أصدر بنك الجزائر (المركزي) ما كان ينتظره الكثير من المراقبين الماليين، بخصوص ملف التحويلات المالية إلى الخارج بالعملة الصعبة، البنك المركزي أكد في نظام جديد تضمنه عدد الجريدة الرسمية في عددها الأخير، على جملة من التدابير الرقابية تضطلع بها البنوك العمومية والأجنبية تفاديا لما كان يعتبر "تهريب مقنن" للأموال من طرف الأشخاص الأجانب والشركات الأجنبية التي تعمل في السوق في شتى المجالات وبالأخص قطاع الاستيراد. ومن التقييدات البارزة إجبار أصحاب الحسابات بالعملة الصعبة من الأجانب سواء كانوا أفرادا او شركات، مقيمين أو غير مقيمين في الجزائر بصفة دائمة، أن لا تكون أرصدة حساباتهم في وضعية المدين، كما يلزمهم بأن يقتصر تمويلها أو تزويدها إما عن طريق التحويل من الخارج، أو التحويل من حساب بالعملة الصعبة أو بالدينار القابل للتحويل من بنك عمومي أو أجنبي يخضع للقانون الجزائري. أولى بوادر اللجوء إلى مزيد من التقييد في هذا المجال، برزت فور إعادة تكليف أحمد اويحيى برئاسة الطاقم الحكومي العام الماضي، خلفا لعبد العزيز بلخادم، ومع بداية ظهور أولى تداعيات الأزمة المالية العالمية، فقد أشار وقتها أويحيى إلى انه لا يعقل في بلد مثل الجزائر، لا تستقر فيه فاتورة الاستيراد عند سقف محدد، بل إنها تزداد من عام لآخر بشكل سريع في ظل استقرار واضح للقدرة الشرائية للمواطنين، وأيضا بقاء معدلات البطالة عند مستوياته الرسمية 11 في المئة. ودلت تحريات قامت بها أجهزة الأمن المختصة،إلى تحول المئات من المستوردين وغالبيتهم من الأجانب إلى مهربين يحميهم القانون للأموال بالعملة الصعبة.. بواسطة تسديدات لواردات تتم فوترتها بقيم مبالغ فيها في كثير من الأحيان أو يتم استيرادها بأحجام وكميات ضخمة تتجاوز طاقة السوق الوطنية. الحقيقة الأخرى التي جاء هذا القانون لوضع حد لها، ظاهرة تحويل العاملين الأجانب للأموال إلى بلدانهم الأصلية، خاصة في ظل ارتفاع عدد هؤلاء، على حساب اليد العاملة الجزائرية. آخر معلومة صادرة من وزارة العمل والضمان الاجتماعي تفيد أن الوزير الطيب لوح رفض الترخيص لشركتين أجنبيتين بجلب عمال أجانب للعمل في ورشاتها هنا في الجزائر. وتلجأ تلك الشركات الأجنبية مستغلة الفراغ القانوني الذي كان سائدا لتحويل الأموال عبر بوابة تضخيم أرقام الرواتب لعمالها باستثناء الجزائريين الذي يقبضون رواتبا أقل بثلاث مرات من نظرائهم الأجانب. الحقيقة أن هذا التقييد الجديد لن يكون له أدنى تأثير لو لم تتكفل البنوك بتطبيقه دون تضييع الوقت في تفسير مواده. الشيء الأكيد، حسب النظام الجديد الموقع من طرف المحافظ محمد لكصاسي، والذي لا يستثني إلا دولة واحدة لا تعترف بها الجزائر، ويتعلق الأمر بإسرائيل.. يطلق يد الجهات الرقابية سواء كانت على مستوى المفتشية العامة للمالية، أو البنوك، أو فرقة التحقيقات الأمنية الاقتصادية، التابعة لوزارة الداخلية أو للدرك الوطني، في العمل بحرية دون المساس بسرية المعلومات الخاصة، لأصحاب الحسابات البنكية بالعملة الصعبة، بغرض التأكد من احترامها لقانون الوقاية من الفساد وتمويل الإرهاب ومكافحتهما الصادر في فيفري 2005.