابعت بالتأكيد تغطية الصحافة الجزائرية لهذه الرئاسيات، فما تعليقك على هذه التغطية؟ الصحافة الجزائرية تعلمت من درس 2004 لأنها ارتكبت نفس الخطأ الذي ارتكبه مرشحون عندما انساقوا وراء القذف الذي طبع الحملة الانتخابية لرئاسيات 2004 ولكن التغطية الانتخابية لرئاسيات 2009 اتزنت بعض الشيء، طبعا لكل صحيفة توجهها السياسي وخطها الافتتاحي ولكن لم ينسق أحد وراء ما يخالف أخلاقيات المهنة. كلمة أخيرة؟ تمنياتي دائما للجزائر بالتطور والاستقرار ونظرا لأني أقمت في الجزائر على فترات طويلة، فإني أشعر بأني جزائرية أكثر من أي شيء آخر، لأني عايشت كل آلام وأفراح الشعب الجزائري وأشعر بكل ما يشعر به المواطن سواء كان إيجابيا أو سلبيا، فأنا أجد نفسي دوما منحازة إلى الشعب الجزائري، أعتقد أن الانتخابات هذه إذا جرت على خير فإن الجزائر ستتقدم بخطى أسرع مما كانت عليه في السنوات الماضية. أشرف عبد العزيز مذيع البرامج السياسية في إذاعة صوت الأحرار المصرية ضرورة ترسيخ ثقافة المشاركة في الإنتخابات اعتبر الصحفي المصري أشرف عبد العزيز مذيع البرامج السياسية في إذاعة صوت الأحرار أن الانتخابات الرئاسية هذا العام تختلف عن الانتخابات السابقة بعد تعديل الدستور، وان المرشحين الستة طرحوا حسبه برامج جميلة لكنها ليست حسبه بنفس القوة التي يحظى بها المرشح عبد العزيز بوتفليقة، كما صرح أشرف عبد العزيز للمستقبل بان هذه الانتخابات فرصة للجزائريين للتعبير عن مرحلة جديدة من الديمقراطية التي تشتهر بها الجزائر بخلاف الدول العربية، وأضاف قائلا ''المشاركة والتعبير عن الديمقراطية هي مميزات تميز الجزائر عن بقية الدول العربية الأخرى''. من جهة أخرى قال أشرف عبد العزيز إن كثيرين قالوا بان نسبة المشاركة ستكون ضعيفة في حين يرى هو أن المواطنين سيشاركون بقوة في هذه الانتخابات الرئاسية، والدليل على ذلك أن التجهيزات التي سخرت للانتخابات كانت كبيرة وستحفز الجزائريين للمشاركة بقوة مثل ما حدث مع الجالية الجزائرية في الخارج. كما أشاد الصحفي المصري أشرف عبد العزيز بعملية وضع كل مترشح لمندوب في قاعات الانتخاب وهو الأمر الذي سيجعل من الاستعانة بمراقبين دوليين أمرا لا ضرورة فيه حسبه. وأضاف قائلا ''الباب مفتوح أمام الجميع''. مؤكدا أنه يجب ترسيخ ثقافة المشاركة في الانتخابات في الوطن العربي. وبشأن رد فعل المواطن الجزائري على الانتخابات قال أشرف عبد العزيز إن الأجواء ايجابية وان برامج المرشحين تخدم المواطن الجزائري والذي عليه أن يستغل الفرصة للدفع بالرئيس المنتخب لتنفيذ برنامجه، خاصة وان الاستعدادات متوفرة، واعتبر اشرف عبد العزيز بأن الصحافة الجزائرية تعكس مدى الديمقراطية التي يتمتع بها الجزائريون والتي تختلف عن كثير من الدول العربية وان الجزائر كانت بصحافتها وسياستها سباقة في هذا المجال. أحمد مقعاش مراسل قناة ''بي بي سي'' العربية في الجزائر أعطينا حيزا هاما لرئاسيات الجزائر كيف تقيمون الحملة الانتخابية لرئاسيات 9002؟ الحملة الانتخابية لهذه الرئاسيات سارت بحسب قوة كل مرشح، وأعتقد أنه برزت في هذه الحملة بعض الأفكار الجيدة التي تسعى لتصحيح الأوضاع خاصة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي والاجتماعي، ويشترك في هذه الأفكار جميع المرشحين وهذه في اعتقادي من الأمور بالغة الأهمية لإحساس المرشحين بمطالب الشعب الجزائري للخروج من الأزمة. كيف تناولت الصحافة الوطنية برأيكم مجريات الحملة الانتخابية؟ الصحافة الجزائرية لم تهمل أي جانب في هذه الانتخابات وأدت ما عليها وأعتقد أنها لم تترك أي شاردة ولا واردة إلا وتناولتها واستطاعت التعمق في البرامج من قبل المرشحين وربطت ذلك برأي الشارع الذي يعد البارومتر الذي يحدد ما يجب التركيز عليه من قبل المرشحين. ماذا عن الصحافة الأجنبية هل أولت اهتماما لهذه الانتخابات؟ أنا كمراسل لقناة ال ''بي بي سي'' البريطانية حاولنا التعريف بكل المرشحين وببرامجهم السياسية وأعطينا حيزا في غاية الأهمية لبرامج المرشحين التي تعكس متطلبات الشعب وأعتقد أن قناة البي بي سي انفردت بهذا العمل الإعلامي عن باقي الفضائيات الأجنبية. رابح فيلالي مبعوث قناة الحرة الأمريكية إلى الجزائر: الجزائر أصبحت الجنة التي يعاد اكتشافها كيف تستقرئون المشهد السياسي الجزائري في ظل رئاسيات 9002؟ هناك مناخ مختلف اليوم في الجزائر التي أصبحت أكثر استقرارا مقارنة بالسنوات السابقة. الجزائريون أصبحوا أكثر أمانا اجتماعيا واقتصاديا، هذه تحولات حقيقية في الجزائر، هناك ما يشبه الجنة معاد اكتشافها في الجزائر بالنسبة للكثير من متصيدي مواسم الربح والمتنقلين بين عواصم عديدة في العالم، الجزائر هي الجنة التي يعاد اكتشافها، وكجزائريين قادمين من فترة إلى أخرى، هناك هذا التحول الذي لا يمكن للعين أن تتخطاه، هناك انتعاش للحياة الاجتماعية للجزائريين، هناك نوع من الأمان الذي تشعر به في حركة الناس والابتسامات الجميلة حتى ولو كانت خجولة بدل الإحساس بالموت الذي كان يسكن كل زاوية من المدينة في تلك السنوات التي غادرنا فيها البلد، فهناك أكثر من متغير إيجابي على الساحة. ماذا عن الجانب السياسي؟ عندما تأتي من بعيد يصعب عليك أن ترى بعض التفاصيل اليومية، من حيث المبدأ نجد أحزابا كانت ولا تزال قائمة. هناك رأي ورأي معارض في الخريطة السياسية في الجزائر، تنقلت إلى أكثر من تجمع انتخابي واحد واستمعت إلى مواطنين ومرشحين وقابلت أناسا يصنفون اليوم في الخارطة السياسية كمعارضين للسلطة كسعيد سعدي وعبد الله جاب الله بحزبيهما وهذه أصوات معارضة جدا الآن. قابلت زملاء مهنة آخرين منهم من يعتقد أنه يجب أن يقف في الخط الآخر تماما فالمبدأ موجود ومحترم. أنت كجزائري تعيش في المهجر (واشنطن) كيف تفسر الإقبال الكثيف للجالية الجزائرية على صناديق الاقتراع رغم نسبة مشاركتها الضعيفة في التشريعات الأخيرة؟ ما يعنيني هو الأرض هو القصة الجميلة التي سأحكيها لإبني عن هذا الوطن، فالأمر يعنيني من حيث المبدأ وأعتقد أن أغلب المهاجرين الجزائريين يفكرون في هذا الاتجاه ولذلك البعيد عن الأرض وعن المكان وعن التفاصيل اليومية، فإن للأرض رائحة خاصة في أنفه. ماذا تمثله هذه الانتخابات على الساحة الدولية إعلاميا وسياسيا؟ لا هي تمثل كأي انتخابات رئاسية في أي بلد آخر، بالتأكيد هي ليست الانتخابات ذات الوزن الذي يمكنه تغيير خارطة العالم الجيوسياسية، صحيح أن الجزائر بلد محوري على الخريطة الدولية، بلد يشكل قاعدة اقتصادية قوية جدا، وهو واحد من بين أكبر الدول المصدرة للنفط والغاز بل يتمتع بموقع جغرافي استراتيجي في علاقة شمال المتوسط بجنوبه، فمكانة الجزائر لا تحتاج إلى مفردات جديدة لإضافتها، هذه حقيقة قائمة، والدليل على أن هذه المناسبة ينظر إليها في الخارج باهتمام وجودي في الجزائر لتغطيتها وغيري من الزملاء الصحافيين موجودون في هذا البلد، فهي بالتأكيد مناسبة مهمة في رؤية أكثر من طرف وهي مناسبة مهمة في نظر شركاء وأصدقاء الجزائر في العالم. آخر كلمة؟ أتمنى لكم جميعا الخير. الصحفية فتيحة بوروينة مديرة مكتب صحيفة الرياض السعودية بالجزائر بعض الصحفيين الاجانب لم يتخلصوا من ''عقدة'' نجاح الجزائر كيف تعاملت في نظرك الصحافة الفرنسية مع رئاسيات الجزائر؟ فرنسا هي المستعمر القديم للجزائر والذي ظن يوما أننا لن نخرج من بوتقته فلا غرو أن يخضع بعض إعلامييها للإعتبارات السابقة فيتم استثمارها في تغطيات صحفية مثلما هو الحال بالنسبة لحدث الرئاسيات، فمثلا لم يتردد صحفيون فرنسيون في خضم مؤتمر صحفي نشطه المتنافسون على كرسي قصر المرادية من إقحام واقعة منع دخول مجلات فرنسية مثل "لاكسبراس'' و''ماريان'' وقبلهما ''آفريك أزي'' إلى الجزائر، وكذا قضية منع الحقوقية التونسية فتيحة بن سدرين من القدوم إلى الجزائر في موضوع الرئاسيات، وتوجيه هؤلاء الصحافيين ضربات إلى السلطة الجزائرية واتهامها بخرق حقوق الإنسان والتضييق على حرية الصحافة والتعبير، مع أن المواضيع التي نشرت في المجلات الممنوعة كانت تمس مباشرة المسألة الأمنية في الجزائر وكذا شخص الرئيس الباحث عن كل ما بإمكانه الدفع إلى مزيد من الاستقرار الداخلي . ماذا عن الصحافة العربية؟ عربيا المسألة تختلف تماما فما تزال ما نعتقده قواسم مشتركة بيننا نحن العرب من لغة وثقافة ودين يشفع لدى بعضنا البعض كإعلاميين وحكومات قبل ذلك في الشد على يد بعضنا البعض وتجاوز الهفوات والنقائص التي قد يجدها الإعلامي العربي في تغطية حدث مثل حدث الرئاسيات فتجده يبحث عن نقاط النور بدل النقاط السوداء التي تستهوي الإعلاميين الغربيين فيتعاملون مع الجزائر بكثير من الأمل بدل التشاؤم. ما هي الزوايا التي تختلف في تناولها الصحافة العربية لرئاسيات الجزائر مقارنة بالصحافة الغربية خاصة من الناحية المهنية؟ لا أرى اختلافا في مستوى واحترافية التغطية التي ينجزها الإعلامي العربي عن نظيره الغربي ربما مع فارق بسيط وهو الإمكانات والتجهيزات ولكن المضمون كمضمون فالأمر متماثل، لكن من ناحية الإمكانيات فالفارق واضح. لكن الملاحظ أن الصحافة العربية تطورت كثيرا من الناحية التقنية والتكنولوجية فأين يكمن الفرق بالضبط؟ لاحظنا أن الإعلاميين الغربيين الذين أوفدوا لتغطية الانتخابات الرئاسية في الجزائر لا يعبأون بالتجهيزات التي يوفرها المركز الدولي للصحفي من أجهزة إعلام آلي وأنترنيت وفاكس، لأن لديهم تجهيزات غاية في الدقة التكنولوجية تمنحهم ميزات نفتقدها نحن من سرعة متناهية في العمل. من خلال متابعتك للحملة الانتخابية كيف تقارنينها بالرئاسيات السابقة؟ مهما قيل عن رئاسيات 2009 من أن حملتها الانتخابية ستكون باهتة وخافتة وباردة على خلفية ما اعتبر معركة محسومة سلفا للمترشح عبد العزيز بوتفليقة فإن متابعتنا لعدد من التجمعات الشعبية التي نشطها منافسو الرئيس المنتهية عهدته ممن ظل الإعلام ينعتهم بالأرانب نجحوا هم كذلك في لفت انتباه الناس نحو تجمعاتهم رغم أن السطوة المالية الواضحة التي صنعت الفارق بين بوتفليقة ومنافسيه كبيرة، فإن حملة هذا العام كانت على درجة من الوهج الانتخابي الذي افتقدته رئاسيات 2004 و1999 حيث بات الناس لا يعبأون رغم عوزهم الاجتماعي وقلة حالهم بدعوات المقاطعة وظلوا يقفون بأنفسهم على خطابات المرشحين ولو فضولا. مصطفى د / ذهبية عبد القادر