منذ مدة صدر تقرير يتحدث عن إمكانية استخدام العامية والدارجة كلغة اتصالية بين جمهور قراء ومستمعي ومشاهدي وسائل الإعلام الجماهيرية الجزائرية ،وإمكانية أن تتحول الدارجة الجزائرية الى لغة اتصالية عربية كما هو الشأن بالنسبة للهجة المصرية واللهجة السورية واللبنانية. وحاليا نسبيا اللهجة الخليجية لأن هناك إغراق للمادة الإعلامية العامية الدارجة عند المستهلك الجزائري خصوصا وأن الفضائيات التي تغزو حاليا الأسر الجزائرية في أغلبيتها قنوات تلفزيونية وإذاعات مشرقية تستخدم العامية سواء في الأفلام أو المسرحيات أو الأغاني وحتى في الأحاديث الصحفية المشهورة ،ويعتقد بعض الجزائريين أنه بالإمكان تعويد أذن المستمع والمشاهد على العامية الجزائرية لدرجة تتحول معها الى لغة وكأنها فصحى رغم إشكالية الدارجة الجزائرية بين المدن الجزائرية ووجود الأمازيغيات المتعددة وطغيان الكلمات الفرنسية على الدارجة الجزائرية. إن الحديث عن سيادة الدارجة في وسائل الإعلام الجماهيرية هي دعوة قديمة لم تنجح، سعت بعض الشخصيات المثقفة ثقافة فرنسية إلى استخدامها كحجة لإمكانية التواصل بين الجزائريين بعدما فشلت الدعوة الى استخدام الفرنسية كبديل لصراع وهمي غير حقيقي بين الأمازيغية والعربية الفصحى وتبين استحالة أن تنجح وسائل الإعلام الجماهيرية سواء في الصحافة المكتوبة أو الإذاعات أو القنوات التلفزيوينة لأنه لا توجد قواسم مشتركة لهذا النوع من العامية بين الجزائر العاصمة والمنطقة الغربية وبين الجنوب عن الشرق وبين سكان المدن الساحلية عن سكان الهضاب العليا والأمثلة كثيرة، وتقول بعض التقارير الفرنسية أن الجزائر التي تعد أكبر دولة فرانكفونية تراجعت اللغة الفرنسية فيها إلى درجة كبيرة رغم إصلاحات بن زاغو ومحاولات وزير التربية أبوبكر بن بوزيد إعطاء الأولوية للغة الفرنسية في المستويات الإبتدائية والمتوسطة والثانوية ، وفي الجامعات الجزائرية يلاحظ كذلك تراجع رهيب للفرنسية والأساتذة الذين يدرسون اللغة الفرنسية في تخصصات العلوم الاجتماعية يؤكدون ذلك، والأمر يكاد يكون متشابها بالنسبة للغة العربية الفصحى التي تراجعت بسبب ظروف التكوين وضعف المقروئية وطغيان الفكر المادي والمستقبلي والنقطة والشهادة على حساب نوعية التكوين، بعدما أكدت دراسات أن الطالب الجامعي في تخصصات العلوم الإنسانية والاجتماعية لا يقرأ طيلة أربع سنوات من الدراسة كتابا كاملا في تخصصه وأن البحوث التي تنجز هي عبارة عن استنساخ لبحوث أنجزت من قبل ،وحتى رسائل الماجستير والدكتواره فقدت نوعا من هيبتها بسبب طغيان الجوانب القانونية على الدرجة العلمية والمنهجية العلمية فأصبح الكثير يلهث وراء الشهادة للحصول على ترقية ورتبة تسمح له بالحصول على بعض الامتيازات النسبية، أما التحصيل العلمي فيترك لوقت لا حق. في وسائل الإعلام الجزائرية هناك استخدام نسبي للدارجة في بعض وسائل الإعلام الجماهيرية ولاسيما في الإذاعات المحلية إذا ما راعينا خصوصية كل منطقة لاسيما وأن الإذاعة الجزائرية مقبلة على تجربة إنشاء 48 إذاعة من الولايات التي تضم الجزائر ، وفي هذه الحالة يمكن القول أنه بالإمكان التوفيق بين الدارجة والفصحى ولكن ليس على حساب اللغة العربية الفصحى التي تعد الأداة الرئيسية الأولى التي تجمع الشعوب العربية ،والدليل على ذلك أن المشاهد الجزائري يتفاعل بطريقة إيجابية مع البرامج التي تعتمد على الفصحى أكثر من الدارجة ومن تلك الأمثلة روائع الرسالة وعمر المختار للراحل مصطفى العقاد أو روائع غناء فيروز و ماجدة الرومي وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وشعر نزار القباني أو محمود درويش ، مقابل تفاعل واستهلاك نسبي لأفلام وأغاني سريعة التلف آنية باللغات العامية للبلدان الصادرة فيها ومنها على وجه خاص مصر وسوريا وبنسبة أقل لبنان في الأغاني والحصص الترفيهية . في رسالة ماجستير تحت عنوان العامية و الفصحى و إشكالية التلقي لدى جمهور الإذاعة الجهوية للزميل فارس طباش قال الباحث أنه من بين الاستنتاجات العامة التي توصل إليها هو عدم التعرض والتفاعل مع المستوى الثاني من اللغة العربية أي العامية ينجم حسب المبحوثين ، عندما يتضمن الخطاب الإعلامي الموجه لهم سياقات وصيغ لا تتطابق مع الرموز الأصلية للعامية ... فتحمل مثلا بعض المفردات و الألفاظ الأجنبية التي تجعل الكثير من الأفراد المتلقين لا يتعرضون للمضامين والمحتويات التي تستخدمها وتوظفها العامية وذلك نتيجة عدم فهمهم لمثل هذه الرموز التي لا تتطابق مع نموذجهم اللغوي الذي يتعاملون به في سياقاتهم الاجتماعية ، فالعامية استخدامها ممكن إذا تو توظيفها في سياقات محددة وباستخدام رموز واضحة ومتفق عليها اجتماعيا وذا صلة باللغة الأم ،وعكس ذلك ينجم عنه إشكال التلقي وعدم الفهم وبالتالي عدم حدوث التفاعل مع الرسالة التي توظف هذا المستوى اللغوي،وهذا يعني استثمار وهمي وضياع الرسالة الإعلامية ومن وراءها قيم وأهداف كان بالإمكان أن تحدث الأثر الإيجابي في نفسية المتلقي لأن العلاقة بين المرسل والرسالة والمتلقي يجب أن تنتهي برجع صدى إيجابي مخطط لها من قبل صانع القرار. فاتح لعقاب